غدير عبدالله الطيار ">
يولد حبُّ الوطن مع المواطن منذ الولادة؛ لذلك يُعتبر حبُّ الوطن أمراً فطريَّاً ينشأ عليه الفرد؛ حيث يشعر بأنَّ هناك علاقة تربط بينه وبين هذه الأرض التي ينمو ويدفأ في حضنها. وحبُّ الوطن ليس حكراً على أحد؛ حيث إنَّ كلَّ فرد يعشق ويحبُّ وطنه، وإنَّ ديننا الإسلاميَّ يحثُّنا على حبِّ الوطن والوفاء له، ولعلَّ أكبر مثال نورده في هذا الموضوع حين أُجبر رسولنا الحبيب -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فراق وطنه الغالي مكَّة، فعندما خرج منها قال: «ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليََّ، ولولا أنَّ قومك أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ»؛ فمن كلام رسولنا الكريم يتبيَّن لنا واجب الحبِّ الذي يجب أن يكون مزروعاً في قلب كلِّ شخصٍ سواء كان صغيراً أم كبيراً. ويعتبر حبُّ الوطن رمزاً وفخراً واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلِّ قوَّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدِّره لتوفيره الأمن لنا؛ فلهذا الوطن حقوقٌ يجب على كلِّ فرد أن يلتزم بها ..وأتذكر قول أحد جبابرة التاريخ «أحسوا بحب الوطن»، ولقد قال نابليون بونابرت في منفاه وهو على سرير الموت: «خذوا قلبي ليُدفن في فرنسا». ما أكتبه كان لسبب أثار قلمي من أناس حدثوني عن أمر ما كمن به حب الوطن وكيف كان هذا الحب تجلى بشخصية لم أعرف عن هذا الأمر إلا من قريب لي في (دولة إلمانيا) وبالأخص في سفارة المملكة العربية السعودية في برلين، حينما حدثوني عن مجيء سعادة الأستاذ خالد المالك إلى ألمانيا، وكانت تلبية لدعوة من جمعية الصداقة العربية الألمانية، التي تهدف إلى تطوير التعاون بين ألمانيا والعالم العربي في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والتجارية والبحثية العلمية. قام الأستاذ خالد بن حمد المالك رئيس التحرير بإلقاء محاضرة تحت عنوان (الإرهاب الدولي وتجربة المملكة في مكافحته وجهودها في نشر الوسطية والاعتدال)، وذلك بمقر الجمعية بالعاصمة الألمانية برلين، أمام كوكبة من المسؤولين والدبلوماسيين الأجانب والألمان ولفيف من المثقفين والمستشرقين والأكاديميين الألمان وضيوف من الخارجية الألمانية ووزارة الاقتصاد واتحاد الصناعات وعدد من مؤسسات الفكر والاختصاص وصحفيين ألمان ومهتمين من أعضاء جمعية الصداقة العربية - الألمانية وأعضاء الهيئة البرلمانية الألمانية، التي تناول فيها المالك دور المملكة العربية السعودية التي لا تدخر جهداً في مكافحة الإرهاب فكراً وممارسة بكل الحزم،على كل الأصعدة.
هنا تجلت الوطنية وحبُّ الوطن حينما تحدث عن الإرهاب بمختلف أشكاله وصوره، حيث لا يقتصر على القتل والاعتداء على المؤسسات، وإشاعة الفوضى في البلاد، وإنما يمتد إلى دور مشين، يقوم به بعض القادرين من المفكرين والمثقفين والكتَّاب والإعلاميين بتوظيف أقلامهم لخدمة الأعمال الإرهابية، وإلى بعض أساتذة الجامعات والمربين والدعاة لعدم توعيتهم للشباب بخطورة الانضمام إلى الخلايا الإرهابية، وعدم إفهامهم بما ينتج من ممارسة العمل الإرهابي من جرائم بحق الإنسانية، وأن ذلك يشكِّل خنجراً ساماً وقاتلاً في خاصرة وصدر كل المجتمعات التي تجمعها ولا تفرقها الشراكة في الحقوق والواجبات كافة. وتحدث أيضاً عن دور المملكة في مكافحة الإرهاب...
بالفعل كلام يثلج الصدر يدل على وعي كامل ومدرك لحقائق الأمور أن تتحدث وتظهر الحقائق شيء جميل والأجمل من ذلك الصدق في العبارة وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام أولاً وللمملكة العربية السعودية ثانياً، هنا قمة الأخلاص لهذا الوطن الذي غمرنا جميعاً بالحب والعيش على ترابه آمنين مطمئنين ولله الحمد والمنة.
جميل أن تتجلى جميع صفات المواطنة الصالحة وهي الانتماء إلى الوطن، والولاء له، والاعتزاز به والإسهام في بنائه وتقدمه. لله درك يا خالد المالك أثبت أن المملكة العربية السعودية هي التاج الذي على رؤوسنا، وهي الهوى المتغلغل في أعماق أفئدتنا، فليس في القلب والفؤاد شيء إلا حب هذه الأرض العزيزة التي عشنا على ثراها وسطرنا عليها تاريخنا وأمجادنا ومنجزاتنا، وأكرر دائماً (دمت يا وطني شامخاً).