نحتفل في الثالث من شهر ربيع الآخر 1437هـ، الموافق للثالث عشر من شهر يناير عام 2016م، بمرور عام على بيعة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله -؛ وهي مناسبة وطنية غالية، نعتز بها جميعاً، ونحرص على الاحتفاء بها، تأكيداً منا على فخرنا وثقتنا بقادتنا الذين التزموا بالإسلام نهجاً، والقرآن دستوراً، والشريعة موجهاً لكافة شؤون الدولة؛ فأقاموا العدل، ونشروا الأمن، وقهروا الجهل والفقر والمرض، وارتقوا بالوطن والمواطنين على مدارج التقدُّم والرقي، ليصبح في غضون عقود معدودة دولة مركزية، لها ثقلها في محيطيها الإقليمي والدولي.
واحتفاؤنا بذكرى بيعة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز-يحفظه الله-، هي تعبير وتأكيد عن مشاعر الرضا والاعتزاز التي يكنّها الشعب السعودي لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، ولقادتنا من آل سعود بعامة، وللعاهل المؤسس الملك عبدالعزيز بخاصة، حيث كان له الفضل - بعد الله تعالى - في توحيد البلاد، وتأسيسها واستقرارها وأمنها، ولأبنائه الملوك (سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله) -يرحمهم الله-، وصولاً إلى سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله-، أولئك القادة الأفذاذ، الذين ساروا على نهج والدهم، سواء في اهتمامهم بالمواطن وحرصهم على تنمية قدراته، وتلبية متطلباته، وتحقيق آماله وتطلعاته، ليماثل أقرانه في أرقى دول العالم: علماً، وفكراً، وإبداعاً، وإنتاجاً، مع احتفاظه بهويته الإسلامية وخلقه وسلوكه القويم، المبني على هدى الدين؛ أو في حفاظهم على وحدة الوطن، وحماية مقدراته ومقدساته، والعمل على تطويره والارتقاء به وازدهاره، ليضارع دول العالم المتقدم عمارة وتخطيطاً وحضارة وتنسيقاً، مع احتفاظه بسمته الإسلامي واعتزازه بمنحته الربانية، حيث جعله الله محضناً للحرمين الشريفين - بيت الله الحرام، ومسجد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- - اللذين يعتز قادة المملكة وشعبها بخدمتهما وعمارتهما وتهيئتهما للحجاج والزوار والعمار.
ومع أنه لم يمر سوى عام واحد على بيعة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -يحفظه الله-، إلا إن ما تم تحقيقه للوطن والمواطن خلال هذا العام - على المستويين الداخلي والخارجي - يجعلنا نشعر بالارتياح والطمأنينة على حاضرنا ومستقبلنا؛ فداخلياً، بادر -يحفظه الله- منذ توليه للحكم إلى تطوير مؤسسات الدولة: بدءاً بمؤسسة الحكم التي شهدت تولِّي أحفاد المؤسس -طيب الله ثراه- منصبي ولي العهد وولي ولي العهد؛ وإلغاء العديد من المجالس واللجان والهيئات، ونقل اختصاصاتها إلى مجلسين سياديين هما: (مجلس الشؤون السياسية والأمنية)، ويرأسه سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، و(مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية)، ويرأسه سمو سيدي ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ كما شهد مجلس الوزراء، وما دونه من مؤسسات الدولة تطوراً ملحوظاً، كان من أبرز ملامحه انضمام العديد من الكفاءات الوطنية الشابة التي أضفت على أداء تلك المؤسسات المزيد من الحيوية والفاعلية والتطوير، كما حظيت المؤسستان العسكرية والأمنية، باهتمام خاص من سيدي خادم الحرمين الشريفين، من خلال تعزيزه -يحفظه الله- لقدراتهما، واعتزازه بمنسوبيهما، وتثمينه لما يقدمونه من خدمات جليلة للوطن والمواطنين، وتكريمه لرجالهما - أحيائهم وشهدائهم - معنوياً ومادياً؛ وصولاً إلى المؤسسات الاجتماعية، سواء التعليمية منها أو الصحية أو المعنية بمشاكل الإسكان والبطالة... وغيرها من الجوانب الاجتماعية التي تهم المواطن، حيث نالت جميعاً ما تستحقه من اهتمامه ودعمه ورعايته -يحفظه الله-، عبر تأكيده على المسؤولين عنها بعدم التقصير في خدمة المواطن.
أما على المستوى الخارجي، فكانت قراراته -يحفظه الله- تأكيداً على مكانة المملكة وثقلها الإقليمي والدولي، وهو ما تجسَّد في عديد من المواقف، من أبرزها: تكوين تحالف عربي ضم عدة دول شاركت في عاصفة الحزم التي قادتها المملكة لإعادة الشرعية في اليمن، وحماية الأمن الوطني السعودي والخليجي والعربي من محاولات الالتفاف الإيراني التي دعمت الانقلابيين من حوثيين وغيرهم لتتسلل من خلالهم إلى اليمن ومنها إلى دول الخليج وغيرها من الدول العربية؛ والتنسيق مع قادة دول مجلس التعاون فيما يتعلق بالشأن الخليجي؛ ودعمها للعمل العربي المشترك، ودفاعها - في المحافل الدولية التي تشارك فيها - عن القضية الفلسطينية، وسعيها لحل الأزمة السورية، وتقديمها الدعم الشامل للشعب السوري. كما ذاع صيت المملكة في العمل الإسلامي من خلال دعوتها إلى تكوين تحالف إسلامي مكون من (34) دولة وقيادتها له لمحاربة الإرهاب فكرياً وإعلامياً وعسكرياً. وعلى الصعيد الدولي شاركت المملكة بفعالية في قمة العشرين الاقتصادية، كما استضافت القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية لبحث سبل التعاون والتنسيق الجنوبي - الجنوبي في مجالات: الاقتصاد، والثقافة، والتربية، والتعليم، والتكنولوجيا، وحماية البيئة، والسياحة، ونحوها من القطاعات المتعلقة بالتنمية المستدامة والمساهمة في تحقيق السلام العالمي.... وغير ذلك من المواقف والإنجازات التي حققتها قيادتنا الرشيدة على المستوى الخارجي بدوائره المتعددة، والتي يصعب حصرها في هذه العجالة.
وفي ضوء هذا العطاء السخي والإنجاز الكبير في هذا الوقت القصير، لا يسع كل من ينتمي إلى هذا الوطن، ويشرف ويفخر بقادته، إلا أن يجعل من ذكرى البيعة مناسبة متجددة للتعبير عن الرضا والمحبة والسعادة والثقة بالقيادة الحكيمة الرشيدة الحازمة، التي حققت الأمن والاستقرار للوطن، وحققت الأمان والاطمئنان للشعب، فنالت رضاه ومحبته، ووثقت عرى التلاحم القيادة والشعب.
حفظ الله مملكتنا آمنة مستقرة تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -يحفظهم الله-.
اللواء الدكتور/ سعيد بن ناصر المرشان - قائد كلية الملك خالد العسكرية