(1)
غرائب
كان الوالدان في غاية السعادة عندما بدأ ينطق رضيعهما حروفه الأولى، لكن الرضيع لم ينطق كلمة بابا أو ماما. كان ينظر إلى كل منهما باستغراب. قلقا عليه؛ فذهبا به إلى أخصائي تخاطب، فقال لهما الطبيب «أنا الآخر لا يمكنني أن أعرف مَن منكما الأب ومَن منكما الأم».
(2)
ذبح
جثا على ركبته ليعانقها. أمسك برقبتها النحيفة، وريشها الناعم بين يديه؛ ليضمها في شوق، على الرغم من أنه لم يغب عنها سوى فترة قصيرة. أبعدها عن حضنه فجأة، ونظر في عينيها، وبدأت تنساب الدموع من عينه، وكأنها قطرات مطر. تلقفت تلك القطرات، لكن ملوحتها أجبرتها على لفظها. دار حوار صامت فيما بينهما. هو يريد أن يذبحها، لكن حبه لها يمنعه.
عندما تراه تعلن شوقها بلا حياء، حتى الجيران يسمعونها. اختفى داخل المنزل، وعاد بسكين، وأشار إليها فجاءته تسعى لتقف أمامه. عين على السكين، والعين الأخرى على وجهه. رقدت على الأرض دون حراك، وجلس هو الآخر يتأملها، يحرك أصابعه على السكين يتحسسها، ويهمس للسكين: لا تقطعي رقبتها. قلبه يعتصر، ومعدته تزأر، وعينه تشتهي تلك الوجبة الدسمة وتدمع، وشفتاه تزمان وتنفرجان لتتلذذا بطعم لحمها الشهي. أغمض عينيه، وفتح معدته، وأمسك بالسكين ليذبح، لكنه فجأة توقف. هربت من أمامه، ظل جالساً كالصخرة. قطعت صمته أصوات كثيرة، همّ أن يهرب لكنه سكن عندما وجدها كلها ترقد أمامه، وما هي إلا لحظات وتركت كل منها بيضة خلفها، ثروة.. باعها.. وأحضر طعاماً له ولدجاجته التي كان ينوي ذبحها.
- محمود الديب