عبدالرحمن بن إبراهيم أبو حيمد
مرت سنة على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم ودفة القيادة في المملكة العربية السعودية، هذه السنة حافلة وحبلى بالمنجزات والإنجازات العظيمة على كافة الأصعدة، فعلى الصعيد المحلي جرى تعديل السياسات الإدارية والمالية، بحيث تكون منتجة، وتحقق العطاء المطلوب والتنمية، ولعل تشكيل المجلسين، مجلس الشؤون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد شكل محور التطور البارز والأحدث في إدارة الدولة، يضاف إلى ذلك اختيار الوزراء من الشباب صاحب الخبرة والتجربة والإخلاص الوطني، هذان المجلسان انعقادهما شبه اليومي وباشتراك كافة الوزراء المعنيين وبحضور وزير المالية الذي يتولى تمويل كل مشروع وبرئاسة صاحب القرار عجل باتخاذ القرارات، ووضعها في مسارها الصحيح، كما أن متابعة منجزات الوزراء بشكل يومي، قد قضى على الترهل والتسويف في تحقيق الأهداف، وإنجاز المشروعات، ثم جاءت خطوة التحول الوطني بتأسيس مركز قياس الأداء، وربطه بأعلى سلطة في الدولة، والهدف من ذلك أن تكون مشاريع الدولة ومنجزاتها، ذات مردود وطني ملموس، وليس فقط روتين حكومي تدور عجلته في الهواء، بالإضافة إلى خصصة بعض قطاعات الدولة التي سوف تدار من قبل القطاع الخاص، بكفاءة أعلى وبمردود على الوطن أنفع وأكثر، وتحديد عام 2020م موعداً موثقا لقياس أداء تنفيذ الخطط والبرامج المطروحة من قبل الأجهزة الحكومية، ولم تنسى الدولة في هذا التقييم الشامل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي كانت ضحية لاجتهادات خاطئة من بعض الوزارات في السابق،وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني للمساهمة بفعالية في مشروع التحول الوطني ، وكان الخطاب الملكي في مجلس الشورى هذا العام ضافيا وواضحا كل الوضوح، في رسم سياسة الدولة الداخلية والخارجية، والذي منه سوف ينطلق كل قطاع حكومي، لتحقيق الأهداف المنشودة.
استمرار عجلة التنمية في المملكة والمحافظة على المكتسبات التنموية والحضارية والاجتماعية كان هدفا أساسيا سعت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله إلى المحافظة عليه، وعلى الرغم من التزامات المملكة الدولية، فإنها لازالت محافظة على رعايتها وتطويرها وتوسعتها للمشاعر المقدسة وخاصة الحرمين المكي والنبوي، حيث أشرف جلالة الملك سلمان على تدشين أكبر توسعة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، هذه العناية وهذه التوسعة تعتبرها قيادة المملكة واجباً وشرفاً عظيماً لها حباها الله به.
ومع انخفاض أسعار البترول الذي يشكل عصب الدخل في المملكة، إلى مستويات متدنية، فقد حافظت المملكة في أول سنة من عهد الملك سلمان رعاه الله، على اعتماد ميزانية ضخمة في الإنفاق وفي المصروفات، حيث قدرت إيرادات الدولة لعام 2016م بمبلغ 513.8 مليار ريال، أما النفقات العامة لعام 2016م فقد قدرت بمبلغ 840 مليار، وهي ميزانية ضخمة بكل المقاييس، على الرغم من انخفاض سعر البترول إلى حدود غير معهودة، وسعت إلى تنويع مصادر الدخل، ليكون داعماً رئيسياً لمصدر البترول، وقد أبانت الدولة أن لديها العديد من خيارات تنويع مصادر الدخل مثل الغاز وخصصة بعض القطاعات واكتشاف معادن أخرى، وبيع أراضي للدولة بمليارات الريالات، ومع معركة التنمية والتطور والبناء، وحماية المكتسبات، إلا أن المملكة لم تتأخر عن واجباتها كدولة حباها الله بالمقدسات الإسلامية السنية، وجعلها قبلة ومقصداً لكل مسلم حقيقي على وجه الأرض، ومن هذا المنطلق سارعت المملكة إلى عاصفة الحزم مع الطغمة الحوثية في اليمن، التي قبلت أن تكون ممثلاً وواجهة لدولة الفرس - إيران في اليمن واستطاعت بما وصلها من أسلحة وعتاد ومال ومع المخلوع صالح الذي باع نفسه ووطنه وشعبه إلى إيران أن يحتلوا كثيراً من مناطق اليمن، وكان لا بد للمملكة أن توقفهم عند حدهم، وتستعيد الشرعية لليمن، وتمنع التوسع الصفوي الفارسي في الجزيرة العربية، دخلت المملكة هذه الحرب مع عدد من الدول العربية والصديقة دفاعاً عن الشرعية في اليمن، وصداً للتوسع الصفوي الذي ملأ العراق وسوريا ولبنان في غفلة من العرب، وخيانة من بعضهم، وها هي مملكة سلمان تحقق انتصارات في اليمن، وانتصارات في السياسة العالمية اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسيا على الدولة الباغية إيران، وكان من منجزات الملك سلمان - حفظه الله - في هذا العام إنشاء أكبر تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب يضم 35 دولة، بقيادة المملكة، هذا التحالف الذي دحض ما يدعيه الغرب والشرق من أن الدول العربية تدعم الإرهاب، وسوف يحارب هذا التحالف كل المنظمات الإرهابية في جميع مناطق العالم، وسوف يعري الدول التي تدعم الإرهاب غربية كانت أو شرقية أو مسلمة.
عاصفة الحزم، وإنشاء التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ودعم الثورة السورية المطالبة بالحرية والعدالة، جعل الملك سلمان قائداً ليس للعرب وإنما للعالم الإسلامي كله وجعل الرياض عاصمة القرار العربي والإسلامي، وأعاد للإنسان العربي المسلم كرامته وهيبته وحقوقه. هذه السنة من عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - فتحت العلاقات مع جميع دول العالم عدا دولة الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، والرافضين لكل الحلول الدولية العادلة، وقد استقبلت الرياض خلال هذه الفترة خمسين زيارة لملوك ورؤساء أكثر من أربعين دولة في العالم، كانت نتائج هذه الزيارات فتح صفحات من العلاقات الطيبة مع المملكة، والتي نتج عنها الوقوف مع المملكة، ومساندتها في قضاياها، وتوثيق اتفاقيات تعاون وتبادل معها، تعود بالخير العميم على شعب المملكة، وشعوب الدول الصديقة، بالإضافة إلى هذه الزيارات كانت زيارات ولقاءات وزير الخارجية السعودي لكثير من الدول، الأثر الكبير في كسب هذه الدول إلى جانب المملكة، ودعم إرادتها ومواقفها في السياسات الدولية، ومحاربة الإرهاب والدول الداعمة له.
إنها سنة واحدة، ولكن نتائجها ومعطياتها على المستويين المحلي والدولي للمملكة عظيمة وكبيرة، ومع أنها بداية إلا أنها تبشر بالخير، والأمن والأمان، والرخاء لنا كسعوديين ولمملكتنا السعودية، ولكل من يقيم على هذه الأرض الطاهرة، ولكل من يضع أمله ورجاءه في الله عز وجل، ثم في القائد الملهم والحازم سلمان بن عبدالعزيز، عاشت بلادنا عزيزة مكرمة متطورة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأمدهم الله بنصره، وتوفيقه في كل ميدان وفي كل حين.