الحزن على فَقْد من نحبُّ إنما هو من المكانة التي لهم في قلوبنا. وحُقَ للعين أن تدمعَ لموت رجل فاضل, هو الشيخ أحمد بن محمد بن عبدالله الحماد - رحمه الله - من سكَّان بلدة الداخلة في سدير. وقد ازدادت معرفتي به من بداية ارتباطي بجامع بلدة الداخلة قبل أكثر من عشرين عاماً, وهو كذلك جار لوالدي - رحمه الله -، وكان والدي يزوره بين حين وآخر.
وهو كذلك صديق خاص للخال الشيخ عبدالكريم بن موسى بن عبدالله الموسى - رحمه الله -، وعملا سوياً في دار الكتب الوطنية في الرياض.
ومن باب ذكر محاسن الموتى, ووفاء لهذا الرجل الصالح، كتبتُ هذه الأسطر:
إنَّه - رحمه الله - تميَّزَ بصفاتٍ حميدةٍ, منها كرمٌ وبشاشة, وأخلاقٌ حسنةٌ، تمثِّلُ نموذجاً من جيل الآباء الذين عاصروا العيش مع قلة ذات اليد, وعاشوا حياة الرخاء التي ننعم بها هذا الزمن. ولقد متَّعه الله بالذاكرة القويَّة التي يستحضرُ معها أحداث الماضي بدقة؛ فجليسه لا يَمَلُّ مجالسته؛ لرحابة صدره, وطيب خلقه, في زمن قلَّ فيه أمثاله. ولا يُستغربُ عليه ذلك؛ فهو سليلُ أسرةٍ معروفةٍ كريمةٍ, وهو أخٌ للشيخ عبدالرحمن الحماد ت1430هـ - رحمه الله - الداعية المعروف في أبها.
ولعلي أعودُ إلى سنين مضت؛ لأذكر أوَّلَ لقاءٍ التقيت به فيه. وقد زرته مرتين أو ثلاثاً مع والدي في المستشفى بعد أنْ أصيب بحادثٍ، تسبَّب له بشللٍ نصفي. وقد كان حينها يتحدَّث مع الوالد حديث الصابر المحتسب, بروحٍ يملؤها التفاؤل.
ثم بعد سنوات ازدادت معرفتي به في أواخر عام 1415هـ؛ إذ كان يصلي الجُمَع والأعياد معنا في جامع الداخلة في سدير بواسطة الكرسي المتحرِّك الذي يقوده بنفسه, وكان ملازماً للصف الأول, ولم أذكر أنَّه تخلَّف عنه إلا لسفر أو مرض. ولم يزل التواصل معه بالسلام والزيارة إلى أنْ توفاه الله يوم السبت 15 - 3 -1437هـ, وصُلي على جنازته بعد صلاة العصر في جامع الجوهرة الماضي بروضة سدير, ودفن في مقبرتها.
أسأل الله أن يغفر لأبي محمد أحمد بن محمد بن عبدالله الحماد، وأنْ يرفع درجته في الجنة, وجبر الله مصابنا ومصاب زوجته وأبنائه وبناته وأسرته, وألهمهم الصبر والسلوان. وإن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده لأجل مسمى.
عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري - خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير