د. عيد بن حجيج بن عيد الفايدي ">
توشحت الشوارع والتقاطعات بالمدن والمحافظات باللوحات الدعائية للانتخابات.. هذا يقدم نفسه على أنه مهندس كبير، وأخرى تقدم نفسها على أنها مدربة «الكوتشنج»، ومشاهد تنشر في وسائل التواصل الاجتماعي؛ فيجد المتابع والناخب في نفسه حيرة؛ يصدق مَنْ ويسمع لمن؟؟ وأين الصواب؟ وأين عكسه؟
ومع هذا وذاك لا يختلف اثنان على أن تجربة الانتخابات التي انتهت بنجاح تعد فريدة من حيث الاختلافات والفروق الكثيرة بين الدورة الأولى والدورة الحالية الثالثة، التي تتسم بطابع خاص؛ ففي هذه الدورة تدخل المرأة مع زيادة في عدد المرشحين، وهذا يُلحظ من خلال الموافقة على مشاركة المرأة وفق الضوابط الشرعية. وهذه المشاركة هي المرة الأولى التي تدخل فيها الانتخابات البلدية. وهذا - بلا شك - اعتراف بالمشاركة والدور الذي يمكن أن تساهم فيه.
وهذه الدورة الجديدة لها سمات نتيجة لمشاركة المرأة؛ إذ ظهرت اللوحات الدعائية باللون الوردي، وهذا تأكيد أن المرشحة تركز على التفاصيل، وتحرص على دقائق الأمور، حتى تحديد اللون. ولكن قد يرى البعض خلاف ذلك؛ وبالتالي لا مجال للمرونة أو التجاوز في تنفيذ الأعمال. ومع هذه الدقة تخالف إحداهن وتصرح في وسائل الإعلام. وهنا عدم التزام بالتعليمات الصادرة. ومما يلاحظ قلة اللوحات والحملات الانتخابية عن الدورات السابقة؛ إذ كانت الحملات الانتخابية واللوحات الدعائية كبيرة وكثيرة، ولكن هذه المرة اختلف الأمر بعد أن تم فرض رسوم مالية على المرشح أو المرشحة، وفرض غرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف ريال على كل مرشحة تختلط بالرجال المرشحين.
وإذا استعرضت اللوحات الانتخابية تلحظ أنها لم تستغل الاستغلال الجيد، بل كان المحتوى بعيداً جداً عن الواقع؛ فبعضهم يقول «تصويتكم تشريف»، بينما العمل تكليف ومسؤولية وأمانة كبيرة؛ إذ يطلب منه حقوق وواجبات. عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها». أخرجه مسلم. فهل وقف كل من الناخب والمرشح على شرح الحديث؟
ومن الملاحظ على اللوحات الوردية وجود كلمات بخط عريض (تخطيط، إتقان، نزاهة... إلخ). هذه الكلمات بحاجة إلى تحويلها إلى أهداف حتى يدركها الناخب قبل أن ينتخب. وكل كلمة هي قضية ومشكلة في ذاتها، ولكن صياغة الهدف بحاجة إلى أسلوب علمي. انظر إلى إحداهن ماذا تقول «هدفي هو تحويل الأحياء من مجرد أماكن سكنية إلى تجمعات تنموية، وذلك بمشاركة أهالي الحي من خلال التواصل الإلكتروني». ولكن الناخب قد يسأل: كيف يمكن تحقيق هذا الهدف؟
ومن المظاهر السلبية الغريبة التي تحتاج إلى العلاج قيام أحدهم بتمزيق الدعاية الانتخابية وهو يردد «ما عندنا حريم للترشيح».
هذه النماذج هي غيض من فيض، لكن مهما قيل فإنه إنجاز جديد يُسجَّل، وجهد يقوم به رجال رغبة في الحفاظ على مكتسبات الوطن.