وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بالجزيرة:
أعلنت الحكومة السعودية موازنة العام الجديد 2016م معلنة صراحة تدشين سياسات جديدة لتطوير الخدمات، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق الكفاءة في استخدام الموارد، مع مراعاة الآثار السلبية على المواطنين، إضافة إلى التنافسية في بيئة وكفاءة الأعمال. والشعار العام لموازنة العام الجديد هو «عزم الحكومة على تعزيز مستويات النمو الاقتصادي».
موازنة عام 2016م.. ما بين استمرار التوسع وكفاءة الإنفاق
تشير التقديرات إلى أن الحكومة السعودية تمسكت بنمط التوسع الاقتصادي المدعوم بالإنفاق الحكومي، حرصت عليه؛ إذ إنه رغم توقعات تراجع الإيرادات الحكومية في عام 2016م، التي تشير التقديرات إلى أنها ستتراجع إلى نحو 514 مليار ريال، إلا أن صانع السياسة تمسَّك بالحفاظ على نمط الإنفاق الكبير بمصروفات حكومية مقدرة بنحو 840 مليار ريال. راضياً بتحمُّل عجز حكومي بنحو 326 مليار ريال، وهو مستوى قريب من مستوى العجز الفعلي المتحقق في عام 2015م.
وتدل تقديرات الموازنة على رؤية راسخة لدى الحكومة بأنها قادرة على تدبير هذا العجز الكبير، وأن لديها الأدوات المناسبة والخيارات البديلة له.
الميزانية الفعلية.. تفوُّق الفعلي على المقدر
تشير الأرقام الفعلية لميزانية عام 2015م إلى أن الإنفاق الفعلي بلغ نحو 975 مليار ريال، وهو ما يتجاوز الأرقام التقديرية للإنفاق التي بلغت في بداية العام نحو 860 مليار ريال.. أي أن الدولة رغم تراجع الأسعار العالمية للنفط خلال عام 2015م إلا أنها استمرت في ضخ الإنفاق الحكومي لاستكمال المشاريع المتواصلة، بل إنها ضخت نحو 115 مليار ريال إضافية عن الأرقام المقدرة في بداية العام.
وفي ظل تدني الإيرادات الفعلية لعام 2015م، التي بلغت نحو 608 مليارات ريال، في ضوء تراجع الإيرادات النفطية، فقد تحمَّلت الدولة عجزاً فعلياً، يعادل نحو 367 مليار ريال في نهاية عام 2015م.
وعليه، فإن السياسة الاقتصادية طيلة عام 2015م استمرت تنتهج النهج التوسعي في ضخ حقن إضافي للمصروفات الحكومية متى استلزم الأمر.
حقن التوسع الاقتصادي بقرارات المليك لدعم المواطن
البعض يتحدث بأن الفرق بين الإنفاق الفعلي والإنفاق المقدر يتمثل في قيمة 115 مليار ريال، وهي قيمة تكاد تساوي قيمة الإنفاق الإضافي استناداً لقرار المليك صرف راتبين للموظفين الحكوميين والمتقاعدين التي بلغت 110 مليارات ريال.. إلا أن هذا الفرق رغم أنه قرار استثنائي إلا أنه حقن للمصروفات الحكومية أو للسيولة في أيدي الجمهور بشكل عزز التوجهات التوسعية.
وجدير بالذكر أن مثل هذه القرارات تؤثر في الإنفاق الحكومي، وتُحدث تأثيرات أو وفورات توسعية، تفوق غيرها من أي إنفاق ضروري آخر؛ لأن هذه القرارات غالباً ما يستخدمها جمهور المستفيدين في إنفاق استهلاكي أو رفاهية أو إنفاق حاضر وعاجل نتيجة اعتبارها سيولة لم تكن متوقعة؛ لذلك فإن تأثيرها على التوسع أعلى من غيرها.
وشمل الإنفاق الفعلي قرار المليك والذي بلغت قيمته 110 مليارات ريال؛ ليأتي الإنفاق مطابقاً لما كان مقدراً من قبل في 2015 عند 860 مليار ريال.
ترشيد الإنفاق في الصحة والتعليم
تقرير وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية الأخير لـ(الجزيرة) في يوم الأحد الماضي أكد أن توقعات الموازنة الجديدة ستركز على تقليص الإنفاق الحكومي في قطاعَيْ التعليم والصحة. وبالفعل تتأكد هذه التوقعات في مخصصات المصروفات الحكومية لعام 2016م؛ إذ تراجعت مخصصات التعليم من 217 مليار ريال في 2015م إلى 192 مليار ريال في عام 2016م. وكذلك تراجعت مخصصات الصحة من 160 مليار ريال في 2015م إلى 104 مليارات ريال في 2016م.
وجدير بالذكر أن التراجع ظاهري في الأرقام، ولكن سياسة الحكومة تقوم الآن على شراكات حقيقية وأكبر بين القطاعَيْن العام والخاص، كما صرح خادم الحرمين الشريفين بأن الميزانية الجديدة تستهدف تقوية العلاقة بين القطاعَيْن العام والخاص.
موازنات العامين الأخيرين حققت إنجازاً كبيراً وملموساً للمواطن السعودي، تجلى في تحجيم التضخم إلى حد كبير؛ ليصل إلى مستوى 2.2 % مقارنة بمستويات أعلى لم تقل عن 2.7 % في عام 2014م.