ميزانية 2016 استمرار لنهج السياسة الاقتصادية التوسعية.. «بلا هدر» ">
الجزيرة - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تم الإعلان عن موازنة عام 2016م بنفقات حكومية مقدرة بلغت 840 مليار ريال.. وبهذا الإعلان تشتت الاقتصاديون ما بين متشائم ومتفائل .. ما بين من يتفاءل بالـ 840 مليار ريال نفقات حكومية وما بين متشائم من تقديرات الإيرادات بنحو 514 مليار ريال .. إلا إن المراقب للتقارير الاقتصادية لا يفهم هل الحديث عن توسع اقتصادي محتمل؟ أم انكماش اقتصادي واجب الحدوث؟.
بكل وضوح .. نحن بصدد نهج سياسة توسعية واستمرار لاستهداف التوسع الاقتصادي .. فرغم أن الحكومة تتوقع استمرار انخفاض الأسعار العالمية للنفط ورغم توقعها شبه المؤكد لتراجع الإيرادات النفطية ومن ثم الإيرادات الحكومية الكلية، بل توقعها أن يتجاوز هذا التراجع حجم التراجع في عام 2015م تحسبا لأي انخفاضات جديدة للنفط خلال عام 2016م، إلا أنه – مع كل ذلك - فقد وضعت تقديراتها لحجم النفقات الحكومية عند مستوى 840 مليار ريال، وهذا الرقم هو المحدد الرئيسي لتوجهات السياسة الاقتصادية المستهدفة في عام 2016م.
نحن بصدد استمرار للتمسك لمستوى الانفاق الحكومي العالي الذي يظل عند مستوى أعلى من متوسط الخمس سنوات الأخيرة.. فمتوسط السنوات الخمس للنفقات الحكومية يقدر بنحو 813 مليار ريال، أي أن نفقاتنا المقدرة لـ 2016م تزيد عن متوسط السنوات الخمس بحوالي 27 مليار ريال.. وهو ما يؤكد أن الحكومة متمسكة بنهج التوسع الاقتصادي.
ورغم تزايد حجم النفقات المقدرة في 2016م عن متوسط السنوات الخمس، فإن الإيرادات المقدرة تقل عن متوسط السنوات الخمس أيضا بمقدار 209 مليار ريال، ورغم ذلك كله فإن الحكومة حرصت على ضخ نفقات حكومية مرتفعة للحفاظ على حجم الطاقات الاستيعابية والإنتاجية الجديد للاقتصاد الوطني عند مستوياته الحالية .. متقبلة حدوث عجز مقدر بنحو 326 مليار ريال، أي بما يعادل حوالي 39% من حجم الانفاق الحكومي، أي بنسبة ليست قليلة.
قبول العجز.. فقط لإجراء الإصلاحات الهيكلية
الجديد في موازنة عام 2016م أن فيها مخصصات جديدة لدعم الميزانية، وهي مخصصات لم تحدد لمصروفات بعينها.. فصانع القرار رغم تخصيصه لنحو 183 مليار ريال ضمن المصروفات الحكومية إلا أنه لم يخصصها ضمن توجهات بعينها.. أي أن المصروفات الحكومية المعتادة للقطاعات والأنشطة قد تم تقليصها في الحقيقة إلى حوالي 657 مليار ريال، وتم رصد الـ 183 مليار ريال لأنشطة غير محددة ولكنها ستنفق.
وحيث إن التوسع يقاس بمجرد تخصيص سيولة للانفاق، فإن النهج توسعي مقاسا بالـ 840 مليار ريال.. ولكن الجديد أن القطاعات التقليدية تم تقليص انفاقها إلى 657 مليار ريال، والفرق بين القيمتين (الظاهرة والخفية) للانفاق الحكومي إنما يمثل قيمة الهدر في الانفاق الذي كان ينفق بلا قيمة مضافة حقيقية.
فقد حرص المشرع على تضييق المصروفات باقتصارها على الانفاق على المستويات الحقيقية بلا هدر، ولكنه في نفس الوقت حافظ على الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني عند مستوى الخمس سنوات الأخيرة.
إنها تمسك بنهج التوسع ولكن بلا هدر.