«الهجرة» و«الطفرة» و«التقنية» أبرز أسباب المتغيرات الثقافية ">
الرياض - الجزيرة:
أرجع مختص في المجال التربوي والاجتماعي أسباب المتغيرات الثقافية التي طاولت المجتمع أخيرًا إلى الهجرة وما نتج عنها من اكتساب لثقافات جديدة، فضلاً عن الطفرة الاقتصادية، وما صاحبها من تغيرات في نمط الحياة، لا سيما ما يتعلق بالجوانب الثقافية والتقنية، مما ألقى بظلال على حياة الأسرة في المجتمع السعودي على وجه الخصوص، والمجتمعات الإسلامية والعربية عمومًا. وشدد على احتواء الآثار السلبية للانفتاح الثقافي، لافتًا إلى أهمية أن تنهض الأسرة والمؤسسات التعليمية بدرهما المطلوب لمواجهة الانعكاسات الخطيرة للمحتوى الإعلامي والثقافي، خصوصًا المنتجات الموجهة للنشء وطلاب المدارس، الأمر الذي يستوجب تزويدهم بالمهارات الحياتية المختلفة التي من شأنها توعيتهم بالمخاطر المحدقة، مشيرًا إلى البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات «فطن» ودوره الكبير في احتواء المشكلات الناجمة عن ذلك. ويؤكد الكاتب الصحفي المهتم بالشؤون الإنسانية الأستاذ حسن مشهور، أن الوفرة المالية التي حققتها مبيعات النفط في الآونة الأخيرة أحدثت نقلة نوعية في نمط حياة الأسرة السعودية، فخلال عقود بسيطة من الزمان حدثت جملة من المتغيرات في الآلية الحياتية والمعاشية للأسرة نقلتها من حياة البداوة بمكونها المادي والثقافي البسيط، إلى حياة التمدن بما تتسم به من تعقيدات وحالة إرباك مع مسحة حضارية أبرز ملامحها حياة الرفاهية.
فنشأت جملة من المتغيرات على البنية الثقافية للأسرة السعودية وللمكون البشري في المجتمع السعودي بشكل عام. إِذ إن تحسن ظروف المعيشة ووجود طرائق وسبل السفر قد مكن الفرد السعودي من السفر للخارج والاطلاع على أنماط مغايرة لما اعتاد على تعاطيه. إضافة إلى الهجرة بغية الكسب المادي لأفراد من شعوب آسيا وجنوب شرق آسيا وباقي الدول العربية وشمال إفريقيا إلى الداخل السعودي، قد أوجدت في الشارع السعودي وضمن التشكيلات السكانية السعودية متغيرًا ثقافيًا جديدًا وطارئًا حمله معهم هؤلاء المهاجرون سواء أكانوا من ذوي الأعمال اليدوية أو خادمات منزليات، وهذا المتغير لم يكن في الغالب مما يستحب لكننا تماهينا معه وتأثرنا به. ولفت مشهور، إلى أن التغير المادي النوعي الذي جلبته مرحلة الطفرة على حياة الأسرة السعودية قد سمح باستيراد آخر منتجات التقنية العالمية الحديثة. فانطلاقاً من عصر التلفزيون مرورًا بمرحلة الهاتف ثم نظام البث الفضائي المباشر «الكيبل» وحضور الشبكة العنكبوتية في الحياة السعودية والهاتف المحمول «الجوال»، وانتهاء بعصر النانو - التقنية المتناهية في الصغر - الذي قد بدت تجلياته تبرز على ساحة المُنْتَج العالمي، فإن مستقبل الأسرة السعودية سيظل رهنًا بالمتغير الثقافي والتقني العالمي وخصوصًا بعد أن أصبح العالم قرية كونية صغيرة. وعن انعكاسات هذه المتغيرات قال: من الطبيعي أن يكون لأي طارئ حياتي أثر وبشقيه السلبي والإيجابي. وقد تكون الإيجابيات هي من الأمور المرحب بها والأكثر حضورًا على الساحة الاجتماعية كنتاج لتكيفها مع الحالة التفاعلية للمجتمع. ولكن يظل للسلبيات حضور كذلك، حتى وإن لم يكن مرحبًا به، وهي سمة طبيعية للصيرورة الحياتية للمجتمعات المتمدنة، ولكن هذه الأمور المتصفة بالسلبية يمكن تلافيها أو على الأقل تحييدها عبر العمل الجماعي والمشترك للمكون البشري للمجتمع. فمراكز الوعظ مثلاً - المساجد - لها دورها الرئيس والفاعل في مواجهة السلبيات الطارئة على المجتمع.
كما أن للمؤسسة التعليمية - المدرسة - النصيب الأوفر في التصدي لمثل هذه المتغيرات السلبية وقبل كل ذلك يأتي دور الأسرة التي تعتبر هي المربع الأول في مواجهة أي متغير سلبي والعمل على القضاء عليه أو تحييده.