د.عبدالعزيز العمر
رغم أن معدل البطالة عند الفنلنديين يقترب من الصفر، إلا أنه يتنافس على كل وظيفة معلم يعلنون عنها خمسة من الخريجين، ويعود سبب ذلك إلى أن مهنة التعليم في ذلك البلد جاذبة للخريجين وذات مكانة اجتماعية عالية. هنا يبرز سؤال كبير، كيف نجعل مهنة التعليم جاذبة وذات مكانة اجتماعية مرموقة؟. إن استقراء تاريخ وواقع تعليمنا يقول ان القائمين على تعليمنا ربما خرقوا مكانة التعليم، حدث ذلك عندما استقبلوا في التعليم كل خريج لم يجد فرصته في أي مجال مهني آخر، ثم خرقوا مكانة مهنة التعليم العظيمة مرة أخرى عندما شرَّعوا أبواب التعليم أمام كل خريج أيا كان معدله الأكاديمي. ثم خرقوها مرة أخرى عندما وضعوا المعلم في بيئة عمل كافية لإحراقه مهنياً (ازدحام الفصول، نقص التجهيزات العلمية ونقص الخدمات عن حدها الإنساني الأدنى، عدم وجود من يدعم المعلم مهنياً ومعنوياً)، ثم خرقوا مكانة التعليم مرة أخرى عندما سمحوا بتوظيف معلمين دون إخضاعهم لفحص المخدرات أو لفحص أمراض نفسية أو لفحص خلو السوابق. أما ثالثة الأثافي فهو عدم مساءلة منسوبي التعليم عن جودة أدائهم، أي أن الأداء النوعي عالي الجودة ليس شرطا للبقاء في مهنة التعليم.
إن رفع مكانة مهنة التعليم يقتضي بداية اعترافنا بأنها مهنة ذات معايير مهنية عالية، لا يستطيع أن يؤديها الا من امتلك حداً أدنى من (المعرفة) العلمية و(المهارات) المهنية و (السمات) الشخصية، ثم نبني على هذا الاعتراف كل ممارساتنا وكل قراراتنا التعليمية، وطالما لم يحدث ذلك فستبقى مهنة التعليم فاقدة للإجلال والتقدير حتى من أهلها.