رمضان جريدي العنزي
وطني.. هو النبض والعقل والمقلة والخلود، عبير الأحلام هو، مثل سحاب، وشمس، وبهاء لون، وحمام أنيق، هو المرايا، والمروج، والفاكهة، والنخلة، والبخور، هو الماء، والخبز، والعسل، هو الحضن، والدف، والاركتاء، هو القول، والفعل،
والقرار، هو العلو، والقامة، والمسار، هو الرعد، والصدى، قطر الأرض هو، ومرتكز الأرض، هو السيف الذي لا ينكسر، والدرع، والسياج، هو الصخر، والحكمة، والمثل، جل الكلام هو، ومنبع الأسفار، والحيز، والمدار، من سالف الأحقاب، هو التاريخ والمجد والأثر والانتصار، هو البصر، والأبصار، وفيض الشعر، وفيض البلاغة، هو الرسالة، والحكمة، والأفكار، والعلم، وبيرق السلام، هو الشمس البتول، والزهر، والأغصان، وتد الأرض هو، والمعصم، والسوار، والفؤاد حينما ينبض بالدم الفؤاد، هو المطر، والغوث، والغواث، وعطاءه في الأرض كالأنهار، هو البخور والمبخرة، والنظر والمنظرة، والبذرة والثمرة، والسطر والمسطرة، والحبر والمحبرة، والهدوء والزلزلة، والقنديل والرابية، والشجرة المثمرة، هو المجداف والمقود، هو الابتسامة، والفاكهة النضرة، همهمة القصيدة هو، والغيمة الحبلى بالمطر، نصوص الشعر هو، والغناء المصون، بياض البياض هو، ولون الربيع، وسيد البنفسج، والنبتة والغرس والزينة، وظلال الظلال، وسوسنة الرجاء، فيض الشموع، والندى، ووجه الماء، وفردوس الضياء والأمان، الشمس في جبهته، والقمر في حضرته، نخلته باسقة، وسراجه مضيء، فيه البهاء، وفيه النقاء، وفيه لوحة الماء، يا سيد الأوطان، يالعذق، يالحرث، يا الزرع، يا لون الغمام، يا حدود الكمال، ووجه الحياة، وحلم الروح، يا تراتيل الدعاء، يا ديجور، يا نبت وفراشة، ضوء الشمس أنت، دفء الغيم وزخات المطر، يا شعاع، يا شموخ الوهاد، يا بعد الآفاق، يا حلم النوارس حين تحط النوارس، يا حلم الحالمين، يا ضفاف البحر، ولون البنفسج، وعطر الياسمين، يا موسم اللهفة، وموسم الحصاد، يا مقيم الاعوجاج، يا كاسر الإرهاب، وضارب أطنابه، وهادم أركانه، وكاتم أنفاسه، أخذتنا بعيداً عن لون الخراب، وضجيج الحروب، وألفية الموت، والحرائق والوجع والاشتعال، أخذتنا بعيداً من لحن الغراب، للحن الحمام، مسجين على فرشنا الوثيرة، نشرب القهوة، ونقرأ كتاب، نتعطر، نشاهد فلم المساء، ونتلو كلام، وأنت تجابه عنا الخصوم، وتدفع عنا قطيع الضباع، ورتل الذئاب، والخفافيش، وحشود الذباب، أخذتنا من طرقات التيه والضياع، وعجلات الفزع، إلى حدائق الحلم والفرح، وأرض السلام، ننام كثيراً، وغيرنا لا ينام، غيرنا يتوسد الجمر والأرصفة، ونحن نتوسد ريش النعام، غيرنا في زوايا الأمكنة يتسكع، ونحن في حبور ونعمة وأمان، غيرنا سجين خلف قضبان همومه، لا هواء نقي، لا مبس نظيف، لا حديقة غناء، لا طعام، ونحن نرفل بالنعم الوفيرة وأحوالنا تمام، غيرنا يبحث عن طوق نجاة، أو نورس يلقي له بعض جناحة ليعبر حدود المكان، ونحن ندثر بالعافية، ونتخدر بالأمان، غيرنا يرحل دون دليل، هارباً من مدناً أنهكها العزاء، ونحن نجلس على أرجوحة الفرح، ونضحك للون الغيمة، ونزف السحاب، ونرهف أسماعنا لزقزقة العصفور، وهديل اليمام، غيرنا بيته متهالك، أرضه قحط، وسطحه ماء، وفضاءه أزيز رصاص، ولهب ونار، ونحن مواقدنا عامرة، وقهوتنا انتشاء، غيرنا حين يحل المساء يصبح كالخشب، مشدود لبعضه، من أثر الخوف والجوع والبرد والبكاء، ونحن مساءنا عامر بالحكايا، وموسم العشب، ولون الخميلة، وأرض الكمأ، فسلام عليك يا وطني، يقولها لك طائر في السماء، حين يحط، وحين يطير، وحين يجيء الغمام، سلام عليك، يقولها الأنام الأوفياء الكرام، سلام عليك من فاتحة الكلام، لآخر حدود الكلام.