صبحي شبانة ">
يمكننا القول إن السعودية في عهد الملك سلمان الذي يمر عام على توليه مقاليد الحكم يوم غد الأربعاء 13 يناير، قد نجحت في محاصرة إيران، والقضاء على الحلم الفارسي في امبراطورية يمتد نفوذها على مساحة واسعة من الجغرافية العربية، لقد بدأ العاهل السعودي عهده بعاصفة الحزم التي استطاع من خلال التحالف العربي أن يقضي على الحوثيين حلفاء إيران في اليمن، بعد ما تباهى ملالي إيران بأن الإمبراطورية الفارسية باتت أمراً واقعاً، وأن إيران تحكم أربع عواصم عربية وأن بغداد أصبحت عاصمة الدولة الصفوية الجديدة، وأن الضربة الثانية التي وجهتها السعودية إلى إيران جاءت بعد إعدام 47 إرهابياً، بينهم أربعة من الشيعة السعوديين، ولما كانت المملكة تتوقع ردة الفعل الإيرانية التي تحققت بالاعتداء على السفارة السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد، لذا استعدت المملكة لمواجهة الحماقة الإيرانية جيداً بضمان تأييد ودعم عربي وإسلامي كبير سبق تنفيذ حكم الإعدام بمباحثات سعودية تركية، ومباحثات سعودية مصرية، عرضت المملكة خلالها مبادرة للصلح وتضييق الهوة بين مصر وتركيا، توطئة لتأسيس مثلث سني قوي قادر يضم كتلة بشرية ضخمة وقدرات اقتصادية هائلة يتشكل من مصر والسعودية وتركيا، وهو ما سوف يحدث في الفترة المقبلة.
الدعم المصري والعربي والإسلامي غير المحدود للموقف السعودي جاء سريعاً وقوياً، حيث أعلنت مصر عن دعمها للموقف السعودي منذ اللحظة الأولى، وأكد وزير الخارجية سامح شكري على الثوابت المصرية، في أن أمن السعودية والخليج من أمن مصر، وأن أي تهديد للملكة هو تهديد لمصر، وأن المصير المشترك يجمع بين السعودية ومصر، موقف داعم وقوي أبدته الدبلوماسية المصرية طيلة الأسبوع الماضي ألجم إيران، وأربك ملاليها في طهران ومشهد وقم، كما قطعت عدد من الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية بإيران مثل البحرين والإمارات والكويت والسودان واكتفت قطر وسلطنة عمان والأردن بإدانة الاعتداء الإيراني على البعثة الدبلوماسية السعودية.
إيران المحاصرة، المعزولة التي ظن قادتها أن الاتفاق النووي مع الغرب منتصف العام الماضي سيضمن لها الهيمنة على المنطقة، إيران التي كانت تستعد لتصدير أول شحناتها من النفط الأسبوع الماضي بعد انتهاء الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً عليها لأكثر من ثلاثين عاماً، وجدت نفسها محاصرة ومعزولة من دول الجوار بسبب أخطاء السياسة الإيرانية، وهمجية الملالي وأشياعهم في قم ومشهد، إيران استفاقت على كابوس لا ينتهي، السعودية بقوتها الروحية والاقتصادية أحكمت قبضتها على إيران، الكثير من الدول أعلنت تأييدها للمملكة في تعاضد عربي.
هل تبحث إيران عن الخروج من المأزق الراهن؟ الإجابة هي: نعم. هل يكفي السعودية الاعتذار الإيراني في الأمم المتحدة؟ أو من خاتمي وروحاني ومن على شاكلتهم، بالتأكيد لا، المملكة التي حققت نصراً على إيران في اليمن، تريد أن تكف إيران يدها عن التدخل في شؤون الدول العربية، وأن تخرج من سوريا، ومن العراق، من لبنان، تريد المملكة ومن خلفها الأمة العربية أن تحيا إيران داخل حدودها شرق الخليج العربي، السعودية الحالية لديها من جرأة الفعل، وسرعة رد الفعل، أن ترفع عصاها الغليظة في وجه إيران ووكلائها في المنطقة، وقد فعلت، السعودية الجديدة تريد استعادة المجد العربي الضائع.
إيران التي تبحث عن الخروج من المأزق وجدت ضالتها في وساطة (لم تقنع السعوديين) عبر وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري، الذي أبدى رغبة بلاده أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في طهران التدخل لإنهاء حالة التوتر المتصاعدة بين السعودية وإيران، وقال وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إن العراق قرر التحرك لإنهاء التوتر بين إيران والسعودية «مشيراً إلى أنه لا يمكن للعراق أن يقف ساكتاً وحيادياً إزاء هذا التوتر الذي قد يثير تداعيات واسعة على حد قوله، هذا في الوقت الذي عبر فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن صدمته الشديدة لإعدام النمر ووصف الأمر بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، لكنه لم يدين همجية إيران في حرق وسرقة السفارة والقنصلية السعودية في إيران، وهذا هو ما دعا السعوديين للاستخفاف بالوساطة العراقية المزمعة في مواقع التواصل الاجتماعي في تويتر والفيسبوك، إذ يعتبر السعوديون الحكومة العراقية الشيعية حليفة لإيران، والعراق منزوع السيادة بحكم التدخل الإيراني الفج في الشأن العراقي الداخلي، كما أعلنت روسيا من جانبها عن استعدادها للوساطة لحل الخلافات بين السعودية وإيران.
السعودية قالت إن زمن الفوضى الإيرانية انتهي، على إيران أن تعي أن عهد الملك سلمان هو بداية عصر جديد للأمة العربية التي ظنت إيران ومن خلفها الغرب أنها أمة ماتت، العرب قالوا لا مدوية لإيران، على إيران أن تستوعب دروس الماضي وعبرات التاريخ، فهل يخرج من بين الإيرانين رجل رشيد يعيد إيران إلى محيطها الإسلامي وجيرانها العرب؟
- مدير مكتب روز اليوسف بالرياض