د. صالح عبدالله الحمد ">
بادئ ذي بدء أهنئ معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى على الثقة من ولاة الأمر بتعيينه وزيرًا للتعليم، متمنيًا من الله العلي القدير التوفيق والسداد له ولأفراد وزارته الموقرة حتى يقوموا بقيادة هذا الصرح الكبير المهم على أكمل وجهه بمشيئة الله ذلك لأن التعليم هو الركن وهو الأساس في تربية الأمم وتعليمهم لكي يكونوا جيلاً تربويًا يعتمد عليه بعد الله سبحانه وتعالى في قيادة الأمة وتربيتها وتسيير سفينتها إلى بر الأمان ولذا فإن معالي الوزير أعانه الله أمامه مهام كثيرة لقيادة هذه السفينة حتى تحقق الأهداف المرجوة والمطلوبة منها بإذن الله ذلك أن التربية عملية حية تتفاعل مع المتغيرات المختلفة في محيط الفرد والمجتمع ولذا فإنه أي تغير يطرأ على المجتمع يكون له تأثيره على المدرسة وبخاصة إذا ما كان هذا التغيير أساسيًا ذلك لأن المدرسة هي المزرعة التي يستنبت فيها المجتمع ما يتطلع إليه من خبرات والمعقل التربوي الذي تعد فيه القيادات الذي تأخذ بزمام الأمور فيه والمتعلم دائمًا تتغير حاجاته وأهدافه من حين إلى حين وكذا طرق التفكير التي يحتاج إليها وفق التغير المستمر من حوله في عالم يتغير بسرعة فلو نظرنا إلى المجتمع هنا قبل عشر سنوات مثلاً لوجدنا أن هناك متغيرات كثيرة فما بالك قبل أربعين سنة وما طرا على هذا المجتمع من تغيرات مختلفة سواء كانت سلبية أو إيجابية ولذا فإن تطلعات المتعلم وآماله تتغير بتغير معطيات الحياة في بيئته والدراسات على العقول البشرية على قدم وساق وتؤثر نتائجها على طرق التعليم وتطوره وتقنياته. لذا من خلال هذه المقدمة البسيطة أرى أننا نريد من وزير التعليم -وفَّقه الله- الاهتمام والعناية بالآتي:
أولاً:
المعلم: ذلك لأن المعلم هو محور العملية التربوية والتعليمية لذا فإننا مطالبون بالاهتمام به اختيارًا وتدريبًا ومتابعة وتطويرًا وتحفيزًا حتى يستطيع هذا المعلم أن يحقق الأهداف التربوية والتعليمية التي وظف من أجلها فاختيار المعلمين حاليًا يشوبه بعض النقص ذلك لأن المعايير التي يتم بموجبها اختيار المعلمين تتم بالأسف بطريقة سلبية روتينية مما يجعل هذا المعلِمَ لا يقوم بعمله على الوجهه المطلوب ولذا فنحن مطالبون بوضع معايير دقيقة لاختيار المعلم المطبوع وليس المصنوع ذلك لأن المعلم الحقيقي وهو ما نريده يترك أثرًا واضحًا على المجتمع كله وليس على أفراده منه فقط كما هو الحال مع الأطباء مثلاً. فالمعلم حينما يدرس في الفصل لا يدرس لطالب واحد فقط وإنما العشرات وهو بهذا يمر على مئات الطلاب خلال يوم واحد من أيام عمله إِذ إن الطبيب عندما يعالج مريضًا فهو إنما يعالج الجزء المعتل في بدنه فقط دون البدن كله ولذا فإن التأثير الذي يتركه المعلم على عقول طلابه وعلى شخصياتهم وكيفية نموها وتفتحها على حقائق الحياة وأحيانًا على مسارات حياتهم كاملة لذا باختصار نريد أن يكون اختيار المعلمين دقيقًا ومهمًا حتى يحققوا الأهداف التي نرجوها منهم ويكفي أن نعرف أنا عظماء العالم وصناع القرارات الخطيرة كل هؤلاء مروا من خلال عمليات تربوية طويلة ومعقدة شارك فيها معلمون وكل وضع بصماته على ناحية معينة من نواحي تفكيرهم أو على جانب من شخصياتهم وهذا ما نحتاجه من مثل هؤلاء المعلمين حتى يخرجوا لنا جيلاً مسلحًا بالعلم والتربية والأخلاق وهو ما نرجوه منهم.
ثانيًا:
المنهج: والمقصود بالمنهج كما عرفه جودلاد (good lad) بأنه أداة لإجراء المتغيرات السلوكية لدى المتعلمين كنتيجة لنشاطهم في مدرستهم، ويتبين من هذه النقطة أنا الغاية النهائية للمنهج أحداث تعديل في سلوك المتعلمين من خلال قيامهم بنشاطات تعليمية داخل المدرسة ولذا فإنه ما يسميه التربويون والمعلمون والمسؤولون المقررات بأنها هي المنهج للأسف فتلك تسمية خاطئة وتحتاج إلى إعادة نظر وإذا ما وافقنا على ذلك فإن المقررات لدينا تحتاج إلى غربلة وإعادة تتناسب مع متغيرات المجتمع وتطوره وعليه فإنه يجب أن يكون مراجعو المقررات من المختصين في التربية وتحديدًا في المناهج وطرق التدريس فمثلاً مراجعو مواد التربية الإسلامية يجب أن يكونوا متخصصين بالمناهج وطرق التدريس التربية الإسلامية والرياضيات كذلك والعلوم والمواد الاجتماعية واللغة العربية فليس من كان متخصصًا في مثلاً قواعد اللغة العربية يستطيع مراجعة المقررات إِذ إن الذي يجب أن يراجعها هو من كان تخصصه تربويًا وتحديدًا مناهج وطرق تدريس اللغة العربية وهكذا.
ثالثًا:
المباني المدرسية والأثاث والتجهيزات المتوفرة فيها تقوم بدور أساسي في رفع مستوى العملية التعليمية بعامة ومستوى تحصيل المتعلمين لخبرات المناهج على وجه الخصوص وتساعد القائمين على سير الدراسة أن يجعلوا منها رحلة ميسرة بالنسبة للمتعلمين كما تساعد المعلم على إثارة دوافعهم نحو التعلم وحفزهم على بذل الجهد واستفراغ الطاقة وبالمناسبة لا أعرف متى ستحل مشكلة المباني المدرسية التي توقفت في أماكن كثيرة إِذ إنها أصبحت منظرًا مؤلمًا وإصابة السكان المجاورين لها بالإحباط ذلك لأنهم كانوا يتطلعون ويأملون سرعة بنائها لتكون مقرًا جميلاً لأبنائهم وقريبة من منازلهم، أملي أن يتم البت في هذه المباني عاجلاً.
رابعًا:
التقويم: التقويم الحالي في مدارسنا وهو من أساسيات التعليم يسير بطريقة سلبية جدًا مما جعل مخرجات التعليم هي الأخرى سلبية ولا تحقق الأهداف المرجوة منها ولذا فإنه آن الآوان عاجلاً لتعديل لوائح التقويم القائمة حتى نحقق بمشيئة الله الأهداف التي نرجوها حتى نخرج جيلاً متسلحًا بالعلم والمعرفة واكتفي بالقول أن جيلنا قبل خمسين عامًا أحسن بكثير تعليميًا وتربويًا من جيلنا الحالي وهذه حقيقة واقعة عشتها بنفسي من خلال عملي الطويل بالتربية والتعليم حينما كانت الإمكانات ضعيفة جدًا وتحديدًا حينما كان المعلم يعين بمؤهل كفاءة معهد المعلمين الابتدائي وهي ما تعادل الكفاءة المتوسطة حاليًا وعليكم الاستنتاج بذلك.
لا أحب الإطالة بهذا الموضوع كثيرًا وكلي أمل أن تجد هذه الملاحظات كل أذن صاغية من معالي الوزير وأفراد وزارته سدد الله خطاهم على دروب الخير ووفقهم الله.