الجبير: تصريحات نظام إيران العدوانية شكلت تحريضاً سافراً شجع على الاعتداء على بعثات المملكة ">
الجزيرة - عوض مانع القحطاني:
أعلن معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير عن قطع المملكة العربية السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطلبها مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (السفارة والقنصلية والمكاتب التابعة لهما) خلال 48 ساعة.
وأكد وزير الخارجية خلال مؤتمر صحفي عقده الليلة الماضية بمقر وزارة الخارجية بالرياض أن النظام الإيراني يحمل سجلاً طويلاً في انتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية الأجنبية، ومن ذلك على سبيل المثال احتلاله للسفارة الأمريكية في عام 1979م، والاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011م، وأخيرا الاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد.
انتهاك صارخ
وشدد الجبير على أن هذه الاعتداءات المستمرة للبعثات الدبلوماسية تشكل انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية كافة، كما أنا تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضاً سافراً شجع على الاعتداء على بعثات المملكة.
سياسة عدوانية
وأشار إلى أن هذه الاعتداءات تعتبر استمراراً لسياسة نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب بها، وهذا الأمر يؤكده توفير نظام إيران ملاذاً آمناً على أراضيها لزعامات القاعدة منذ العام 2001م، كما وفر النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير أبراج الخبر عام 1996م.
نشر الاضطرابات
وأضاف قائلا: يضاف إلى هذه الأعمال العدوانية، قيام النظام الإيراني بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها المملكة، لنشر الاضطرابات بها.
تدخلات سلبية
ومضى وزير الخارجية في القول إن تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في شؤون الدول العربية، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار، وقتل الأرواح البريئة.
وأضاف: والمملكة وفي ظل هذه الحقائق، تعلن عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (السفارة والقنصلية والمكاتب التابعة لهما) خلال 48 ساعة، وقد تم استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه بذلك.
لا نقبل انتقاد نظامنا القضائي
وردا على تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكي وأمين عام الأمم المتحدة حول إعدام نمر النمر قال الوزير الجبير: لقد أوضحنا للجانب الأمريكي موقف المملكة وقلنا لهم إن المملكة لديها نظام قضائي مستقل وعادل.. ولا نقبل أي انتقادات لنظام القضاء في المملكة.. وما حدث هو إدانة أشخاص قاموا بعمل إرهابي أدى إلى قتل أناس أبرياء وتمت محاكمتهم بشكل شفاف وبشكل عادل وتمت إدانتهم من قِبل النظام القضائي في المملكة.. وقد مرّت محاكمة هؤلاء الإرهابيين بجميع المراحل كما ذكر من قبل وزارة الداخلية ووزارة العدل.
هؤلاء إرهابيون
وأضاف وزير الخارجية قائلاً: لا يجوز أن تربط هذه الأحكام بأي مذاهب أو مناطق أو عرقية.. هؤلاء إرهابيون تمت إدانتهم بسبب تورطهم في عمليات أدت إلى قتل الأبرياء.. هذا ما حدث والمملكة لا تقبل دخلات أي جهة في نظام القضاء في المملكة، كما أننا نحترم أنظمة القضاء في دول أخرى ويتم التوضيح للدول التي لديها قضايا في هذا الشأن.
تواصل مع العراق
وحول سؤال عن وجود دعوات من عراقيين بضرب المصالح السعودية في العراق والدول الأخرى.. رد الوزير نحن ننظر لكل هذه التهديدات بجدية وقد تم التواصل مع الحكومة العراقية حيالها وأكدت الحكومة العراقية التزامها بالقوانين الدولية التي تطلب حماية البعثات الدبلوماسية وسوف تبذل كل ما في جهدها لحماية السفارة السعودية بدون شك أي تهديد يجب أن نتعامل معه بجدية، لكن المملكة ملتزمة وحازمة لمواجهة هذا التهديد والإرهاب بكل أشكاله ولن نسمح لأحد لاعتداء على مواطنينا وشعبنا.
لم يكن لدينا تنسيق مع دول مجلس التعاون
وحول انضمام دول مجلس التعاون للمملكة وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران قال الوزير الجبير.. هذا اليوم أعلنت المملكة قطع علاقاتها مع إيران للأسباب التي بيّنها البيان.. هناك موقف لدول المجلس؛ بمعنى لم يكن لدينا تنسيق مع دول مجلس التعاون بهذا الخصوص، هناك بيان من مجلس التعاون يدين هذه العدوان والمواقف الإيرانية وانتهاك حرمة السفارة السعودية، وهناك مواقف تدعم المملكة في كثير من القضايا وترفض تصرفات إيران.. كما أن هناك العديد من دول العالم تقف مع المملكة حيال تصرفات إيران.
راعية للإرهاب
وقطع العلاقات يعود لكل دولة تقرر ماذا تعمل.. وقرارنا هو بناء على مصالح المملكة.. وما رأته ويؤكد موقفا، نرفض التعامل مع دول راعية للإرهاب تسببت في قتل الأبرياء وقامت بنشر الفوضى والطائفية في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، من هنا جاء قرار المملكة بقطع العلاقات، ونفى معاليه أن يكون هناك سعوديون في إيران مازالوا محتجزين.
ضلوع القيادات الإيرانية
وبيّن وزير الخارجية أن الدلائل تؤكد أن القيادات الإيرانية ضالعة فيما قام به هؤلاء المتظاهرون وإحراق السفارة ومصادرة الأجهزة ودخول الأجهزة الأمنية الإيرانية داخل السفارة رغم أن الدبلوماسيين السعوديين لم يستطيعوا دخول السفارة إلا يوم الأحد.. كما أن هناك دلائل تؤكد أن هناك استبدالا للمتظاهرين وهذا شيء غريب وإذا لم تكن الحكومة الإيرانية متورطة فإنها مقصرة وبشكل ملحوظ في حماية بعثة دبلوماسية على أراضيها.
مقاضاة إيران لدى الأمم المتحدة
وحول سؤال لـ(الجزيرة).. هل ستقاضي المملكة إيران في الأمم المتحدة وترفع قضية حول عدم حماية البعثة الدبلوماسية وإحراق السفارة وسلب الأجهزة والمعدات أجاب الوزير الجبير قائلاً: المملكة ستعمل على ذلك وترفع شكواها إلى الأمم المتحدة وتقاضي إيران، بالإضافة إلى الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي..
وسنبذل كل ما في جهدنا لضمان حقوقنا وضمان الخطوات المستقبلية للمملكة العربية السعودية.. الهدف هو حماية مصالح المملكة وحماية الشعب السعودي.
تفاصيل الاعتداءات
من جانبه، استعرض رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية السفير أسامة بن أحمد نقلي، تفاصيل تطورات الأحداث العدوانية التي تعرضت لها كل من سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد.
وقال: فيما يتعلق بالاعتداء على بعثتي المملكة، جرى تسلسل الأحداث والاعتداءات على النحو التالي:
- تلقت السفارة في طهران صباح يوم السبت 22-3-1437هـ عدة اتصالات هاتفية بتهديد منسوبيها بالقتل.
- في تمام الساعة (2:20) ظهر نفس اليوم بدأ توافد الحشود أمام السفارة، وتحرك القائم بأعمال السفارة فوراً بالاتصال بالخارجية الإيرانية لإحاطتها بذلك، ومطالبتها بتأمين الحماية للسفارة إلا أنه لم يجد أي تجاوب.
- عند حوالي الساعة (9:30) مساء السبت 22-3-1437هـ، احتشدت جموع أخرى من المتجمهرين أمام مقر السفارة، وقامت بقذفها بعبوات حارقة ورشقها بالحجارة.
- في حوالي الساعة الثانية من فجر يوم الأحد 23-3-1437هـ لوحظ أنه تم استبدال الحشود الأولى بحشود جديدة حلت مكانها، حيث قام اثنان منهم باقتحام السفارة، وإحراق أجزاء من المبنى.
- وقرابة الثانية والنصف فجراً بتوقيت طهران اقتحم المحتشدون مبنى السفارة، وتواصل القائم بأعمال السفارة مجدداً مع الخارجية الإيرانية إلا أنه لم يجد منهم أي تجاوب أيضا.
- حاول القائم بالأعمال بالنيابة الحصول على حماية لزيارة مقر السفارة لتفقده، إلا أنه لم يُمكن من ذلك إلا بعد عصر اليوم الأحد 23-3-1437هـ، حيث وجد أن المبنى طاله الخراب والدمار، وتم تكسير محتوياته، ونهب وسرقة ما به من أجهزة وأثاث.
- في حوالي الساعة (3:30) فجر الأحد 23-3-1437هـ تم قطع التيار الكهربائي عن الحي الذي تقع به مساكن موظفي السفارة ولمدة ساعة.
اعتداءات على القنصلية في مشهد
وفيما يتعلق بالاعتداءات على القنصلية العامة في مشهد جرت الأحداث كالتالي: في الساعة (11) صباح يوم السبت 22-3- 1437هـ اقتحمت سيارة أجرة وبشكل مباشر بوابة الحاجز الأمني للقنصلية في محاولة لاقتحام بوابة القنصلية الداخلية، دون أن تمنعها السلطات الإيرانية من ذلك.
- في حوالي الساعة (4:30) من مساء يوم السبت 22-3- 1437هـ تجمعت حشود أمام مبنى القنصلية تُقدر بنحو أكثر من ألفي شخص، وقاموا برشق المبنى بالحجارة والعبوات النارية الحارقة، مما أدى إلى تكسير بعض النوافذ الزجاجية الخارجية للمبنى، وحاولت مجموعة منهم اقتحام المبنى إلا أنها لم تتمكن من ذلك، ولم تقم السلطات الإيرانية بأي جهد لمنع مثل هذه الأعمال الإجرامية أو اعتقال المتسببين فيها.
ليست المرة الأولى
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها بعثة المملكة في طهران ومشهد مثل هذه الاعتداءات، بل سبقتها اعتداءات مماثلة خلال السنين الماضية، تحت مرأى ومسمع من الحكومة الإيرانية، دون اتخاذ أي تدابير للحفاظ على أمن وسلامة بعثة المملكة ومنسوبيها، أو تقديم الجناة للعدالة.
وبناءً على هذه الاعتداءات فقد قامت المملكة باتخاذ الإجراءات التالية: أولاً: تم استدعاء السفير الإيراني لدى المملكة مساء يوم السبت الموافق 22-3-1437هـ بمقر وزارة الخارجية، وتم تسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، حملت فيها النظام الإيراني مسؤولية هذه الاعتداءات بكاملها، وذلك انطلاقاً من مسؤولية الدولة المضيفة في توفير الحماية للبعثات الأجنبية، وفقا لما نصت عليه الاتفاقيات والقوانين الدولية المشددة بهذا الشأن.
إحاطة مجلس الأمن
ثانيًا: قامت المملكة بإحاطة مجلس الأمن الدولي بهذه الاعتداءات، إلى جانب إحاطة كل من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وطالبت مجلس الأمن الدولي بضمان حماية البعثات الدبلوماسية ومنسوبيها وفقا للاتفاقيات والقوانين الدولية.
التواصل مع جميع الدول
ثالثًا: تم التواصل مع جميع الدول التي للمملكة علاقات بها لتوضيح التصريحات العدوانية الصادرة عن الحكومة الإيرانية التي أدت إلى التحريض بانتهاك حرمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد.
إجراءات الطوارئ
رابعًا: تم اتخاذ إجراءات الطوارئ لمثل هذه الحالات، والعمل على إجلاء عوائل منسوبي البعثة من النساء والأطفال البالغ عددهم 47 فرداً، وكان من المفترض أن يغادروا على رحلة طيران الإمارات التي تقلع الساعة (7:20) مساءً بتوقيت طهران، إلا أن السلطات الإيرانية أعاقت مغادرتهم على هذه الرحلة، وتمت مغادرتهم على رحلة الساعة العاشرة مساء هذا اليوم بتوقيت طهران، وهم الآن في طريقهم إلى أرض الوطن، وفي هذا الصدد نشكر دولة الإمارات العربية المتحدة على مساعدتها في عملية الإجلاء لمنسوبي البعثة في إيران، كما نشكر دول مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وعدد من الدول على مواقفها الحازمة ضد الاعتداءات التي تعرضت لها البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران.
وفي الختام أود الإشارة إلى أن جميع أفراد البعثة الدبلوماسية ومنسوبيها في طهران ومشهد لم يتعرضوا لأي أذى، ولله الحمد، سواء من بقي في إيران أو غادرها، ونحن حريصون على ضمان أمنهم وسلامتهم من خلال المتابعة المستمرة.
عوائل منسوبي بعثة المملكة يصلون دبي
وقد وصلت -بحفظ الله ورعايته- عوائل منسوبي بعثة المملكة الدبلوماسية في طهران ومشهد البالغ عددهم 47 شخصًا إلى مدينة دبي، في طريقها إلى المملكة العربية السعودية، علمًا بأن البعثة قد غادرت طهران الساعة العاشرة مساء بتوقيت طهران.