سلطان نايف الحربي ">
لم يتهيأ لي أن أطّلع على كتاب معالي وزير التعليم عندما صدر، لأن الفترة التي ظهر فيها الكتاب كنت مشغولاً بإكمال دراستي، وكان موضوعها في «القيادة التحويلية والالتزام التنظيمي»، وهما متغيران شديدا الحساسية ويجمعهما رابط واحد وهو سلوك الفرد التنظيمي في المنظمة. وبغض النظر عن النتائج التي توصلت إليها في دراستي على مستوى التعليم إلا أنني بالإضافة لذلك استطعت أن أتنبأ وأعلن للجنة المناقشة وبكل جرأه أن من النتائج التي توصلت إليها على المستوى الشخصي أن قيادتنا آمنة ولكنها لم تصل إلى درجة أن تكون رائعة! لم أكن أعلم أنني وأنا أكتب رسالتي بأنني قد انخرطت في المشكلة وتعايشت معها، وبدلاً من أن يكون تفكيري محصوراً في التفكير على مستوى المدرسة شطح بي التفكير لأبعد من ذلك! حيث لم يكن باستطاعتي إلا أن أبقي فمي مغلقاً وعقلي في فترة كمون!
الشيء الذي كنت مقتنعاً منه قناعة تامة هو أن التغيير قادم لا محالة، ولعل الراصد للأحداث في السنوات الأخيرة يدرك بوعي حقيقة ما أتحدث عنه، ربما كانت هناك ضبابية في الرؤية لكنها بدأت تنجلي بوضوح وبدأت أرى وكأنني أعيش المستقبل، وتأكيداً لصحة افتراضي، فإن المتأمل للسنوات الماضية يلحظ نشوء ظواهر اجتماعية عدة كلها تدور في فلك (الحرية، المساوة، العدالة الاجتماعية)، هذه الأمور كانت محل اهتمام ونظر من قيادتنا الحكيمة، ما جعلها تحتضن موضوع الحرية، وحظي باهتمامها، وظهر الفكر الليبرالي بقوة في الوسط الثقافي، وبالأخص في الإعلام، فاصطدم بالتيار الديني المتشدد الذي يرفض أي تغيير.
والأمثلة على ذلك كثيرة لكن ما أريد أن أؤكد عليه هو أن موضوع الحرية المنضبطة - في وجهة نظري - سُمح به من أجل غاية ما، لكن الصراع الذي كان بين التيارين أوجد لنا تياراً جديداً عمل في الظل لفترة وكان بمثابة الراصد، وفي ذلك يقول إيريك هوفر (إذا تحققت المساواة تصبح الحرية مطلب أقلية!)، وعليه فإننا لسنا مطالبين بالرجوع للخلف وعلينا أن ننظر إلى الأمام ونفكر جدياً بموضوع العدالة الاجتماعية الذي من خلاله يتكون مفهوم الحراك الاجتماعي وينهض مجتمعنا.
إن أول بوادر التفاؤل يتمثل في تعيين معالي الوزير (أحمد العيسى) وزيراً للتعليم، وللحق كنت أترقب ملاحظات الزملاء سوادهم الأعظم لم يكن متفائلاً بتعيينه، فقد كان التيار الديني المتشدد قد بادر بنشر ثقافة الإحباط منذ اليوم الأول لتعيينه، وعلى النقيض من ذلك كان هناك تفاؤل كبير بانتصار التيار الليبرالي، ويتضح ذلك في مواقع التواصل الاجتماعي فقد كان شكل هذا الأمر مصدر إلهام لهم، إلا أن الصورة بدأت تتغير كلياً، وبدأ الإحباط ينتشر في صفوف التيارين، بعد زيارة معالي الوزير للمفتي، ما جعله يشكل مصدر إلهام لي، ولجميع من يرحبون بالمنهج المعتدل، لذا علينا أن نحث بعضنا بعضاً كتربويين وتربويات وأكاديميين وأكاديميات على النظر للمستقبل بصورة مشرقة، ونسعى لتغيير أنفسنا، والتغيير من طرائقنا في التدريس، ونسعى للنمو المهني فالمستقبل جذاب، ووزيرنا يدرك ما يحتاج إليه تعليمنا، فكتابه يعد مستنداً نظرياً، ومن خلاله نستطيع أن نحكم على جوانب التغيير التي تطرأ على العملية التعليمية.