خبير بيئي يحُذِّر عبر «الجزيرة» من التوسُّع العمراني على حساب مكونات الطبيعة ">
الدمام - عبير الزهراني:
كشف مختص في علوم البيئة بأن توزيع المخططات السكنية على المواطنين ومخططات المصالح حكومية، يُمثّل أحد أسباب تدهور البيئة الطبيعية بالمملكة، وقال رئيس جمعية العلوم الزراعية، أستاذ البيئة والغابات بجامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم عارف لـ«الجزيرة» إن مكونات البيئة الطبيعية من سواحل وجبال وصحارى وغابات ومراعٍ وغيرها من البيئيات، قد تغيرت كثيراً عما كانت عليه في السابق.. ويعود ذلك إلى تدمير مساحات واسعة من البيئات الطبيعية بما عليها من تشكيلات طبيعية نتيجة للتوسع العمراني العشوائي داخل البيئات الطبيعية القريبة من المناطق السكنية.
ومما يًؤسف له أن الأراضي التي وزعت كمخططات سكنية للمواطنين أو مخططات لمصالح حكومية تزيد نسبة مساحة الغطاء النباتي فيها على60% من مساحة الموقع أو ذات بعد جغرافي طبيعي له مكوناته، ونتيجة استغلال مثل هذه المواقع عمرانياً، فقد أُزيل العديد من طبوغرافيتها وأشجارها ونباتاتها المحلية بالجرّافات ومعدات البناء الثقيلة، فضلاً عما نتج عن تلك الأنشطة من مخلفات من شأنها الإضرار بالبيئة في تلك البيئات.. ونتج كذلك اختلال نظام التجديد الطبيعي في كل البيئات سواء في الروضات والفياض وبيئة المراعي والغابات بسبب الجفاف والرعي وتدخل العنصر البشري، مما أدى إلى موت بعض النباتات المهمة في الموقع بسبب تدهورها أو وصولها إلى عمر الشيخوخة، ونتج عن ذلك فقد الموقع خصوصيته.. كذلك تم تدمير بيئة الأودية ورمي المخلفات وجرف تربتها، مما نتج عنها تدمير الممرات المائية الطبيعية التي كانت تغذي البيئات عبر مئات السنيين.
كما انتشرت مؤخراً ظاهرة حرائق الغابات في مناطق بيئة الغابات بشكل كبير مما نتج عنه تدمير مئات من البيئات الطبيعية والتي كانت تمثّل نظاماً بيئياً فريداً.. وأضاف: يجب التأكيد على الالتزام بالأنظمة والتشريعات الصادرة في شأن حماية البيئات الطبيعية وعدم إزالة الأشجار بهدف التوسع الزراعي أو إقامة المساكن أو المشروعات الاستثمارية، لا في الغابات العامة المملوكة للدولة أو الخاصة والتي تقع ضمن نطاق الغابات.
ونعتقد أن الإمارات بمناطق المملكة المختلفة قادرة على إيجاد البديل لإقامة مساكن أو مشروعات استثمارية دون اللجوء إلى إهدار ثروة طبيعية غالية وهبها الله مواطني هذه البلاد وهي البيئات الطبيعية.. ولا يمنع هذا التشديد في شأن المحافظة على البيئات من الاستفادة منها اقتصادياً واجتماعياً باتباع الأساليب العلمية وبتقليد بعض التجارب الناجحة للبلاد المتقدمة في هذا المضمار والتي تملك ثروات مشابهة من الغابات الملحية (غابات المانجروف) أو الغابات الجبلية.. فعلى سبيل المثال يمكن زيارة الغابات للتنزه والاستجمام وتسلُّق الجبال مشياً على الأقدام دون استخدام السيارات داخلها.
وأضاف عارف: يجب أن لا يُنظر إلى الغابات على أنها نباتات برية، فهي نظام بيئي متكامل العناصر من تربة ونبات وحيوان وهواء وإنسان.. بالإضافة إلى تحديد بعض المواقع داخل أراضي الغابات لزراعتها سنوياً بنفس النوع المحلي السائد، وإن كان بعضها بطيء النمو إلاّ أن نسبة نجاحها عالية جداً خصوصاً إذا توفرت لها الرعاية من بعض الأنواع الأخرى سريعة النمو.
ورأى رئيس جمعية العلوم الزراعية ضرورة الحد من التوسع العمراني للمدن والقرى القريبة من الغابات وإيجاد البديل في المواقع الخالية من الأشجار.. بالإضافة إلى تحديد أراضٍ قابلة للتشجير الاصطناعي يمكن أن تكون البديل لإقامة المتنزهات، وستكون أفضل من مواقع البيئات الطبيعية لما يمكن أن يُؤخذ في الاعتبار من تحديد المساحات وإعطاء أولوية لإرضاء أذواق المواطنين من حيث الخصوصية وزراعة الأنواع المألوفة والمحببة للمجتمعات المحلية.
ودعا عارف إلى تكثيف البرامج الإعلامية عن أهمية البيئات الطبيعية والمحافظة عليها وإقامة ندوات علمية تتمحور حول تطوير وتنمية هذه الثروة الطبيعية والاستعانة بخبراء من الداخل والخارج في هذا المجال.. والتوسع في إنشاء المشاتل الوطنية للمساهمة في تلبية الاحتياجات خلال موسم زراعة الأشجار.
وتابع: خلال أكثر من خمسين سنة والبيئات السعودية بمختلف تنوعها وهي تتعرض لكل الأنشطة المختلفة، بالإضافة إلى كل الإجهادات البيئية من (حرارة عالية ومتدنية وقلة أمطار وعواصف رملية وغيرها).. مع تدخل الجهات المعنية بنوع من الخجل من إعادة التأهيل لإصلاح بعض الضرر، وفي غالبيتها كانت فاشلة أو زادت من تدهورها لعدم وجود مشاريع ذات بُعد إستراتيجي لحل المشكلة.. وأضاف: نتيجة لما ذُكر فقد حصل موت أشجار الغابات بنسبة تزيد على50% أو أكثر والواقع شاهد على ذلك.. مع تناقص كبير في التنوع الأحيائي، وقد يصل إلى نسبة عالية في كل البيئات.. وضعف الخبرة المحلية في الجوانب البيئية مما انعكس على ضعف إعادة التأهيل. والاستمرار في التدهور من خلال المشاريع العملاقة دون مراعاة البيئة وضعف مخرجات نتائج البحوث والمشاريع الوطنية في معالجة المشاكل البيئية.