ذكرى المولد النبوي لدى سلطات الانقلاب في اليمن تنحرف عن مسارها الصحيح ">
صنعاء - الجزيرة:
يحتفل المسلمون في بعض بلاد العالم في الثاني عشر من ربيع الأول من كل عام بذكرى المولد النبوي - على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم -، غير أن الحال في صنعاء وبعض المدن اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون تختلف تماماً؛ فالمناسبة - كما يعرف الجميع، وكما هي في كل البلدان - تُحيى دينياً بالوعظ والإرشاد والتذكير بصفات وأخلاق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والاقتداء بمنهاجه في حياتنا، ولكن عند الحوثيين فالمناسبة لا تتعدى مسيرة جماهيرية، تردد فيها الشعارات السياسية والزوامل الخاصة، وطلاء جدران المنازل والمحال التجارية والسيارات باللون الأخضر، وعمل لوحات إعلانية دعائية عملاقة في الشوارع ومداخل المدن، وتعليق أمتار من قصاصات الأقمشة الخضراء في الشوارع وعلى واجهات المنازل وأعمدة الكهرباء ومداخل الحارات. أضف إلى ذلك أنهم يستغلون هذه المناسبة أبشع استغلال من خلال ابتزاز الناس أصحاب المحال التجارية بأخذ جبايات منهم، وإجبارهم على دفع مبالغ مالية، تتفاوت بحسب مستوى الدخل. والعجيب أنها تؤخذ بسندات رسمية تحت اسم المشاركة في الاحتفال بالمولد النبوي، غير مقدرين وضع الناس وظروفهم المعيشية وتردي مستوى الدخل لديهم بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد. هكذا هي الحال في صنعاء وعمران وصعدة وحجة وبعض المدن اليمنية التي لا تزال ترضخ لسلطة الانقلابيين. وبهذا الأسلوب يحيي الحوثيون ذكرى المولد النبوي. إنهم يجسدون حب النبي وإحياء مناسبة ذكرى مولده بطريقتهم الخاصة، لكنهم عن سلوكه وأخلاقه وصفاته بعيدون كل البُعد.
العديد من المواطنين عبَّروا في أحاديثهم لـ»الجزيرة» عن رفضهم لهذا العمل، وأبدوا غضبهم إزاء هذه الممارسات اللاأخلاقية من قِبل الحوثيين، الذين يستغلون ذكرى مولد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أبشع استغلال.
أمين نعمان عبده يقول: «يقوم الحوثيون هذه الأيام في الأحياء والحارات برفع الزينة والشعارات التعبيرية لحركتهم الانقلابية، وعمدوا إلى تحويل هذه المناسبة من مناسبة دينية إلى وسيلة دعائية وجباية أموال».
وأضاف «الناس تموت من الجوع بسبب غبائهم ومشاريعهم الحمقاء ويأتون ليفرضوا عليهم دفع مبالغ لشراء أقمشة وطلاء الجدران». متسائلاً: هل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بحاجة إلى أن نقوم بهذه الممارسات لنعبّر عن حبنا له؟ أم أن الاقتداء به واتباع سنته ومنهاجه والتحلي بأخلاقه هي السبيل إلى ذلك.
من جانبها، تقول أمة الرحمن بنت خالد: «هل وصل بنا الحال إلى أن نجسد حب النبي بابتزاز الناس وسلبهم أموالهم؛ كي نعلق أمتاراً من قصاصات الأقمشة في الشوارع، ونطلي الجدران، ونتخلى عن كل تعاليم النبي وسننه ومنهاجه؟».
وتضيف بالقول: «الحوثيون انتهكوا الأعراض، وقتلوا النفس التي حرم الله، ونهبوا البيوت، وهدموا المنازل، واختطفوا الناس، وأرعبوا الصغير والكبير، وباعوا الوطن والدين، وابتعدوا عن تعاليم نبينا الكريم، ويأتون ليحتفلوا بذكرى المولد النبوي!! وليتهم يحتفلون بهذه المناسبة كما يحتفل بها المسلمون في كل مكان، لكنه احتفال بأسلوب جديد».
محمد علي (صاحب محل أدوات منزلية بصنعاء) يقول: «لقد أتى مندوب اللجان الثورية الحوثية إلى المحل، وأجبرني على دفع مبلغ خمسة آلاف ريال للاحتفال بذكرى المولد النبوي؛ فدفعتها وأنا مكره؛ لأنني إن رفضت وصفوني بالداعشي، وبأنني لا أحب النبي وأهله، وسيعتقلونني دون شك»!
ولا يختلف الحال عند حميد سعيد محمد (صاحب محل ملابس)، الذي هو الآخر أخذ منه الحوثيون مبلغ أربعة آلاف ريال مشاركة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، فعبَّر عن امتعاضه ورفضه لهذا الأسلوب، وقال: «أجبروني على دفع المبلغ تحت تهديد السلاح، وعندما أعلنت لهم رفضي هددوني بالاعتقال وإغلاق المحل؛ فرضخت لمطلبهم، ودفعت المبلغ».