محمد بن حمد البشيت
لا زالت العراق تعاني من فترة حكم نوري المالكي السيئ الذكر.. الذي عمل بمثابة ضابط في الحرس الثوري في إيران في ضبط العراق سياسياً واقتصادياً في سبيل خدمة أسياده في قم.. فالمالكي المخلص لطهران أفرغ الخزينة العراقية في شراء السلاح لإيران بحجة تسليح الجيش العراقي وسرق ما تبقى في الخزينة وهرب لطهران بعدما كشف أمره بمجيء العبادي رئيساً للحكومة، الذي أراد محاكمة المالكي ورد أموال العراق المنهوبة للخزينة العراقية. لكن تدخل إيران بالتغطية على الخيانة قفل ملف المالكي. فلزم أو ألزم العبادي عن مساءلة المالكي عن أفعاله المشينة وسرقة أموال العراق.. وما هي إلا فترة وجيزة ويسمع العالم بعودة المالكي للعراق وكأن شيئاً لم يكن.. وليت الأمر اكتفي بهذا القدر من قصة المالكي والسيناريو الإيراني؛ لا.. بل صار للمالكي حضور وصوت في البرلمان العراقي.
داعش هي الصبغة الجديدة للقاعدة التي لم تكن وليدة اليوم, بل ولدت من رحم القاعدة بعد إنسحاب الجيش الأمريكي من العراق, الذي سلمته أمريكا لإيران, فمن هذا المنعطف الأمني الخطر المتدهور بالعراق كانت فرصة مواتية لإيران لإحضار القاعدة التي وفرت لها ملاذاً آمناً طيلة سنوات مضت لرد الجميل للعمل آنذاك مع نوري المالكي بالاستيلاء على العراق سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وزرع عملاء لإيرانيين بالمراكز الحساسة بما فيهم رأس الأفعى المالكي بدولة العراق, وهو ما نراه بالوجود الكلي لإيران في العراق.
وقد أضحى العراق أشبه بمحافظة إيرانية.. رغم مقاومة السنة والبعض من الشيعة العراقية التي ترفض الوصاية الإيرانية على بلدهها.. لكن الكثير منهم أما أقصي عن المشهد السياسي أو قتل مثلما قتلت إيران العلماء والأطباء والضباط الذين شاركوا بالحرب العراقية الإيرانية. وما خلق الجيش الشعبي إلا فكرة شيطانية إيرانية تبين لاحقاً أنهم مجاميع جنود وضباط إيرانيين بحجة محاربة داعش. تبيّن ذلك بعد أنسحاب الجيش العراقي من الموصل والرمادي ومن ثم الأنبار وترك أسلحته. فالحشد الشعبي كان بقيادة قاسم سليمان قائد الحرس الثوري الإيراني وخبرائه المرافقين له في الرمادي والموصل كما حدث من قبل.. أما الآن فإن الجيش العراقي هو من يدير المعركة بمساعدة أمريكا له.. في تحرير الرمادي والطرفين على خطى تحرير الموصل.
حكومة العبادي هي أيضاً مداهنة لإيران، والذي من المفترض بعد تسلمها الحكم من المالكي أن تكون من أولوياتها أبعاد الجيش الشعبي بدلاً من تسليحه بداية وزجه بمعركة التحرير والذي حول معركته مع السنة وقتلهم.. مما أحدث تباينات في إدارة المعركة بين أفراد الجيش العراقي والجيش الشعبي من الشيعة المتطوعين الموالين لطهران.. والذين شاركوا زوراً وبهتاناً لمحاربة داعش وإنما بالعكس لمحاربة السنة!!.
حكومة العبادي لم تذهب بعيداً بمثل حكومة المالكي في الموالاة لإيران حتى الشيخ المعمم علي السيستاني.. ثالثة الإثافي على خطى الموالاة لطهران وإن كان هناك بينه وبين مشايخ قم الكثير من التباينات, لكن المآخذ على-السيستاني- أنه لم يسمع له صوت ولو لمرة واحدة في سبيل ما كان يفعله المالكي بالعراق فضلاً عن العبادي.. لكننا سمعنا صوته مؤخراً عندما تم إعدام الداعية البهلوان المحرض المجرم السعودي -نمر النمر- في معارضته لإعدامه شأنه شأن معارضة مشائخ قم.. بينما حكومة طهران أعدمت المئات من مشايخ السنة وناس الأحواز ومنهم أخيراً وليس بآخر من علقتهم على الرافعات بالعشرات, ومع ذلك لم تتدخل لا السعودية ولا دول الخليج بالشأن الإيراني. فلماذا يتدخلون بشأننا وحكم القضاء الشرعي السعودي بإنزال حق القصاص بشرذمة مجرمة إرهابية؟.. كان الهالك نمر النمر ضمن مجوعة أرهابية خصته إيران وحده بالتباكي عليه.
وإذا ما بحثنا عن الفرق ما بين حكومتي المالكي والعبادي فليس هناك فرق يذكر في موقف حكومة العبادي من الحرب «السورية» فحدود العراق مفتوحة لإيران نحو سوريا, التي أوصلت القاعدة وجبهة النصرة والحرس الثوري الإيراني وكل المليشيات الأخرى المتعددة الجنسيات لمساندة النظام السوري بقتله لشعبه.
ومع ذلك كله وبكل أسف إن الحكومة العراقية برئاسة العبادي تدار بريموت كنترول صنع في طهران.. طهران الدولة الراعية للأرهاب والحديث اليوم عنها كدولة إرهابية حافل بكل الصحافة الدولية والعربية وسائر فضائياتها.. وخصوصاً في الحدث الكبير حول احراق إيران للسفارة السعودية بطهران وقنصليتها بمشهد. وهو ما آثار الكثير من ردود الأفعال العربية بقطع العلاقات مع إيران تضامناً مع السعودية التي قطعت علاقتها بطهران واعتبار البعثات الدبلوماسية غير آمنة في دولة عدوانية لا تراعي القوانين والأنظمة الدولية.. والتي هي الآن في مأزق لا تحسد عليه. ومن المضحك اعتذارها للسعودية الذي يعتبر اعتذاراً مرفوضاً..كما أنني لا أرى فرقاً ما بين سياسة الهالك خميني وعلي خامئني في انتهاج الفتن وتكرار المحن والتي تعد من الثوابت الفارسية الفيروسية.