غسان مصطفى الشامي ">
يوماً بعد يوم تزداد جرائم العدو الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني، في القدس المحتلة والضفة وغزة، ولا يتوانى العدو عن إظهار حقده الدفين بحق الكل الفلسطيني، فمنذ بدء انتفاضة القدس في أكتوبر الماضي لا يكف الاحتلال عن ممارسة جرائمه بحق أبناء الشعب الفلسطيني بين القتل والحرق والتدمير، بل وتزداد ممارسة الاحتلال في تضييق الخناق والتهديد والملاحقة للمقدسيين وأهلنا في الضفة المحتلة، واستخدام سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى ضد المرابطين والمرابطات في المسجد، كافة هذه الجرائم وغيرها لا يلقي لها المجتمع الدولي بالاً ولا يدينها أو يستنكرها، وإذا سمعنا صوتاً أممياً نسمع مجرد دعوات لضبط النفس.
ولا يخفى على أحد جرائم العدو الصهيوني والمستوطنين بحق أطفال فلسطين، وجريمة حرق الطفل علي الدوابشة وعائلته، حيث بثت القناة العبرية العاشرة الأسبوع الماضي مشاهد لحفل عرس أحد المستوطنين بالقدس المحتلة، وبيَّنت المشاهد قيام بعض المستوطنين بتوجيه البنادق والسكاكين إلى صورة الطفل الشهيد علي الدوابشة، كما أظهر التسجيل قيام المحتفلين برفع مستوطن مقنّع على الأكتاف وهو يحمل زجاجة حارقة وسط هتافات تدعو لتكرار محرقة دوابشة كما يقوم بطعن صورة الطفل دوابشة مرات عديدة.
وبحسب الصحافة العبرية فإن الصهاينة الذين يرقصون على حرق الطفل الدوابشة يُطلق عليهم مسمى (فتيان التلال)، وهم يُعتبرون الأكثر تطرفاً بين جموع المستوطنين ويزيد عددهم على 400 ألف مستوطن في الضفة الغربية، كما وصفت صحيفة يديعوت العبرية الحفل الراقص بقولها: «رقص المحتفلون وغنوا على أنغام أغاني الثأر، ورفعوا في أيديهم زجاجات حارقة كرمز لإحراق منزل عائلة دوابشة، كما لوحوا بالبنادق والمسدسات وفي ذروة الرقص، وغرسوا سكيناً في صورة علي دوابشة الذي احترق حتى الموت، كما غنى المحتفلون أغاني الثأر التي كتبت رداً على عمليات نفذها الفلسطينيون».
إن هذه المشاهد التي بثها التلفزيون العبري تمثّل أكبر إدانة للعدو الصهيوني، وللدولة العبرية وتاريخها الأسود في قتل الأطفال الفلسطينيين وحرقهم، ويجب ألا تمر هذه المشاهد الاستفزازية مرور الكرام، بل يجب العمل على فضحها في وسائل الإعلام، ومخاطبة المؤسسات الأممية التي تهتم بحقوق الأطفال بهذه الممارسات العنصرية، خصوصاً أن الاحتلال الصهيوني قد قتل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة المئات من الأطفال واعتقل حوالي 1500 طفل فلسطيني.
إن ما بثته القناة الصهيونية العاشرة دليل قاطع على النوايا الإجرامية للمستوطنين لمواصلة جرائمهم بحق أبناء شعبنا، ودليل حقيقي على النهج الدموي الإرهابي للمستوطنين في حربهم ضد الوجود الفلسطيني.
إن الجرائم الصهيونية بحق أطفال فلسطين تضرب بعرض الحائط كافة الشرائع الإنسانية والقانونية والدينية، وتنسف كافة المعاهدات الدولية، ولا بد من إعلان حقيقي وصريح من قِبل الأمم المتحدة أن الكيان الصهيوني يتنصل من كافة الاتفاقات الدولية ولا يحترم حقوق الأطفال، ويمارس جرائم ضد الإنسانية.
وقد أعلنت وسائل الإعلام العبرية عن غضب رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) لرؤية هذه المشاهد، وأشار إلى أن هؤلاء المستوطنين يُشكّلون خطراً كبيراً على المجتمع (الإسرائيلي)، لكن في المقابل فإن (نتنياهو) هو من أعطى الضوء الأخضر للمستوطنين لكي يقتلوا ويحرقوا الأطفال ويرتكبوا أبشع الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، كما أن أكثر أعضاء حكومة (نتنياهو) المتطرفة هم من غلاة المستوطنين، ويشجعون جرائم المستوطنين، ويدعمون بناء الآلاف من الوحدات الاستيطانية، كما يُعد (نتنياهو) من أكثر المسؤولين الصهاينة في تاريخ الكيان دعماً للمستوطنين وتشجيعاً لجرائمهم المتواصلة.
ولا تتوقف جرائم العدو الصهيوني بحق الأطفال والشهداء الفلسطينيين على إظهار مظاهر الحقد الممنهج الدموي للمستوطنين تجاه أبناء الشعب الفلسطيني، بل يتعداه إلى جرائم بحق جثامين الشهداء من خلال سرقة أعضائها والتنكيل بها، وهذا ما كشفته مؤخراً تقارير إعلامية وحقوقية عن قيام الكيان الصهيوني بسرقة أعضاء شهداء القدس والضفة قبل تسليم الجثمانين لأهالي الشهداء، بل ويتعمّد الكيان بفرض شروط على أهالي الشهداء والمطالبة بدفن الشهداء في الليل، ودفن الجثامين مباشرة دون إخضاعها للتشريح، مقابل تسليمها لذويها، وهذا من قوبل بالرفض من قبل أهالي الشهداء، فيما طالبت المراكز الحقوقية في الضفة بضرورة العمل على إيجاد آلية معينة وإشراف جهة محايدة على استلام جثامين الشهداء، والكشف عليها، لضمان أن الجثمان لم يتم سرقة أعضاء منه، أو أن الشخص أُعدم بدم بارد ومن مسافة صفر.
أمام هذه الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين وغيرها من الجرائم، المطلوب من كل فلسطيني العمل على توثيقها وإثباتها عبر الشهود والحقائق الدامغة، ورفعها لمحكمة الجنايات الدولية، ومواصلة ملاحقة الكيان الصهيوني في مؤسسات المجتمع الدولي، وفضح جرائمه والسعي الجاد لفرض الحظر على الكيان وطرده من المؤسسات الدولية لارتكابه جرائم ضد الإنسانية بحق أبناء الشعب الفلسطيني.