المثنى حجي ">
التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي تأسس في الرياض -مؤخراً- ويضم 24 دولة إسلامية وحصل على دعم 10 دول أخرى هو خطوة استراتيجية رائعة، وأولى بوادر نجاحها هو حالة الهياط الذي خرج من إيران واتباعها وهم من يفتي البشرية بالحرب على الإرهاب ما يدل أن الخطوة السعودية لخبطت الحسابات الإيرانية.... ضربة معلم.
السعودية تعد قوة إقليمية -وليست عالمية - بسبب محدودية حجمها الاقتصادي وقدراتها العسكرية ولكن بهذا التحرك أصبحت الآن تلعب دورا عالميا عبر قيادة هذا التحالف الذي سيشمل عددا من المستويات السياسية والاستخبارية والثقافية وعمليات عسكرية قد تكون باستخدام قوات خاصة محدودة أو متوسطة الحجم ولا أعتقد بوجود قوة إسلامية كبيرة الحجم لأسباب متعددة وستكون سوريا على الأغلب هي مسرح العمليات الأول .
أهم معالم هذه الخطوة هي:-
1 - أنها أثبتت أن السعودية هي عاصمة القرار الإسلامي وهي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تستطيع حشد هذا العدد من القوى الإسلامية وكانت قد نجحت في إنشاء وإدارة التحالف العربي في عاصفة الحزم وأن منافسي السعودية وعلى رأسهم إيران يتحولون إلى جزر معزولة أمام التحرك السعودي الواسع وأن إيران ومن معها أدركت أن إيران ليست مؤهلة ولا قادرة على تزعم الأمة الإسلامية كما تدعي وهو السبب الأول في حالة الذهول والانكار الذي بدا على إيران وأتباعها.
2 - سحب مبررات وأعذار إيران التي تطرح نفسها أمام العالم كمحارب ضد الإرهاب وتحاول تحويل الرأي العام العالمي إلى أن السعودية هي مصدر الإرهاب.
3 - تقليص فراغ القوة الذي ظهر في الشرق الوسط بسبب مزيج من ضعف وتردد سياسات الولايات المتحدة وميلها لتقليل التواجد في الخليج للتركيز على احتواء القوة الصينية الصاعدة.
4 - تعظيم الاعتماد على الذات في إدارة الملفات والتهديدات الأمنية المعقدة والشائكة بمعزل عن الاعتماد على القوة الأمريكية التي كانت العمود الفقري للأمن الخليجي لعقود طويلة ماضية.
5 - استباق الراي العام اليميني الدولي المتصاعد الذي يتهم السعودية بدعم تيارات متهمة بالإرهاب بتحريض من الصهيونية العالمية.
الذكاء الاستراتيجي يأتي من القدرة على الاستفادة من القدرات الذاتية والظروف السياسية ومفاتيح القوة الكامنة لدى الدولة لتضخيم حضورها العالمي بشرط تحقق عدد من الشروط، وهي:
1 - تحديد واضح للأهداف المطلوب تحقيقها ولطبيعة وحجم وإحداثيات الدور الذي ستلعبه ومسارح العمليات المتوقعة وظروف كل منها.
2 - تحديد القدرات الاقتصادية والعسكرية المطلوبة لتنفيذ الأهداف بالمقارنة مع القدرات المتاحة.
3 - طبيعة التوازنات الإقليمية والدولية وإمكانيات تأثيرها على الأحداث ودراسة احتمالات وسيناريوهات الصدام مع القوى الإقليمية الأخرى ومواقف دول العالم المتوقعة.
4 - معرفة حدود القوة الذاتية والدور المطلوب وعدم محاولة لعب دور يتجاوز حدود القوة المتاحة للدولة، وتجنب إسقاط القوة projection of power على مسافات بعيدة عن الدولة مما يعقد الصراع ويبعد الأطراف عن المركز لأن من الخطير على أي دولة أن تلعب دورا يتجاوز قدراتها التراكمية ويهدد بتآكل مخزون القوة الداخلي لديها، بالتالي يجب التحرك بحذر خطوة خطوة مع الدعاية الإعلامية الجيدة وعدم اتباع طريقة القفز فوق المراحل أو إحراق الجسور.
البقاء على القمة أصعب من الوصول إليها.