تعز - الجزيرة:
لا تزال الصناعة الوطنية في اليمن منذ أن احتل الانقلابيون الحوثيون صنعاء في 21 سبتمبر 2014 م، تعاني وتواجه عديدًا من الصعوبات والإشكاليات، فقد تعرضت حينا للاستهداف المباشر بنيران الميليشيا الانقلابية وتارة بالتمركز والاحتلال من قبل عصابات المتمردين وتارة أخرى للابتزاز وجلب الجبايات غير القانونية تحت مسمى دعم المجهود الحربي أو رفد الخزينة العامة للدولة، وتارة تتعرض لجشع تجار السوق السوداء المنتمين إلى قيادات حركة التمرد والانقلاب الذين يحتكرون المشتقات النفطية ويبيعونها للمصانع والمنشآت الوطنية بأسعار خيالية، الأمر الذي أفضى إلى مزيد من المعاناة لأصحاب هذه المصانع والمنشآت مما اضطرها إلى تسريح العمال وهم بالآلاف والتوقف التدريجي لعجلة التشغيل والإنتاج وصولاً إلى التوقف الكلي والإغلاق النهائي، وهو ما يمثل كارثة على الاقتصاد الوطني وضرر كبير على معيشة مئات الآلاف من الأسر والملايين من الناس الذين يقفون خلف من تم تسريحهم من وظائفهم أو ممن يقتاتون على بيع وتصريف منتجاتها أو ممن يعتمدون في غذائهم واحتياجاتهم على ما تنتجه هذه الصناعات وهو ما شعر به الجميع عندما اتخذت أكبر مجموعة صناعية في اليمن وهي مجموعة شركات هائل سعيد أنعم قرار التوقف والإغلاق لمجموعتها الصناعية في مطلع شهر نوفمبر الماضي التي لم تكن الأولى ولا الأخيرة التي اتخذت هكذا قرار. فقد ذكرت في بيانها أنها دأبت على تحمل الأعباء وتجشم الصعاب وبذل التضحيات إيمانًا منها بمسؤولياتها الوطنية والمجتمعية التي حتمت عليها بذل أقصى ما في وسعها من أجل استمرار عجلة الإنتاج وتوفير المواد الأساسية للمواطن والحفاظ على الاستقرار التمويني في الأسواق، موضحة أن مصانعها وشركاها واجهت عراقيل وعدم السماح لها باستيراد احتياجاتها من الديزل بل تجاوزه إلى اللجوء لاستخدام أساليب الضغط من خلال حملة تشويه وتشهير تبنتها بعض الجهات المستفيدة من أزمات المجتمع وتعطيل عملية الإنتاج في البلاد لإجبارها على التخلي عن مسؤوليتنا الوطنية تجاه شعبنا ووطننا والوقوف إلى جانبه في هذه الظروف القاهرة.
تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن أكتوبر 2015 كشف عن عزم 46 في المائة من أصحاب المنشآت الكبيرة نقل أعمالهم خارج اليمن، وأن 79 في المائة من أصحاب المنشآت لديهم توقعات متشائمة أو غموض حول مستقبل أعمالهم. مصطفى نصر - رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي قال: «القطاع الخاص في اليمن رغم هول الكارثة، حاول الصمود إزاء استنزاف أسوأ عاصفة اقتصادية تشهدها البلد. وكان أبرز المتضررين ولعل آخر تلك الضربات الموجعة القرارات التي اتخذتها جماعة الحوثي للتضييق على سفر رجال الأعمال. وأضاف «بالرغم من أن بعض رجال الأعمال بدءوا يفكرون في الخروج من اليمن إلا أن الكثير منهم ظل متفائلاً ولديه أمل بأن تهدأ الأوضاع وحاول معظم رجال الأعمال الحقيقيين أن يتأقلموا مع الظروف الصعبة للقيام بالحد الأدنى من النشاط إِذ لم يعد المكسب المادي هو الهدف بل معركة وجود ليس أكثر.
ويقول الباحث المتخصص في الشأن الاقتصادي عبدالرقيب حمود قاسم: إن توقف المصانع عن الإنتاج له آثار كارثية، منها القذف بعشرات آلاف من عمال المصانع وعمال شبكات التوزيع والوكالات في مختلف المحافظات إلى الشارع، وتوقف دفع المليارات من الضرائب على المبيعات وضرائب المرتبات واختفاء المواد المنتجة بواسطة هذه المصانع لتظهر المواد البديلة في سوق سوداء جديدة إلى جانب سوق المشتقات النفطية.
أم خالد العريقي الموظفة بأحد مصانع إنتاج المواد الغذائية تقول: «تم تسريحي عن العمل بسب إغلاق المصنع وتوقف الإنتاج وهو ما أثر على قوت أولادي، اليوم أنا من دون راتب وأعاني من غياب المتطلبات الأساسية للمعيشة من حليب وزبادي ومعلبات غذائية التي كانت تنتجها المصانع الوطنية التي أغلقت بسبب انعدام المشتقات النفطية والمضايقات المستمرة التي مارستها ميليشيا الحوثي وصالح على إدارة تلك المصانع وعلى العاملين فيها، فضلاً عن تعرض البعض للابتزاز والاعتقال من قبل الميليشيات وبعض المصانع كانت في مرمى الاستهداف بقذائف الميليشيات.