م. سعد بن حمد العشري ">
في التشكيل الوزاري الأخير صدرت القرارات الملكية بتعديل طفيف على هيكل الوزارة وشمل تغيير وزير التربية والتعليم وذلك بتنصيب الدكتور أحمد العيسى.
وكعادتي، أحببت التعرف على هذا الوزير عن قرب فلم أجد أفضل من كتابه الذي صدر عن دار الساقي عام 2009 باسم «إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوية» وهو كتاب حصلت عليه من خلال الإنترنت لعدم توفره في مكتبات المملكة.
الكتاب من 135 صفحة إضافة إلى ملحق للأشكال والجداول ليكون إجمالي الصفحات 157، وينطوي الكتاب على أربعة فصول هي، قراءة في الوضع الراهن، مشروعات لإصلاح النظام التعليمي، لماذا أخفقت مشروعات إصلاح التعليم والفصل الأخير تحت اسم مشروعات إصلاحية.
لست بصدد استعراض الكتاب بقدر اهتمامي باستعراض قدرة المؤلف على فهم وتشخيص المشكلة، ومما أعجبني في الكتاب هو ما ذكر أنه غياب للرؤية السياسية على الرغم من حرص صانع القرار على التعليم ولكن للأسف أن هذا الحرص لم يتوجه إلى إعادة صياغة وثيقة سياسة التعليم التي تعود إلى العام 1389هـ، وأنها مرتبطة بمرحلة صراع تاريخية أقحم التعليم فيها، كما أنه أشار إلى اللبس الحاصل في برامج الإصلاح التي لم تميز بين إصلاح التعليم وتطوير التعليم وبالتالي ما أثر كثيرًا على ضياع مشروعات الإصلاح المتوالية، كما تطرق الكاتب، إلى تهميش فكرة الوطنية وإلى تبني فكرة «الأمة الإسلامية» وكيف أن هذا التيار كان له أثر كبير في تكبيل حركة إصلاح التعليم بما لديه من توجس من أي حركة إصلاحية وجعل عملية الإصلاح تصل إلى حلول شكلية هدفها إرضاء هذا التيار أو على الأقل تفادي الصدام معه.
تطرق الكاتب لحقيقة ملموسة وهي تركيز المناهج على الجانب الحدي من الدراسة الدينية بالتحريم والتحليل دون الولوج لعمق التعاليم الدينية المؤدية إلى الورع والتقوى والمعاملة الحسنة والسمو الأخلاقي وحفظ الحقوق واستدل على ذلك بما يلاحظ على بعض مكونات الجيل الجديد من استهتار بالدين والعادات والأخلاق.
واستعرض بعض العناصر التي يجب أن تبنى عليها سياسة التعليم الجديدة التي منها تعزيز قيم العقيدة الأساسية في نفوس الشباب والتأكيد على مفهوم الوطن ووحدته السياسية والاجتماعية واحترام كرامة الإنسان وحريته والتأكيد على تعزيز القدرات العقلية للجيل الجديد بتشجيعهم على الإطلاع والبحث والاستكشاف والتساؤل، إضافة إلى حق التعليم والمساواة بين المواطنين وأخيرًا أن يكون التعليم ملبيًا لحاجة التنمية.
كما يرى الكاتب إعادة توزيع سنوات التعليم بطريقة أكثر ملاءمة للمرحلة السنية حيث يرى أن تكون سنوات الدراسة في كل من المراحل الثلاث أربع سنوات، ويرى ضرورة إعادة الاعتبار إلى مهنة التعليم وتعزيز ذلك بانضمام نسبة من أفضل خريجي الثانوية العامة إلى الكليات التعليمية كما هو الحال في كوريا الجنوبية وفنلندا.
الكتاب شائق، والكاتب متمكن من الفكرة والأسلوب، أرجو الله أن يوفقه في مهمته الصعبة، وهو أهل لها.