نوال صعفق العتيبي ">
ذكر الكاتب مصطفى محمود في كتابه الروح والجسد قائلاً: نحن في الجاهلية بعينها ولو تكلمنا بلغة الإلكترونات. ولو مشينا على تراب القمر».
وكأنه أراد أن يقول هناك العادات وتقاليد القبيلة والمنطقة والطائفة التي ابتدعت لزمن غير زمننا، كانت تتناسب في مرحلة من المراحل لحياة أجدادنا ووعيهم في ذاك الزمان الذي كان يعمه الجهل والفقر والعداءات القبلية، ورؤيتهم للحياة التي لم تكن تتعدى مد بصرهم، فلو عاشوا لعصرنا الحالي لما ابتدعوا ما نحن متشبثين به من عاداتهم وتقاليدهم وفكرهم ومعتقداتهم.
الغرابة عندما نرى الآن شباباً يرتدون أحدث الماركات ويجوبون البلدان ويتحدثون اللغات ويسكنون الناطحات ويقودون أحدث السيارات الفارهة.
لكن عقولهم وما تحمله من عادات وعصبية كانت قبلية أم مناطقية أو معتقدات طائفية وفكر متحجر عقيم، ما زالت تقطن تلك الخيام وبيوت الطين وتركب الجمال. يتمسكون ويمارسون معتقدات أسلافهم ويصرّون عليها وبفعلهم هذا كمن يمتطي دابة في طرق سريعة في عاصمة مزدحمة.
وما زال من يخالف تلك العادات والتقاليد التي لم تعد صالحة لهذا العصر ينظر له منهم بنظرة الخائن المارق عن العرف والدين وكأنه نافى ركناً من أركان الإسلام وارتكب إثما بل أشد. أنزلناها منزل التقديس وأصبحت مرجعية نرجع صحة تصرفاتنا وأفعالنا عليها، ونحن لا نعلم، فأصبحت هي مرجعيتنا للحكم والتقييم على بعضنا حتى لو خالفت الدين. فاللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ أَعْلَمُ.
باحثة دكتوراه - جامعة الملك سعود