تزخر بلادنا بمناطق وبيئات غاية في الروعة والجمال، وأحمد الله أن قدر لي أن تقر عيناي بمشاهدة العديد من مناطق الوطن ربما لم تتح للعديد من أبنائه، واستمتعت بمشاهدت العديد من أمة الطيور فوق أرجاء أرض الوطن الغالي، فرأيت تحليق النسور فوق السهول والجبال فاردةً أجنحتها وكأنها طائرات شراعية ما يمسكهن إلا الرحمن، وسحرتني طيور الدخل الصغيرة وهي تتنقل بين أغصان الأشجار تلتقط مما رزقها الله ومغردة بأصوات تطرب لها الآذان، وأعجبت بطيور الخرشنة البحرية كيف تختار أشد أيام السنة حراً لتضع بيضها وترعى صغارها، وشاهدت سلوكيات طيوراً صحراوية وهي تنزوي إلى ركن في جحور الضب لتهرب من حرارة الشمس المحرقة. لقد قدمت لي مشاهداتي لطيور الوطن متعة وشعور جميل يمتزجُ فيها الإحساس بالنصر بالنجاح بالوصول لهذه البقعة من أرض الوطن الغالي والثانية الفرحة بوجود هذه الطيور في أرض الوطن وأخص بالذكر الطيور المتوطنة وأقصد بها الطيور التي لا توجد إلا في جزيرة العرب ولا توجد في منطقة أخرى من العالم إلا في هذه أرض الطيبة، ويقطن معظمها في جنوب غرب الجزيرة العربية.
وللتعرف على بعض هذه الطيور اخترت أن أجوب معكم في أحد أهم مناطق للطيور المتوطنة بالمملكة وهي منطقة تنومة التابعة لمنطقة عسير وتقع على بعد 120كيلومتر شمال مدينة أبها، لتوثيق هذه الطيور المتوطنة بالصور مع زميلي عبدالله السحيباني (أبو عمران) مصطحبين معنا نخبة من شباب أعضاء مجموعة مصوري الطيور السعودية، وحقيقة كنت أنا وزميلي أبو عمران محظوظين بمرافقة هذه النخبة من الشباب الموهوب المحترف في التصوير لتعطي هذه الرحلة طابعاً جمالياً من خلال إبراز حسن وجمال هذه الطيور وتناسقها مع طبيعة المنطقة الرائعة ولتقدم لوحة جمالية لربما تغير نظرة بعض من شبابنا من قتل وصيد للحياة الفطرية لموثقين لجمال التنوع ألأحيائي في بلادنا الغالية.
بدأت رحلتنا من مدينة الطائف مع بزوغ أول ضوء للشمس لنتجه جنوباً مروراً بالباحة ومنها نزلنا مع عقبة المخواة لملاقاة أحد أعضاء مجموعة مصوري طيور السعودية وهو الأستاذ أحمد العمري (أبو بندر)، وكان مقرراً ملاقاته عند قرية ذي عين، والتي تقبع مبانيها القديمة فوق هضبة من الصخر الأبيض، ويشعر الناظر إليها أنه أمام تاريخ يحكي عظمة إنسان هذه المنطقة، فهندسة البيوت الحجرية والتي يزيد عمرها عن 400 سنة، والمسطحات الخضراء أسفل القرية وجريان الماء في ممرات داخل المزرعة في صورة جمالية غاية في الجمال. ويرجع اسم القرية بـ «ذي عين» لوجود عين جارية توفر المياه طوال العام للسكان وللمزارع أسفل الهضبة، ومن أشهر المنتجات الزراعية بها الموز بالإضافة لشجيرات الريحان والكادي واللذان لا يفارق رائحتهما المكان. ويذكر أن القرية نشأت في القرن العاشر الهجري، وقد قامت هيئة السياحة السعودية بترميم القرية وجعلها أحد أهم المقاصد السياحية بمنطقة الباحة.
ومن أهم الطيور المميزة للمنطقة «اليمامة الخضراء» وهي أحد أهم أنواع الحمام بالمملكة لارتباطها ببيئة المناطق الشجرية بالجنوب الغربي من المملكة، وهذا النوع يعتبر الوحيد من بين أنواع الحمام بالمنطقة التي تقوم بالتغذية من الأشجار أما الأنواع الأخرى من الحمام واليمام فهي تحصل على غذائها من الأرض. وقد نجحنا في مشاهدتها بعد أن توغلنا داخل الأرض الزراعية وذلك بين ممرات الري التي تسقي المزروعات. ومن الطيور الأخرى المميزة للمكان ويستحق المشاهدة... طائر أبو معول: وهو من طيور المنطقة التي تدل على إرتباط الجزيرة العربية بأفريقيا، وله سلوكيات عجيبة تضرب فيها المثل في الوفاء والمثابرة، فهي تقوم بوضع أعشاشها داخل شقوق الأشجار وتدخل الأنثى داخل الفجوة التي بها العش ويقوم الذكر بسد الفتحة ليبقي فتحة بسيطة يخرج أو يدخل فيه منقاره لتقديم الطعام للأنثى، والتي تبقى داخل التجويف لوضع البيض وحضانة البيض وتغذية الصغار تصل من 3-4 أشهر وتخرج بعدها من العش وقد فقدت معظم ريشها فلا تقوى على الطيران لتبقى بالقرب من العش، لكن الذكر (الزوج) يستمر بتغذيتها والفراخ بدون كللٍ ولا ملل، حتى يكتمل ريشها، والتكافل العائلي ليس فقط في تغذية الأب للأنثى لكن أيضاً تقوم الفراخ الكبيرة والتي فقست أولاً بالمساعدة بتغذية أخوانها بالعش فتأخذ الأكل من الأب وتعطيه لأخوانها بالعش, كما تقوم بتنظيف العش من بقايا الطعام والأوساخ، بالتقاطها بمناقيرها ورميها لخارج العش.
كنا نسير بين أشجار الكادي والريحان ونسمع أصوات طيور الحباك وهي تغرد وأخونا (أبو بندر) يتغنى بجمال ذكورها ويدندن بشرح سلوكيات ذكورها واصفاً إيهاها بصاحبة القدرة الهندسية العجيبة في بناء أعشاش غاية في التعقيد، كان يتحدث عنها وكأنها معشوقته يصف ألوانها وشكل أعشاشها وكم يومٍ تحضن بيضها وترعى صغارها، لا أدري كم مكث يحدثنا عن هذه الطيور الجميلة لنعيش معه قصة تكاثر هذه الطيور، فذكور الحباك تقوم ببناء عدد من الأعشاش وتقوم الأنثى بالتنقل بينها حتى تستقر على عند العش المناسب والذكر يتراقص بعمل رفرفة بجناحية كأنه لمسه تيار كهربائي ويصدر أصواتاً غزلية يسترضي الأنثى لقبوله للتزاوج.
لا أدري كم مكثنا على هذا الوضع نتنقل بين المزروعات وأشجار التين ورائحة الكادي والريحان تعطران أجواء المكان، وهدفنا هذه المرة العثور على طيور صغيرة تعرف بشمعي المنقار ...وهو أحد الطيور الصغيرة الجميلة المتوطنة والمميزة بلونها الومادي ومنطقة حمراء حول العين وكأنها تخفي عينها بقناع أحمر وردي، لم نشعر بالوقت بالرغم ارتفاع درجة الحرارة والشمس في كبد السماء، ولكن فقدنا لكمية كبيرة من السوائل بسبب الرطوبة والحرارة العاليتين جعلنا نقرر التحرك إلى منطقة تنومة، حيث اتجهنا جنوباً من المخواة على الطريق المؤدي إلى إمحايل عسير لنصعد إليها عن طريق عقبة اليربوعة لنصل إليها عند صلاة العشاء، حيث اتجهنا مباشرةً لفندق بمنتزه المحفار يطل على تهامة بني شهر.
مع بزوغ أول ضوء للشمس خرج الفريق ونتشر في مجموعات لتصوير وتوثيق الطيور بالمنطقة، وكان من ضمن مجموعتي أحد أفراد مجموعة مصوري طيور السعودية واسمه بندر الجابر ويكنى بأبي حمد، ويعرف عنه ولعه بتصوير الطيور والحياة الفطرية ولديه من الصور ما تقدم توثيقاً لأدق التفاصيل للطائر وتتحدث عن سلوكيات يقوم بها الطائر من خلال تصويره بأوضاع تجسد هذا السلوك. تحركت المجموعة داخل المنتزه وكان أول الطيور التي سجلناها من الطيور المتوطنة طائر السمنة اليمنية كان يتنقل بين أغصان أشجار العرعر يلتقط من ثمارها، مكثنا فترة من الوقت نقوم نتتبعه محاولين تصويره فنقلنا إلى منطقة بين الأشجار السمر والعرعر لنصادف أمامنا طائر الحسون اليمني وهو أيضاً من الطيور المتوطنة يقوم ببناء عشه فكان يتنقل بين أشجار العرعر يلتقط قطعا من قشور أشجار عرعر ليبني عشه منها وليختار له منطقة بين الأوراق الكثيفة على أحد أغصان شجرة العرعر جلسنا نتستمتع بمنطقة الحسون وهو يكد في بناء عشه قرابة الساعة حاولنا تصوير هذا السلوك لكن إضاءة المكان وحركة الحسون السريعة لم تمكنا من التقاط صور تجسد هذا السلوك لذا قررنا أن نعود في وقت آخر للموقع عندما ترتفع الشمس بشكل عمودي ليصل الضوء الذي يجعل تصويره ممكناً.
اتجهنا من موقعنا إلى موقع آخر لنبحث عن أحد أهم الطيور بالمملكة ألا وهو العقعق العسيري والذي اعتبرته إحدى الدراسات الجينية بأنه الطائر الوحيد المتوطن بالمملكة فهو لا يوجد في أي مكان بالعالم إلا في المملكة حتى في اليمن فإنه لم يسجل بالرغم من وجود بيئات مناسبة له، وهذا النوع كان ينتشر من جنوب الطائف إلى منطقة عسير جنوباً ولكن بالوقت الحالي فقد انحسرت مواقع إنتشاره بمنطقة ذات الغطاء الشجري الكثيف والمرتفع لمنطقة عسير والباحة، والحمد لله لم نمكث طويلاً عند وصولنا للمكان فقد كان أحدهم يقف في أعلى غصن بشجرة مجاورة ينظر إلينا بعين الحذر والريبة حاولنا الالتفاف حوله لتصويره لكن حذره جعله ينتقل من مكانه لداخل مزرعة مسورة صعب علينا الاقتراب منه وتصويره، كما أن تلبد الغيوم بالسماء وبدء نزول هتان المطر لم يجعل من التصوير ممكناً، كما أن هذه الغيوم تنذر بهطول المطر مما جعلنا نؤثر العودة للفندق والعودة بعد الظهر عند توقف المطر.
دخلنا الفندق قبل أن يشد هطول المطر ووجدنا أبو عمران ومجموعته قد عادوا قبل وصولنا وعلى وجوههم ابتسامة تنم على أنهم قد عثروا على ضالتهم ... فقد عثروا على موقع لعشٍ لنقار الخشب العربي أحد الطيور المتوطنة والمهددة بالانقراض على مستوى العالم بسبب تدهور مواطنه وانحسار مناطق تواجده في المناطق كثيفة الأشجار بالمرتفعات الجبلية لجبال السروات، بعد أن كان ينتشر حتى في الأودية كثيفة الأشجار بسهول تهامة ولكن للأسف الشديد فإن زيادة الاحتطاب أدى إلى اختفاء موائله. كان سماع هذا الخبر من أبي عمران جلب السرور للجميع فنقار الخشب العربي من الطيور الذي لا يعرف عن تكاثره شيء سوى أنه يبني فتحة في جذوع الأشجار اليابسة أما شكل العش والبيض والفراخ غير معروف علمياً وعليه فإن تسجيل عشه أسعدنا جميعاً فقررنا أن نتجه لموقع نقار الخشب بعد توقف المطر. بالرغم شعورنا بالفرحة لهطول الأمطار ومنظرها وهي تتساقط وحركة المياه الجارية، كنا نتمنى أن تتوقف ولو لبعض الوقت حتى يتسنى لنا الانتقال إلى موقع عش نقار الخشب لكن طال الانتظار فلم يتوقف المطر حتى حل الليل وعليه لم يمكن الخروج ممكناً لاستدلال على موقع العش.
كانت ليلة بحق طويلة جداً لم يستطع معظمنا النوم نعد الدقائق والساعات ننتظر شروق الشمس للخروج وأتذكر أنني استيقظت كثيراً في تلك الليلة وما أن اقترب وقت صلاة الفجر حتى قمت من على الفراش وما أن خرجت إلى صالة الشقة المستأجرة في فندق المحفار حتى وجدت الجميع قد استيقظ، والكل مشغول بمعاينة كاميرات التصوير والمناظير المقربة وكأنهم جنود يجهزون أسلحتهم لشن هجوم مرتقب. وما أن ظهر ضوء النهار حتى خرجنا من الفندق متجهين إلى موقع عش نقار الخشب العربي، وبعد حوالي نصف ساعة من السير وصلنا إلى موقع العش وجلسنا بدون حراك غير بعيدين عن الموقع ننتظر حركة الطائر وما أن توقفت حركتنا وسكت الجميع عن الكلام فلا تسمع سوى أصوات الطيور هنا وهناك ونسمات الهواء العليلة المحملة بريحة أمطار الأمس حتى بدأت حركة الطيور تدب بالمكان حولنا، وكان نقار الخشب من بينهم فقد خرج من فتحة العش ليبدأ رحلته في البحث على غذاء له ولعائلته. جلسنا نراقب حركتها وهي تذهب وتعود محملة بالغذاء للعش في منظر رائع فيه من الإخلاص والمثابرة والاهتمام والجدية بالعمل فتربية الفراخ تحتاج لعمل وجهد. وحتى لا نفوت فرصة توثيق هذا الحدث قرر الفريق وضع خيمة مخصصة كمخبأ بالقرب من العش وقام أخي أبو عمران بالتنسيق لتبادل الجلوس بالخيمة لنتمكن من تصوير لقطات لنقار الخشب العربي وهو يجلب الغذاء للعش كان دوري في فترة لاحقة حينها قررت الانتقال لموقع آخر في المنطقة لمشاهدة طيور أخرى بالمنطقة.
ابتعدت من مكان نقار الخشب وتوجهت لمنطقة سمعت فيها صوت السمنة اليمنية، وما أن اقتربت من مصدر الصوت فإذا بي أشاهد أحد طيور الدخل ويسمى بدخلة الغابة البني يحمل في منقاره غداء، وهذا يدل على وجود عش له وبالفعل جلسنا نراقبه حتى دلنا على مكان عشه والقابع في الأرض في منزلق بسيط شبه مظلم بين الصخور، والحقيقة منظر العش جداً جميل فيه ثلاثة فراخ كان منظر تغذية الوالدين جميلاً مكثنا نراقب لفترة من المزمن ولم نفطن للوقت إلا أن حرارة الشمس أنذرتنا بضرورة التحرك من الموقع، واتجهت لموقع آخر كنا قد سجلنا فيها أعشاش قديمة لنقار الخشب، وما إن وصلنا للموقع حتى شاهدنا أحد أجمل ذكور الطيور المعششة بالمنطقة إنه الزرزور البنفسجي الظهر ويطلق عليه أيضاً الزرزور أبيض البطن كان يقوم بحمل الغذاء لعش قديم نقار الخشب والذي يظهر أنه احتله لسكنى عائلته. جلسنا في زاوية مناسبة نرقبه هو وأنثاه وهما يتبادلان تغذية الصغار.
وبينما نحن جلوساً نراقب هذا الطائر اقترب أبوحمد منا وأخذ يلتقط الصور للزرزور وفي محياه إشراقة المنتصر وفرحة العاشق بلقاء محبوبته كيف لا ومنظر هذه الطيور بين هذه الأشجار الخضراء التي غسلتها أمطار الأمس قد أعطت للمكان جمالاً في غاية الروعة، حتى أنه همس في أذني هل نحن حقاً في السعودية...نظرت إليه وقلت سوف أريك طائراً آخر هنا بعدها أخبرني أيهما أجمل...نظر إلي وقال لا أعتقد أن هناك أجمل من هذا الطائر، عندها طلبت منه أن يتبعني لآخذه بالسيارة إلى منتزة آخر بتنومة بالجهة الجنوبية من منتزه المحفار وذلك لمشاهدة طائر يعرف بصائد الذباب الفردوسي الأفريقي والذي يدل ترجع أصوله للقارة الأفريقية.
وصلنا للموقع المتوقع مشاهدة هذا الطائر وما أن نزلنا من السيارة حتى لمحت حركة غير عادية لطيور وأصوات متلاحقة للطيور وكأن أمراً جللاً حدث أو سيحدث فتفقدت المكان ونظرنا للسماء فإذا هي طيور جارحة تحلق في السماء يمثل النسر الأسمر غالبيتها ومعها ثلاثة من الغربان مروحية الذيل بالإضافة لما هو محلق في السماء كان هناك قط مستأنس بالمنطقة وهذا الأخير ربما ما جعل الطيور تهيج وترسل أصواتاً منذرة بخطر وشيك، وتشير العديد من الدراسات أن تأثير الحيوانات الشاردة مثل القطط والكلاب الضالة يمكن أن يؤثر على مجموعات الطيور بمناطق تواجدها. وفي أثناء بحثنا والتقاطنا للصور لطيور المنطقة توقف بجوارنا أحد الشباب يبدو أنه من أهل المنطقة ورحب بنا وتساءل سبب وجودنا بالمكان فرددنا له التحية بأحسن منها وأخذت أتبادل معه أطراف الحديث وأخبره عن مهمتنا الدراسية وأردد عليه خلال حديثي بأن منطقتكم لا يوجد لها مثيل ...وأنا صادق في ذلك فطيور منطقة تنومة يمكن أن تدخل موارد مالية لسكان المنطقة من السياحة البيئية ومشاهدة الطيور المتوطنة والحياة الفطرية الأخرى بالمنطقة، ولجعل ذلك ممكناً علينا أن نحافظ على هذه الثروة فهذا حجل فيلبي والعربي منتشران بالمنطقة وإن كانت أعداده تناقصت بسبب الصيد غير المنظم وهما من أهم الطيور التي يرغب السائح والمهتم بمشاهدة الطيور أن يراها وإذا استمر الصيد بهذا الشكل لربما تختفي من المنطقة.
وبينما نحن نتبادل أطراف الحديث إذا بأبي حمد ينادي بأصوات غريبة ليلفت انتباهنا ويشير إلينا للاقتراب منه فطلبت من الشاب بالسير معنا لمعرفة ما لدي أبي حمد، وما أن وصلنا إليه حتى رأيت إشراقة في وجهه وفرحة من وجد ضالته لقد رأى طائراً عجيباً لونه أحمر عنابي ولديه ريش أبيض طويل يصل طوله ثلاث مرات طول الطائر..نظرت إلى الموقع الذي يشير إليه بين أعصان الأشجار الكثيفة ..... نعم إنه صائد الذباب الفردوسي الأفريقي عندها طلبت من الشاب ومن أهل المنطقة أن ينظر بالمنظار على الطائر .... تغير وجهه وهو ينظر فالطائر بالفعل جميل ..وقال «أنا من أهل المنطقة ولدت فيها وعمري ما رأيت هذا الطائر أيعقل أن يكون هذا الجمال في ديرتنا»؟.
نظرت إليه وأخبرته عن قصة إسلام أحد طلابي الإنجليز والذي قدم للمملكة لدراسة النسور بمنطقة تنومة لدراسة النسر الأسمر فبسبب جمال المكان وطيبة أهل المنطقة وكرمهم أسلم هذا الطالب وأصبح أحد دعاة الإسلام وغيّر دراسته ليدرس الدين الإسلامي في جنوب أفريقيا، ومع أنه لم يكمل دراسته إلا أن دخوله للإسلام يجعلني أشعر بأنني مدين لهذه النسور بان جعلها الله السبب في قدوم هذا الرجل ليسلم فعسى الله أن يكسبني وكل من ساعدني من أهل تنومة في إسلام هذا الرجل أجراً كبيراً خير لنا من حمر النعم.
بقي هذا الشاب معنا طوال أيام مكوثنا بالمنطقة غير مصدق بما شاهده فقد رأى حسب قوله ديرته من زاوية أخرى لا يراها الكثيرون من أهل المنطقة فقد أسعدته مشاهدة طيور تنومة على الطبيعة ومن خلال الصور الذي التقطها شباب مجموعة مصوري الطيور خاصة صائد الذباب الفردوسي الأفريقي والزرزور البنفسجي اللذين غيرا منظور الجمال لمنطقته وقرر أن يبدأ رحلة لتوثيق الطيور والحياة الفطرية في ديرته. أما نحن فلازلنا نتمنى العودة لمشاهدة طيورنا المتوطنة، وإن كانت صور طيور الوطن قد أخذناها معنا لتبقى لتوثيق جمال هذا الوطن لكنها أيضاً تقدم رؤيا لشباب الوطن لطيور الوطن.
الأستاذ الدكتور محمد بن يسلم شبراق - عميد شئون المكتبات بجامعة الطائف - مستشار غير متفرغ بالهيئة السعودية للحياة الفطرية