فهد بن مشاري بن عبدالعزيز ">
خطوة بالغة الحنكة والذكاء تلك التي تمثلت في إعلان تشكيل قوات التحالف الإسلامي العسكري. فقد جاء التحالف بعضوية 35 دولة عربية وإسلامية ليكون الأول من نوعه من حيث الكم، متجاوزا بعدد أعضائه نصف عدد الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.
الحنكة تمثلت في مواجهة الإرهاب بأسلوب التحالف الإسلامي، وبقناعة كاملة بأن الظاهرة الإرهابية وتنظيماتها عدو مشترك للإسلام والمسلمين جميعا وليس فقط للآخرين. والذكاء تمثل في تحديد الرياض مركز تنسيق ودعم للعمليات العسكرية، وهي رسالة تأكيدية وتاريخية على أن المملكة هي رأس الرمح في التصدي للإرهاب وأن سياساتها ذات مبادئ ثابتة تجاه قضايا الأمة الإسلامية والعربية وتجاه التزامها الراسخ في الدفاع عن الثوابت ونبذ العنف والتطرف.
التحالف الجديد حمل عدة مضامين أهمها التأكيد مجددا على قدرة القيادة السعودية وفعاليتها العالية، حيث استطاعت تشكيل هذا التحالف خلال 72 ساعة قبل الإعلان عنه متجاوزة بسلاسة الآليات و(الروتينيات) التي تضفي رتابة على كل إجراء، والقفز مباشرة للهدف محققة السبق على كل التوقعات.
أيضاً وجهت الخطوة رسالة جليّة المعنى لكل الأصوات الإعلامية التي ترمي بسهامها نحو المملكة، متهمة إياها بأنها معقل التشدد، ليجيء الرد السعودي بأن المملكة أكثر الدول التي عانت فعليا من ويلات الإرهاب على مدار عقود مضت، وأنها الأكثر عزما على منازلة الإرهاب سواء بتاريخها الفردي المعروف، أو بمبادرتها الجديدة بتشكيل هذا التحالف لضرب الإرهاب عسكريا وتجفيف منابعه الفكرية بالمواجهة الثقافية والإعلامية.
الإعلان عن هذا التحالف أثار شعورا غمرني وكثيرين غيري بأن روح المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بعثت من جديد، وأن العقود التي فصلتنا عن عهد المؤسس زمانيا زادت من القناعة بأن المملكة دولة قوية بحاضرها المجيد، وضاربة بأطنابها في عمق التاريخ منذ 400 عام.