ناصر السهلي ">
التغيرات الملموسة التي طرأت مؤخرا على تقنية الاتصالات وشبكة الإنترنت، بدء بتغلغل خدمة الوصول السريعة للإنترنت عبر خطوط المشتركين الرقمية عالية السرعة (DSL) وظهور خدمة الاتصال بالإنترنت عبر الهواتف النقالة.
سهلت على (المعلم والطالب ) سرعة الوصول للمعلومات بشكل أكثر مما كان عليه الوضع من قبل.، يعزز ذلك التقنيات الجديدة التي ظهرت على شبكة الإنترنت نتيجة لتطور الاتصالات مثل انتشار مواقع الفيديو والاتصال المرئي وبروز استخدام العوالم الافتراضية والألعاب ثلاثية الأبعاد للتواصل مع غيره.
وكنتيجة لهذه التغيرات بدأ بعض المهتمين والمتخصصين بالتفكير في إمكانية توظيف بيئات العوالم الافتراضية في التعليم والتدريب، وذلك عن طريق السماح للمهتمين بشؤون التعليم والتدريب, في الوصول إلى الموظفين والطلاب خارج قاعات الدراسة التقليدية.
هذه البيئات تعمل على التواصل بين الأشخاص من مختلف بقاع العالم وتمكنهم من التعرف إلى أصدقاء جدد وأيضا تسهم في عملية الإبداع والابتكار بفضل الخاصية المتمثلة في توفير إمكانية بناء المجسمات وتجسيد الشخصيات باستخدام أدوات توفرها هذه العوالم لمستخدميها. كما يمكن تحويل مثل هذه العوالم الافتراضية إلى بيئات مخصصة للدورات التدريبية والنقاشات التفاعلية التي تمارس في العالم الحقيقي مع إدارتها في بيئة آمنة، والأهم من ذلك كله إبقاء الطلاب المشاركين في تقنية تدار عن طريق المجتمع الذي يقطنه.
إن استخدام (الحياة الثانية ) Second Life الافتراضية كبيئة للتعليم أصبحت الظاهرة المشتركة بين العديد من المؤسسات والمنظمات التعليمية التي أسست بالفعل جامعاتها وكلياتها الافتراضية وعقدت بالفعل الدروس الافتراضية مستخدمة منصة التعلم التي يمكن أن تجمع ما بين الرسومات التفاعلية و محاكاة والتكنولوجيا، والواقع الافتراضي، والدردشة , والوسائط الرقمية الغنية. التعليم في الحياة الثانية يعطي المشاركين شعورا بالتواجد في مكان التعلم متحديا كل العقبات التي قد تحول هذا التواجد في البيئة الحقيقية.
من هنا أطلق طلاب الماجستير في الإعلام بجامعة الملك سعود فكرة مشروع إقامة مركز أو قاعة تدريب لطلاب الإعلام بجامعة الملك سعود في بيئة افتراضية ثلاثية الأبعاد والمتمثلة في تطبيق Second Life .بحيث يتم في هذا المركز أو القاعة عقد المحاضرات والندوات والدورات ,التي يتم من خلالها تمكين الطلاب من التطبيق العملي ومعايشة التجربة الإعلامية ,وإكسابهم المهارات الأساسية التي من شأنها مساعدتهم ليصبحوا أفراد ناجحين في المجال الإعلامي ,ويمكنهم أيضا من الاستفادة من تكنولوجيا التعليم الجديدة وجعل العملية التعليمية أكثر فعالية ومتعة.
المشروع يهدف إلى توفير خبرات بديلة لخبرات حقيقية يصعب أو يستحيل اكتسابها في الواقع الحقيقي كحضور المؤتمرات الصحفية أو الندوات و نقل وتمثيل العالم الواقعي داخل الفصل الدراسي لطلاب , وتمكينهم من التفاعل معه بصورة تماثل ما يحدث في الواقع وتقديم التجارب في صورة جذابة تحتوي على المتعة والتسلية ومعايشة المعلومات التحكم فيها وإظهار الحقائق العلمية والأشياء في صورة ثلاثية الأبعاد , حيث يتم مشاهدة المحتوى التعليمي بثلاثة قياسات هي الطول والرض والارتفاع وتوفير مجال عملي لسرعة اكتساب الخبرات وتضييق الفجوة بين المعرفة واكتسابها وتمكين القائمين على العملية التعليمية من حل مشكلات التعليم الحقيقية , حيث يساعدهم في تمثيل المشكلات , وطرح حلول لها و إلغاء الحواجز الزمنية والمكانية , التي قد تعيق العملية التعليمية .
و تدريب الطلاب على التعاون والتفاعل أثناء التعلم , مما يسهم في زيادة فعالية العملية التعليمية.
بدأ الطلاب في شراء قاعة جاهزة في برنامج Second Life وشراء المتطلبات والادوات لازمة لتدريب قسم الإعلام و الإعداد لمؤتمر صحفي افتراضي عن تسليم وحدات سكنية لمشروع الإسكان في وزارة الإسكان.
منذ بدأ الطلاب مشروعهم واجههم عدة عقبات ومصاعب بدءًا بندرة المستخدمين وذوي الخبرة في برنامج نوعي وغير تقليدي مثل برنامج السكندلايف ، تغلبوا عليها واستطاعوا التواصل مع خبراء ومستخدمين أجانب خارج حدود الوطن وتم مراسلة الموقع الرسمي للبرنامج وتم استئجار قاعة مع إجراء تجارب الاستخدام الأولي ثم تم الاتفاق على تجهيزها بكافة المتطلبات من شاشات ومايكات وكاميرات وغيرها .
كانت تواجه الطلاب صعوبة في توفير الزي السعودي لتوفيرها للصحفيين في المؤتمر الصحفي الافتراضي ولتوفير ذلك كان لابد من التواصل مع مصممي أزياء لتصميم أزياء وهذا يتطلب تكاليف مادية عالية.
أوردت هذه التجربة لمشروع طلاب الإعلام الافتراضي كنموذج لما يتمتع به أولا طلابنا من مقدرة على التنافسية والبحث والاستقصاء وتوليد الأفكار وترجمتها إلى واقع ، وتحويل هذه المعارف إلى أدوات يصنع منها اقتصاد وطني معرفي . والأمر الآخر لكي أبرهن أن وزارة التعليم وما يقع تحت مظلتها من مدارس تناهز 33 الف مدرسة و28 جامعة يلتحق بها الكثير من العقول الناضجة والقدرات التقنية الجبارة قادرة بحول الله على تمكين وتوطين هذه التقنية وتطويعها لخدمة اقتصاد المعرفة ، ولعل معالي وزير التعليم يتبنى إنشاء مراكز بحثية في الحامعات تحتضن مثل هذه المشاريع وغيرها الكثير التي ينتجها الطلاب خريجو البكالوريوس أو الماجستير او الدكتوراه ليتم بلورتها وتحويلها إلى صناعة بالتعاون والشراكة مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
تلك المشاريع لو قدم لها الدعم والتنظيم والتطوير لوفرت ميزانيات تضخها الدولة على التعليم والتدريب في مؤسساتها ، خاصة أن وزارة التعليم تقوم على مشاريع بدائل تعليمية إلكترونية في الحد الجنوبي من بلادنا الغالية ، إن هذه العوالم الافتراضية التي تسبح في الفضاء الإلكتروني قادرة على سد ثغرة تعليمية كبيرة لو أحسن استغلالها..