الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد: فيعتبر يوم أمس الأول السبت الموافق للثاني والعشرين من شهر ربيع الأول لعام ألف وأربعمائة وسبعة وثلاثين من الهجرة، الموافق للثاني من يناير لعام 2016 من الأيام المشهودة في تاريخ مكافحة الإرهاب على المستويين المحلي والدولي؛ فالمملكة العربية السعودية عانت - ولا زالت- تعاني من خطر الإرهاب الذي لا يعرف حقاً ولا يعطي للنفس البشرية وزناً.
ومنذ عام 2003م والمملكة العربية السعودية في حربٍ ضروس لا هوادة فيها مع قوى الشر والطغيان، حتى استطاعت - بحول الله وقوته- من وأد كثيرٍ من المخططات والعمليات الإرهابية، وقبضت على مخططيها وعقولها المدبرة، والمحرّضة، والمشرّعة لهذا الداء العضال، الذي عانى العالم بأسره من تبعاته واكتوى بنيرانه.
وبعد القبض عليهم تمت مراحل الدعوى الجزائية في حقهم بكل عدلٍ وإنصاف، إلى أن تمّ تقديمهم للقضاء العادل الذي راقب مشروعية الإجراءات السابقة من قبضٍ وتفتيشٍ واستجوابٍ ومواجهات، ثم ناقشهم مناقشةً تفصيلية عن كل تهمةٍ أسندت إليهم، كلٌّ على حدة، وبحضور محامٍ يراقب ضمانات المحاكمة العادلة لهم، ويقدّم دفوعهم بشكلٍ قانوني، دون النظر في انتماء المتهم أو عقيدته أو طائفته، فمتى ما توافرت أركان الجريمة المادية، ووُجد القصد الجنائي، والرابطة السببية، وانتفت الموانع؛ فالقضية جاهزة لإصدار الحكم على المتهم، وبالفعل صدرت أحكام القضاء العادل المستقل بإدانتهم بما نسب إليهم من جرائم، والحكم على أربعةٍ منهم بالقتل حداً للحرابة، والبقية بالقتل تعزيراً، وكان حكماً ابتدائياً من ثلاثة قضاة قابلاً للاستئناف والمراجعة، وبالفعل تمت المراجعة ونُقضت أحكامٌ كثيرة، وأُيّدت هذه الأحكام التي تم تنفيذ القتل بأصحابها من قبل خمسة قضاة على درجة استئناف، دققوا الحكم وراجعوه، ثم تم رفعه لقضاةٍ أكثر خبرة وتجربة، وهم قضاة المحكمة العليا وعددهم خمسة، راجعوا الحكم ودققوه، ثم صادقوا عليه، فتمّ الرفع للمقام السامي الكريم بطلب الإذن بالتنفيذ كون العقوبة إتلافية، وفعلاً جاء الإذن بالتنفيذ؛ فتم تنفيذ الحكم عليهم في صبيحة يوم السبت 22-3-1437هـ، في اثنتي عشرة منطقة من مناطق المملكة، البعض منهم تم قتله بالسيف، وهي آلة القتل المعتمدة في المذهب الحنبلي، والبعض تم إزهاق روحه برميه بالرصاص، ولا مشاحة في كلا الاختيارين، فالمقصود إزهاق الروح بأسرع وسيلة تُزهق فيها الروح، بعيداً عن تعذيب المحكوم أو التشفي به ـ فالحمد لله أولاً وآخراً.
نسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا وقيادتنا وشعبنا من كل سوء، وأن يوفّقنا لكل خير، والله من وراء القصد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
د. محمد بن عبدالعزيز المحمود - مستشار قانوني