عام في حساب قيادة الأوطان زمن قصير جداً، لا يعطي مادة للتقييم المنصف، فمن طبيعة الحكومات في كل بلاد الدنيا أن يكون حصاد الإنجاز بعد انقضاء فترة تولى السلطة، تتنوع الدساتير والشعوب ويبقى الحكم على القائد لوناً واحداً في الشرق أو الغرب: أنجز المسؤول ما وعد به أو لم ينجز؟.. تقليد سياسي متبع. كتبت عبارات الشكر فيه مسبقاً للزعيم الناجح، وكذلك حضرت كلمات السخط المسبقة ليواجه بها من فشل، ويبقى الزمن لعبة انتظار.. وبعدها يعلن الشعب عن شكره أو سخطه.. هكذا هو حال التقليد لوصف الزعامات التقليدية.
سلمان ليس زعيماً تقليدياً تحسب إنجازاته بنفس زمن الزعامات التقليدية، فانقضاء عام بحسابات الزعماء الاستثنائيين تاريخ يشيد به مجد وتحفظ كرامة، فابن مؤسس التاريخ السعودي الحديث إنجازه تاريخ يفصل مرحلة عن مرحلة، ليكون حكمه درساً عبقرياً في التاريخ.. فالطريق يقف في منحنياته رجال عظام من محمد بن سعود الأول الذي جعل من الإسلام هوية تقرأ على الأرض ودعوة هزت أركان العواصم التي يعبد بها الأشخاص من دون الله.. وفي الطريق عبدالعزيز الذي أعاد للتاريخ السعودي صفحاته المنهوبة التي كانت بيد جاهل وعابث ومغتصب، فحماها؛ وأضاف لها سيرة بطولة كتبت بدم وحسم وعزم.. حالة تفرد اخترقت الزمن ليكون للوطن زمناً لا يغيب بعد حاكم أو انقلاب حليف.. فعبدالعزيز تاريخ حضارة وليس حضارة تاريخ، فكر وعمل وبنى، ثم جاء التاريخ ليكون إنجازاً وحضارة.
سلمان ابن هذا التاريخ حفظه شبلاً وعمل به يافعاً وانتصر به وله رجلاً وحاكماً، تاريخ دين ومقدسات، تكون فيه السياسة خادمة لطهارة المعتقد والاقتصاد وسيلة للعبادة، والإنسان حرّ في كرامته إلا من الدين.
نجدته لليمن نجدة تاريخ تستعصي على الذل والخيانة «فأخو نورة» لا يحسب مكاسبه وخساراته بالمال، بل بشرف النخوة واستغاثة المظلوم، درس التاريخ، حازم لا يرضى إلا بالقرار الحازم الذي يعصف بالمؤامرات والدسائس وحقارة الرجال الضعفاء.. فعندما أعلن سلمان نصرة أشقائه في اليمن «عاصفة الحزم»، أحضر التاريخ عبدالعزيز لقيادة المعركة وتعالت الدعوات والنخوات بأسماء سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله وسلطان ونايف؛ مجد لا يموت.. وجاء زمانه، فعندما يستفز الوطن يلجأ بفطره إلى ذخيرته التاريخية ليكون النصر تاريخاً، والتضحية تاريخاً والمكسب تاريخاً.
فعام على تولي قيادة الوطن السعودي عام يقيم بأحداث التاريخ وليس بإنجاز إداري أو بمشروع تنموي يبنى هنا أو هناك، وهذا ليس تجاوزاً على مطالب الحياة وهي موجودة، ولكنه وصف لقياسات الوطن التي لا تضيق إلا بالتاريخ ولا تتوسع إلا به أيضاً،كيف ذلك؟.. عندما جاء قرار الحرب على المشروع الإيراني في اليمن استرد العرب كرامتهم المغلوبة، وأنشد الشعب العربي كله باسم سلمان.. مقاس الكرامة مقاس الوطن، فسلمان تاريخ نخوة من محمد بن سعود إلى سلمان، فهل فترة عام منصفة لتقييم سلمان؟!.
المهندس/ سعود بن ماجد بن عبدالعزيز الفيصل الدويش - الرئيس السابق لشركة الاتصالات السعودية