ميسون يا صديقتي وقد بكيتك ومحبوك بعدد أمطار السماء!
يا سفينتي التي غرقت
يا جزيرتي التي استحالت بركاناً من الألم!
يا نهري الذي جف وتشرخت أرضه
يا نبتتي التي اجتثت من أرضي وتعلقت عيناي بجذورها!
يا غيمتي التي تبخرت
قولي إنهم يكذبون!
أخالك تقولينها
تلوحين بيديك وتتسع عيناك المشعتان، وتبتسمين
أكاد أتحسس كفك الحنون يربت علي، يدفعني لأكون أكثر احتمالاً!
أسمعك تحصنيني بآيات الرقية، تتمتمين بالدعوات لعلك تخففين ارتياعي لفقدك
أنت من يقذف الماء في حلقي الذي تيبس! هذا الذراع هو ذراعك يحيطني ويسندني
ألم تفعلي ذلك مراراً؟
هو ذاك صوتك المميز يقولني، يستحثني لأكون أكثر ثباتاً، يقذف الكلمات في أذني، أشعر بسخونتها تحيطني..
أكاد أراك هكذا فلم يقولوا رحلت؟
يا لهذا الفراق السريع ولم أكد أفرح بعودتي لك بعد سنوات غربتي الطويلة!
حين كنت الحاضرة الغائبة، الشخص الذي لا ينسى، المخلوق الذي يزرع حبه في القلب سريعاً، البسمة التي ترحل معها كل المعوقات
الداعية المخلصة للبذل والعطاء وحسن التوكل على الله تعالى..
أين أخبئ ذكرياتنا كل تلك السنوات؟
أشياؤك الصغيرة وحكايانا الكثيرة؟ لا شيء لدي يتسع لكل ذلك ولم يعد بالقلب طاقة إلا لحبك!
كثير علي ألا يبقى لي منك الا نبش الذكريات العنيدة وهي تنهش أكثر مما تريح..
أي ذكرى يا حبيبتي!
كنت ترسمين أحلاماً عريضة تعملين وتدرسين وأمًا ناجحة بكل المقاييس وأكثر، بلسم للأصدقاء وعون للفقراء، بارة بوالديك، فاتحة ذراعيك للجميع..
هل تذكرين الثناء الذي يفوق الوصف الذي قالوه عنك؟ مجد واسع كنت تعيشينه وتخططين للمزيد، شباب مفعم بالكثير، وآمال عريضة ضخمة
هكذا انطوت سريعاً وفرغت من أيدينا ومن كل هذا؟
يا لطعم الدنيا الذي تغير بعدك والكل يتساءل دور من في الرحيل؟ كم سنعيش بعدك؟ هذه موعظة أخرى، درس حي تلقينه رغم غيابك، حكمة مضافة من عالمك الآخر نعرفها ولا نتمثلها ونعيشها كما يجب، أنت نافعة دائماً حتى وأنت غائبة ،سحابة ماطرة أينما تكونين!
آمنت بقضائك يارب..
وأعلم أن لا لقاء في دنيا الفناء أعلم أنني لن أقول: سأهاتف ميسون لتجد لي حلاً أو لتريحني أو لأقضي معها وقتاً ماتعاً رفقة الصديقات رغم ندرتها، ولا لنفكر في مخرج لمشكلة التفرغ لدراستك الذي أبوا أن يمنحوك إياه رغم أحقيتك فقد فرغت من يدي ومن الدنيا كلها لكنني موقنة باللقاء الدائم بفضل الكريم الحنان المنان..
أليست دعوتك دائماً: ربي يجمعنا على سرر متقابلين؟