خلق الله البشر والشجر والحجر والطير والحيوان وكل شيء بمشيئته، وأودع في كل شيء ناموس طبائع طبعه. وسبب جل شأنه، لخلق الثقلين - الجن والإنس - لعبادته تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات وما لا يحيط العقل البشري بتكوينه وكينونته لا يمكن تصور كيفيته. إلا أن الجن قرناء البشر من حيث التكليف للأسباب «عبادة لله» وحينما كان التكليف أفعل ولا تفعل، مخيراً بالإلهام جعل سبحانه وتعالى الغاية من الفعل بلوغ النتيجة الموعودة بالحياة الأبدية (جنة) برحمته وكرمة، أو (نار) يستقر بها للمعصية إلا من تجاوز الله عنه بعفوه ورحمته. الإنسان تبدأ حياته حين ولادته لحظة وضعه في قبره، بعد نفاد فترة المتاع. {وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} (185) سورة آل عمران، ليعيش حياته الأبدية التي قدم لها أثناء عبوره مرحلة المتاع باختياره بين أفعل ولا تفعل. وبما أن الإنسان عاقل مخير، فهو ملهم نتيجة كل خيار يختاره من إفعل ولا تفعل.»ونفس وما سواها {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (8 - 10) سورة الشمس، وفيه من كفاية الأدلة ما يكفي من أن لا بشر منذ آدم عليه السلام حتى آخر عابر لمرحلة المتاع (الدنيا) سوى (فالأسوياء) هم فقط الملائكة المكرمين الذين يفعلون ما يؤمرون به. أما أمة الثقلين (الجن والإنس) فهم المخيرين يعتريهم النقص والعيب. إبليس من الجن، رفع لدرجة الملائكة فعصى ربه. فأمرته نفسه الملهمة {فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} بعدم السجود حسداً وغيرة وغروراً، بينما سجد الملائكة طاعة لأمر ربهم إلا إبليس. وهذا يدل دلالة واضحة أن أي مخلوق من الثقلين ليس معصوماً ولا منزها عن الخطأ والمعصية، ولو كان في درجة الملائكة كإبليس. فما بال أباليس الإنس التي تغدو وتروح وهي موبوءة بمعصية الله بالتحريض على سفك الدماء وقتل النفس المعصومة، ونثر بذور الفتنة، وشق صف الأمة، والدعوة إلى المعصية بالغدر بالعهد ونقض البيعة، وبالتالي من يكون نمر النمر؟ أمام إبليس الذي كان بين صفوف الملائكة فلعنه الله لعصيانه. {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} (50) سورة الكهف. ويدل عدم استثنائه من الملائكة بالآيات الكريمة « كقولنا: فقلنا للطلبة المتفوقين تفسحوا إلا فلان رغمأنه من المتفوقين. {قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ، قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} (71 - 75) سورة ص، في قوله: {إذ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ}، وقوله: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلَّا إِبْلِيسَ}. يدل أن إبليس ممن سماهم جل قدره بالملائكة. إذ أمرهم تعالى بالسجود لما خلق بيده، بدليل السؤال الاستنكاري {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ} الآية، إبليس بهذا المعنى يكون موصفاً بصفة الملائكة، وقد استوجب اللعن من الله بمعصيته، بقوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} (78) سورة ص، ونمر النمر الذي قاده هواه للفجور بتأليب العامة والخاصة ضد أمن وأمان الوطن الذي انتمى إليه، ودعى إلى معصية ولاة الأمر، والتحريض والدعم والمساندة لقتل الأبرياء من المواطنين والمقيمين والمكلفين من رجال الأمن.
وهو مواطن سعودي يقوم عليه سلطان الولاية لمواطنته. فهل نصبت دولة الملالي من نفسها مقام الإلوهية ليسجد لكل شيعي يؤمن بولاية الفقيه بصفته معصوم لا يتعتريه نقص أو فساد ومعصية.
حسب معتقدهم! انكفأت المجوسية حين أطفأ الله نارها بولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بموقعة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص، وما انكفأ المجوس عن الغرور والصلف. فنقضوا العهود واستهانوا بالأعراف والمواثيق الدولية، وليس لهم مثل في هذه المواقف إلا الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين العربية، وكأن الصهيونية والمجوسية من مشكاة أخلاقية واحدة. وخرجوا على كل الأطر المحيطة بمعنى عدم التدخل بالشؤون الداخلية للآخرين التي قامت عليها أعراف العلاقات بين الأمم المتعاقبة وتبنتها المواثيق الدولية منذ عصبة الأمم. فانتهكت إيران اتفاقية جنيف 1961م مرات عدة، بقدر ما انتهكت نصوص ميثاق الأمم المتحدة بعدم التدخل بالشؤون الداخلية لأي عضو في الأمم المتحدة. وميثاق الأمم المتحدة ألزم نفسه بعدم التدخل بالشؤون الداخلية التي تكون من سلطات سلطان الدولة. فقال «ليس في هذا الميثاق ما يسوغ «للأمم المتحدة» أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخلّ بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع.» فإذا كان ميثاق الأمم المتحدة حيد نفسه عن التدخل في الشئون الداخلية فما ذلك إلا إشارة صريحة بعدم جواز التدخل في الشئون الداخلية لأي عضو فيه من قبل عضو آخر فيه. وبما أن التدخل الفاضح من قبل إيران في الشؤون الداخلية للدول المجاورة كالعراق وسوريا واليمن. ولبنان من خلال أذرعها التي زرعتها. فإن قطع العلاقات الدبلوماسية معها غير كاف. بل إن دواعي العمل على طردها من المنظمات الدولية. الأمم المتحدة ووكالاتها المنبثقة عنها، والمنظمات الأخرى كرابطة العالم الإسلامي، أصبح مطلباً يقتضي العمل عليه لتصبح دولة منبوذة من المجتمع الدولي حتى تفيء للرشد باحترام القوانين والأعراف الدولية..
- إبراهيم الطاسان