فرح الميموني ">
في عصر التكنولوجيا والتطوُّر السريع أصبح من السهل على المعلم إعداد طالب يسعى وراء الإبداع والابتكار. فشريحة كبيرة من أبناء البلاد لديهم القدرة على الاختراع وتقديم الجديد والمفيد، لكنهم لا يجدون من يوجههم ويأخذ بأيديهم. وهنا يكمن دور المعلم الناجح المحب لمهنته والمستشعر بالمسؤولية تجاه ما يقوم به. فما الفائدة من دور المعلم إذا كان جل اهتمامه إتمام المنهج وتسليم نتائج الاختبار، وليس مراعاة من جلسوا في مقاعد فصله ولم يتغيروا أو يتطوروا خلال عام كامل تحت يديه. وهنا يأتي السؤال: كيف يصبح المعلم مصدر إلهام، يحرك فكر طلابه؟ يبدأ المعلم بكسب ثقة طلابه واحترامهم بأن تكون أهدافه واضحة ومحدودة، وأن يكون محايداً متقبلاً لاختلاف آراء ووجهات النظر، وأن يكون ملماً بالمادة العلمية، ومطلعاً على كل ما هو جديد. وهذا يشمل إلمامه بتكنولوجيا التعليم الحديثة، مثل برنامج (الإندنوت، الفصل المقلوب)، وتوظيفها في دروسه؛ فهو بذلك يحاكي أبناء هذا الجيل؛ ما يزيد من شعبيته، وقبول طلابه له ولإرشاداته.
ويفضل أن يعامل المعلم طلابه على أنهم ناضجون فكرياً وعقلياً، ويبتعد عن تلقينهم المعلومة. فكلما ساعد المعلم طلابه على البحث والاستكشاف صنع جيلاً مبادراً وفعّالاً. ويستطيع المعلم التأثير على طلابه، ودفعهم نحو الإبداع من خلال عمله، بوصفه قدوة في جوانب متعددة، منها:
- مواكبة العصر والتجديد:
الفصل الإلكتروني يسهّل مهمة البحث والتعلم الذاتي لدى الطالب، ويبعد المعلم عن الرتابة والتقليدية. فدور المعلم بوصفه موجِّهاً يترك أثراً أكبر على تعلم الطالب من التلقين، ويغرس فيه الدافعية للتعلم والابتكار. ويستطيع المعلم اكتشاف وسائل وأدوات تعليمية جديدة عن طريق الكثير من الموارد الرقمية والتطبيقات التعليمية ووسائل التكنولوجيا، مثل شبكة التعلم الاجتماعية المجانية (إدمودو)، التي صُممت خصيصاً لخدمة مهنة التعليم. فالمنصات الاجتماعية التعليمية تقرّب الطلاب من معلميهم، وتجعلهم ملمين بكل ما هو جديد في مجالات متعددة. ويمكن للطالب مشاركة أفكاره ومناقشتها مع معلمه وزملائه في بيئة مغلقة وآمنة، ما يشجع الجميع على الإدلاء بآرائهم، والخروج من المناقشة بفكرة جديدة مبتكرة.
- تحفيز الطلاب على المبادرة والمشاركة في الفعاليات والمسابقات:
يقوم المعلم الناجح المؤثر بمساعدة طلابه على اكتشاف مواهبهم ورغباتهم وميولهم، وتوجيههم إلى المسار الصحيح، ثم يشجعهم على نشر أبحاثهم أو إنجازاتهم في محافل عالمية.
- تذليل الصعوبات المتعددة أمام الطالب:
يواجه الطلبة العديد من الصعوبات التي تقف عائقاً أمام نجاحهم وتألقهم، منها الاجتماعي والنفسي والمادي.
أما الأسباب الاجتماعية فهي الأفكار والطاقات السلبية التي يبثها الأهل والأصدقاء، والتي تشل أفكارهم وقدرتهم على الإنجاز. فالمعلم بإيجابياته وثقته بقدرة طلابه، ودعمهم بالتشجيع والتحفيز الدائم، وبث روح العزيمة في نفوسهم، يستطيع مساعدتهم على تجاوز الأصوات المحبطة.
أما المعيقات النفسية فهي الخجل، وعدم الثقة بالنفس، والخوف من الفشل. فالمعلم بفهمه لشخصيات طلابه يستطيع إزالة ما بداخلهم من خجل وعدم ثقة تحول بينهم وبين المشاركة في الإبداع والابتكار.
وقد تقف الصعوبات المادية أمام إنجازات الطالب؛ فلا يتسنى له القدرة على اقتناء المراجع، أو زيارة المكتبة، أو توفير خدمة الإنترنت.. فبإمكان المعلم توفير المصادر والمراجع والبيئة الصفية التي يحتاج إليها الطالب.
ختاماً، أبناؤنا يحملون من الإمكانات والقدرات الشيء الكثير، لكنهم يحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم؛ فكن أنت أيها المعلم من يصنع ذلك الإبداع والابتكار.