الجزيرة - غدير الطيار:
شدَّد مختصون في علم النفس التربوي على أهمية تنمية مهارات إدارة الذات لدى الطلاب والطالبات والأطفال مؤكدين دورها في تنظيم الوقت، وتعويد الأبناء على الاعتماد على الذات، وتحمل المسؤولية، والتعامل على نحو واع مع ممارساته اليومية. واعتبروا مهارة إدارة الذات لبنة مهمة وأساساً راسخاً لاكتساب المهارات الأخرى، وأكدوا أن تمتع النشء بمهارة إدارة الذات يجعلهم أكثر قابلية للتفاعل الإيجابي مع المجتمع.
حول مفهوم إدارة الذات تقول مريم القاسم (مشرفة تربوية): هو اتجاهات الشخص وقدراته في التعبير عن مشاعره وأفكاره وتوجيه إمكانياته نحو الهدف الذي يصبو إلى تحقيقه، كما يصفها بعضهم بالعمليات النفسية التي تحكم السلوك.
وفي الإطار نفسه ترى المرشدة الطلابية نورة النشمي الزهراني أن إدارة الذات هي أن تعرف الطالبة ما لها وما عليها، وأن تكون ذات شخصية واعية مستقلة، لا تتبع غيرها، ولا تخضع للآخرين.
وعن سبل تنمية هذه المهارة تشير القاسم إلى عدد من الطرق، هي: قراءة الكتب التي تحفز على ذلك، أو قراءة مختلف الموضوعات، سواء في الإنترنت أو غيرها من الوسائل التي تتطرق بالبحث والدراسة إلى موضوعات التفوق والإنجازات في مختلف المجالات، فضلاً عن البحث عن أنجع الوسائل في حل المشكلات التي تعيق دافع التطلع والطموحات التي توجد في داخل كل طالب أو طالبة، ويسعى إلى تحقيقها.
أما عن أثرها على الطلاب والطالبات فتشير النشمي إلى: تعزيز التفكير الإيجابي، ومعرفة كيفية استخدام الأساليب التي تصل بك إلى نتائج إيجابية في الارتقاء بحياتهم، وتطوير السلوكيات السليمة لديهم، فضلاً عن تنمية الإدراك. وهي تلك العملية العقلية التي يتعرف بها الإنسان على عالمه الخارجي. فإدارة الذات - حسب النشمي - تشكّل حماية للعقل والروح والجسد؛ وبالتالي تسهم في صناعة جيل واع وواثق من نفسه. أما سبل تنمية هذه المهارة فيتمثل بعضها في الدورات التوعوية، وورش العمل، واستقطاب أهل الخبرة والعلم. مضيفة: هناك اتجاهات مختلفة لتنمية المهارات الشخصية والسلوكية للطلاب والطالبات، وتعزيز القيم الإسلامية والمبادئ. فبعض طالباتنا لديهن وعي ذاتي كبير بفعل التنشئة الصحيحة منذ الصغر، ووعي الطالبة بذاتها عند سن الرشد.
وفي سياق غير بعيد تقول مريم عوض العتيبي (مشرفة كشف وقياس في إدارة الموهوبات): إن واقع طلابنا فيما يتعلق بمهارة إدارة الذات ينقصه الكثير، ويظل بحاجة إلى التدريب عليها، بوصفها مهارة ضرورية للحياة بشكل صحيح وهادف.
مشيرة إلى قدرة الفرد على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الأهداف التي يصبو إلى تحقيقها. فالذات إذا هي ما يملكه الشخص من مشاعر وأفكار وإمكانات وقدرات.. وإدارتها تعني استغلال ذلك كله في تحقيق الأهداف. وهذه القدرات منها ما هو موجود بداخلك بالفعل، ومنها ما هو مكتسب بالممارسة والمران، التي منها: (كيف تحدد أهدافك؟ كيف تنظم وقتك؟ كيف تكتسب الثقة بنفسك؟ كيف تتقن فن التركيز؟ كيف تفكر بطريقة صحيحة؟ كيف تتخذ قرارك؟.. والكثير من المهارات). وإذا أتقن الطلاب هذه المهارات فسيتمكنون من الحصول بسهولة على وسائل النجاح في الحياة، وستساعدهم هذه المهارات على الوصول إلى أهدافهم بشكل صحيح، وفي وقت قصير، وتؤدي بهم إلى التوافق النفسي والاجتماعي.
أما آليات تنمية مهارة إدارة الذات فتكمن في التدريب المبكر، وإلحاق الطلاب بالدورات المتخصصة والبرامج التي تساعدهم على إدارة ذاتهم، كبرنامج فطن الوقائي، وغيره من البرامج المفيدة.
أما أستاذ الإدارة بجامعة الملك سعود د. ناصر بن إبراهيم آل تويم فيقول: الإدارة باختصار تعني مجموع الأنشطة المرتبطة بتخطيط وتنظيم وتوجيه ومراقبة استخدام الموارد البشرية والمادية المتاحة لتحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية. أما الذات فهي الاتجاهات والمشاعر والسلوكيات؛ وبالتالي فإن قدرة الشخص على إدارة مشاعره ومن ثم سلوكياته بكفاءة عالية وفعالية تساهم في صناعة نجاحه، سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى الكيانات التي يكون هو مسؤولاً عنها، عائلياً أو مؤسسياً. وعندما يتمكن الإنسان من إدارة ذاته بكفاءة وفعالية فإنه بالتأكيد يصنع النجاح، ليس فقط لنفسه وإنما لعائلته ومجتمعه ووطنه، بل لأمته إذا كان صاحب همه. قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -: «من كبرت همته كبر اهتمامه». كما قال: «قدر الرجل على قدر همته». وقد ورد عنه كذلك «من صغرت همته بطلت فضيلته».
وعن الأبعاد الأساسية التي يجب أن تؤخذ بالاعتبار في إدارة الذات يشير آل تويم إلى البعد الروحي، وهو إدارة العلاقة مع الله وفقاً لشرع الله القويم، وتقوية تلك العلاقة. والبُعد الاجتماعي، وهو تقوية العلاقات أسرياً ومع الناس والمجتمع. والبعد الجسدي، وهو المحافظة على الجسم من المهددات الصحية. إضافة إلى البعد الفكري، وهو المحافظة على المهددات الفكرية، سواء ثقافية أو دينية منحرفة. ولفت إلى أن برنامج فطن تأخر كثيراً في الظهور، لكنه أتى لكي يسد فراغاً فكرياً وقائياً في مختلف الأبعاد التي ذُكرت آنفاً، وبالأخص هو أهم البرامج الوقائية التكاملية الذي يوظف منتجات عدة تلائم الشريحة الأكثر من الطلاب. مشيراً إلى التدريب النوعي والتثقيف الموجه الرشيد والمسابقات الهادفة الجاذبة والاستشارات الفكرية.
ويختتم الدكتور في جامعة الملك سعود زيد بن عبد الله العثمان حول تأثير مهارة إدارة الذات على الطلاب والنشء بأنها تمكنهم من تحمل المسؤولية، وتعزز لديهم سمة الاعتماد على الذات، كما تسهم في تنمية القدرات الذهنية من خلال الاطلاع والقراءات الجيدة. مشيداً في الوقت نفسه بالبرنامج الوطني لوقاية الطلاب والطالبات من الانحرافات الفكرية والسلوكية «فطن» معولاً عليه في الحد من تنامي ظاهرة التطرف والإرهاب. لافتاً إلى أن برامجه تؤدي إلى تعزيز القدرات والمهارات الحياتية للطلاب.