د. عبدالعزيز الجار الله
لم يكن أحد يتوقّع عشية الثورة الإيرانية عام 1979م وسقوط حكم الشاه محمد رضا بهلوي في طهران كيف سيكون مستقبل الدولة الجديدة؟ كانت الأغلبية تعتبره انتصاراً للثورات الإسلامية، أيضاً الخلاص من الشاه جندي المنطقة، قلة من العرب ترى أنها مرحلة كارثية على البلاد العربية, وقلة أخرى ترى أنها تورط في أسلمة المنطقة والنزاعات الشيعية.
عندما نشبت الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 - 1988م أعتبر الأغلبية أن العراق يدافع عن البوابة الشرقية للعرب لو انتكست العراق فإن إيران ستجتاح المنطقة وتحتل منابع النفط وأجزاء من دول الخليج أو لو لم يكن احتلالاً ستفرض أجندتها السياسية والدينية والاقتصادية على الخليج، وقلة أخرى من الخليج العربي ترى أن الحرب تصب في صالح دول مجلس التعاون العربية كما تصب مياه شط العرب العذبة في خليج العرب المالح، لأن كلتا الدولتين لهما في التاريخ الحديث سجلاً طويلاً من تهديد الخليج العربي واحتلال دوله أو فرض أجندته تحت التهديد, هناك قلة من السياسيين والمحللين العرب ترى في حرب العراق وإيران دول تكسر بعضها مطابقة للمثل القائل (فخار يكسر بعضه) وبالتالي ستولد من الحرب دولتان ضعيفتان. وقلة أخرى ترى في انتصار إيران هو انتصاراً مذهبياً للعراق وإيران.
كالعادة الرياح لا تأتي على رغبة وهوى أهل البر والبحر فلا العراق انتصر وكسر إيران ولا إيران انتصرت واجتاحت الحدود الشرقية للعرب أنما كلا القوى انهارت قواها و(خارت وفترت) حتى جاءت أمريكا عام 2003 م واحتلت وسلمت العراق المهدم إلى إيران المدمر، وقبلت إيران هذه التركة رغم أن حكومة طهران لديها حرائق بالداخل مشكلات: اقتصادية، ونزاعات انفصالية, وصراع طائفي, ومشكلات الحدود مع جاراتها من كل نواحيها. فأصبحت ثقيلة بنفسها وحمل جارتها العراق والأبواب والصراعات التي ستفتحها فيما بعد: العراق، لبنان, اليمن, سورية.
إيران في هذه المرحلة أمام مفترق طرق:
أما أن تكون دولة تحترم جيرانها وتوقف طموح تصدير الثورة، وحلم الدولة الشيعية الكبرى المهيمنة على من حولها، وأحلام الإمبراطورية الفارسية العظمى وتتعامل بالواقع وإمكاناتها.
أو دولة مغامرة قد تفقد صلابتها وتتفكك من الداخل إلى أكثر من دولة حسب مكونها السكاني العرقي: الأكراد، البلوش، الاذار والتركمان، الفرس، الأحواز العرب، الأتراك، الأرمن، وقوميات أخرى.