التبادل مع إيران يعادل «خمس» الـ(1%) من إجمالي تجارة المملكة مع دول العالم ">
الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تبلغ مساحة إيران حوالي 1.6 مليون كم2 وعدد سكانها نحو 78 مليون نسمة..ويتميز الاقتصاد الإيراني بأنه يمتلك10% من احتياطيات النفط العالمية.. وهي دولة عضو في منظمة البلدان المصدر للنفط أوبك، وتنتج حوالي 4 ملايين برميل يوميا، يصدر أكثر من نصفها إلى الخارج بينما تذهب الكمية الباقية للاستهلاك المحلي وتقدر احتياطيات إيران من الغاز الطبيعي بنحو 29.61تريليون م3 وهو ما يشكل 15% من احتياطيات الغاز في العالم، وتصدر الغاز إلى تركيا عبر خط أنابيب تبريز- أنقرة وإلى أرمينيا عبر خط أنابيب يصل بين أرمينيا وإيران. وتستورد الغاز من تركمانستان عبر خط أنابيب دولة أباد - سرخس - خانكيران. ورغم هذه الإمكانات النفطية لإيران، إلا أنها تعاني من مشكلات اقتصادية عميقة، حيث يعاني اقتصادها من وصول معدل التضخم إلى نحو40% في بعض القطاعات ومعدلات بطالة عالية تناهز 15%، ووصول الديون الخارجية إلى 21.0 مليار دولار، اضافة الى عدم استقرار الريال الإيراني الذي يسجل تراجعا من حين لآخر. فالعقوبات الاقتصادية المتوالية التي فرضت على إيران شكلت ضغطا غير عادي على الاقتصاد الذي أصبح يتحرك كالطائر بجناح واحد لفترة طويلة.
وشهدت إيران منذ عقود طويلة حالة توتر سياسي منذ بداية الثورة الإسلامية وعودة الخميني حيث دخلت البلاد في حالة من الصراعات، امتدت إلى حرب طويلة من العراق، ثم الدخول في عزلة سياسية وتجارية مع غالبية الدول الإقليمية.
ملامح الاقتصاد الإيراني
رغم أن عدد السكان يصل إلى 79 مليون نسمة ورغم أن الدولة تمتلك10% من الاحتياطيات النفطية و15% من احتياطيات الغاز بالعالم، فإن حجم الناتج المحلي الإجمالي بإيران لم يتجاوز 416 مليار دولار، بمعدل نمو في حدود 3%، ومع ذلك يزيد معدل الفقر عن20%. وتشير أحد التقارير إلى مؤشر البؤس يزداد عام بعد عام بإيران، و(مؤشر البؤس) هو حصيلة إجمالية للتضخم وأسعار الفائدة ومعدلات البطالة منقوصا منها النسبة المئوية للتغير السنوي في إجمالي الناتج الوطني الفردي، مما يقدم صورة واضحة للظروف الاقتصادية التي يواجهها الإيرانيون.
العقوبات والحصار الاقتصادي على إيران
تم فرض العقوبات على إيران منذ 2010، بحيث ركزت في البداية على وارداتها من السلاح .. ثم بدأت تستهدف القطاعين المصرفي والنفطي الإيرانيين بالتدريج من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتم توقيع عقوبات على الشركات الإيرانية، ومن يتعامل معها من شركات أو جهات خارج إيران.. وتصاعدت حدة العقوبات والحصار تدريجياً حيث وصل ذروته عام 2012 بتشديد الخناق على قطاع الطاقة الإيراني والمتعاملين معه، وتهديد إيران بغلق مضيق هرمز وتعطيل إمدادات النفط من منطقة الخليج العربي بأسرها. وكنتيجة لهذه العقوبات تراجعت الصادرات النفطية، وحقق الاقتصاد الإيراني وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، تراجعاً في الناتج المحلي الإجمالي بـ6.6% في 2012، حيث بلغ الناتج المحلي 418.9 مليار دولاراً، مقارنة بـ 564.5 ملياراً في العام السابق له 2011، كما استمر التراجع في 2013 بنسبة 1.9%، وبلغ الناتج المحلي في 2015م حوالي 416 مليار دولاراً فقط، أى أن الناتج المحلي قد فقد ثلث حجمه في عامين فقط بسبب العقوبات. كما فقد الريال الإيراني 58.8% و58.9% من قيمته أمام الدولار واليورو على التوالي بين عامي 2011 و2014، وهو ما أدى إلى زيادة أسعار السلع والخدمات المستوردة، بالتزامن مع تخفيض إجمالي الواردات في تلك الفترة من 77.8 مليار دولاراً في عام 2011، وصولاً إلى 55.2 في 2014، وذلك لانخفاض عائدات تصدير النفط المستخدمة لتمويل الواردات. ونتج عن ذلك نقص السلع في السوق الإيراني وارتفاع أسعارها، وهو ما انعكس على معدلات التضخم السنوية التي قفزت من 12.4% في 2010، إلى 34.7% في 2013، بما يعني تدهور القوة الشرائية للمواطنين وتراجع في مستويات الرفاهية العامة والأوضاع المعيشية.
انحسار العلاقات التجارية الإيرانية مع دول العالم
رغم الإمكانات النفطية لإيران إلا أن علاقاتها التجارية اتصفت بالضعف، حيث إن إجمالي صادرات إيران لم تزد عن 70 مليار دولار .. في مقابل حوالي 55 مليار دولار للواردات.. أي أن حجم التبادل التجاري لإيران يصل في الإجمالي إلى حوالي 125 مليار دولار. في المقابل، فإن حجم الصادرات السعودية يصل في الإجمالي إلى حوالي 375.9 مليار دولار، في مقابل واردات تصل إلى 168.2 مليار دولار أي أن حجم التبادل التجاري للمملكة يصل إلى حوالي 544.0 مليار دولار، حسب احصاءات 2013م.
طبيعة التجارة الإيرانية مع دول العالم
يتمثل هيكل التجارة الإيرانية في النفط 80%، المواد الكيميائية والمنتجات البتروكيماوية (4%)، الفواكه والمكسرات (2%)، سيارات (2%)، والسجاد (1%).. وتعتبر الصين من كبرى الشركاء التجاريين في الصادرات بنسبة تصل إلى 15.4%. في المقابل يتكون هيكل الواردات الإيرانية من المواد الخام الصناعية والسلع الوسيطة (46%) والسلع الرأسمالية (35%) والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية الأخرى (19%) وتعتبر الإمارات من كبرى الشركاء التجاريين في الواردات بنسبة تصل إلى 19.3%.
علاقات تجارية غير مستقرة (السعودية - إيران) منذ البداية
كانت العلاقة السعودية الإيرانية جيدة في عهد الشاه، إلا أن الأمور انقلبت بعد الثورة الإسلامية حتى وصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بسبب ما حدث في حج عام 1987من الحجاج الإيرانيين، واستمرت هذه القطيعة حتى عام 1991 م.. وتحسنت العلاقات في عهد الرئيس هاشمي رفسنجاني، ومن ثم في عهد الرئيس محمد خاتمي، ورغم التحسن خلال فترة من الزمن، إلا أن العلاقات بدأت تتدهور بعد أن وصل محمود أحمدي نجاد.. والآن في عام 2016 تعلن المملكة عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.
حجم التعاون الاقتصادي بين المملكة وإيران
قد لا يتصور البعض أن المملكة تعرف إيران بالمكسرات التي تمثل أشهر السلع السعودية المستوردة من إيران، فالفستق والزبيب وما شابههم تصل واردات السعودية منهم من إيران ما يناهز 70 مليون ريال، أي ما يعادل 15% من إجمالي الواردات. أما نصف الواردات السعودية من إيران فتتمثل في منتجات أسمنت كلنكر ومنتجات حديدية، وهي واردات لا تدخل في نطاق الواردات الرئيسية أو الهامة للمملكة، بل أنها تمثل نسبة لا تزيد عن 2% من إجمالي الواردات لكل من هذه المنتجات.
أما بالنسبة لهيكل الصادرات السعودية إلى إيران، فيتمثل في زيوت نفط خام ومنتجاتها وبيوتال الأثير الثلاثي الميثل، وصودا في محلول مائي أو صودا سائلة، وبروبين وسيترين. وهذه المنتجات تمثل منتجات تخصصية قد تعاني إيران في الحصول عليها من دول أخرى قريبة وبذات الاسعار التي تحصل عليها من السعودية. ويصل حجم الصادرات السعودية إلى إيران إلى حوالي 383 مليون ريال حسب إحصاءات2014، في مقابل حوالي 682 مليون ريال للواردات السعودية من إيران، أي أن الميزان التجاري يميل لصالح إيران التي كانت تستفيد من تجارتها مع المملكة، حسب احصاءات 2014م. وإجمالا يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 1065 مليون ريال، وهي قيمة تساهم في إجمالي التبادل التجاري للمملكة مع دول العالم بنسبة 0.20%. وبالتالي فإن المملكة لن تخسر شيئا من وقف علاقاتها التجارية مع إيران، حيث إن وارداتها من إيران هي واردات غير هامة بالمرة، وتتمركز في المكسرات والفستق والزبيب، كما أن صادرات المملكة إلى إيران لاتشكل سوى نسبة 0.10% من إجمالي الصادرات السعودية إلى دول العالم، وهذه الصادرات تمثل أهمية لإيران لأنها تتضمن منتجات رئيسية تمثل مدخلات لصناعة البتروكيمياويات في المقابل فإن المملكة تمتلك أسواق مفتوحة كثيرة ومتعددة لتصدير هذه الكميات الضئيلة التي تصدرها لإيران. وعليه فإن وقف العلاقات التجارية بين الدولتين، لن يؤثر مطلقا على الاقتصادي السعودي الذي لايرتبط الآن بعلاقات قوية أو مؤثرة مع إيران، بل أن حجم التبادل التجاري مع إيران لايشكل سوى 0.20% من إجمالي تعاملات السعودية التجارية مع العالم، كما أن هذه العلاقات تتمركز في سلع ومنتجات غير هامة ولاتمثل أهمية للسعودية، رغم أنه يتضح أنها تمثل بعض الأهمية لإيران كمدخلات وسيطة استراتيجية لصناعة البتروكيماويات.