مندل عبدالله القباع ">
أولاً: نبارك لمعالي الدكتور أحمد العيسى للثقة الملكية بتعيينه وزيراً للتعليم. فهذا التعيين لم يأتِ من فراغ؛ إنما على حيثيات معينة، أولها وقبل كل شيء ثقة قائد مسيرتنا التعليمية (الملك سلمان - متعه الله بالصحة والعافية وطول العمر)، يلي ذلك خلفيته الأكاديمية بما يحمله من مؤهل علمي، وكذلك خبرة ميدانية باعتباره كان مديراً لجامعة اليمامة الأهلية. فهذه الصفات جعلته يرشح، ويحتل هذا المنصب الحساس والمهم؛ لأنه سوف يتعامل هو وطاقمه التعليمي من رجال ونساء مع مئات الآلاف من الطلاب والطالبات في مرحلة التعليم (الابتدائي والمتوسط والثانوي)، وكذلك مع التعليم العالي من جامعات وكليات علمية ونظرية. ولكن الذي يهمنا بوصفنا أناساً متخصصين في مجال الخدمة الاجتماعية، ويهم أيضاً وزارة التعليم، هو الخدمة الاجتماعية المدرسية التي تعتبر عِلماً وفناً ومهارة، تدخل في أغلب المجالات (المستشفيات - المصانع - الرياضة - الشركات). ولكن المهم في هذا هو الوسط المدرسي؛ باعتباره (وسطاً تربوياً وتعليمياً)؛ لأن هذا الوسط يغذي الطلاب والطالبات بالقيم التربوية والتعليمية، نظراً لأن هذا الوسط يعج بالهرج والمرج وبعض السلوك من الطلاب مع بعضهم، وبعض المعلمين مع طلابهم. وأنا أكتب هنا عن الجنسين (الطلاب والطالبات)، وكذلك المعلمون ومعلمات. وقد يحصل من هذا السلوك سلوك مشين في هذا الوسط، من تلفظ بألفاظ بذيئة أو مؤذية أو اعتداء جسدي بالضرب أو تحرش جنسي من بعض الطلاب تجاه الطلاب الآخرين؛ ما يسبِّب خللاً في المخرجات التعليمية العلاجية. وهنا لا بد من علاج هذا الخلل في هذا السلوك وإلا تفاقمت المشكلة، وكبرت، وتطورت أكثر؛ وأصبح هناك عداء وعقبة نفسية بين هذه الأطراف. والمرشد الطلابي كما هو واقع الآن كما يسمونه في المدارس ليس مؤهلاً لبحث مشاكل الطلاب ووضع التشخيص والعلاج لها. ومع احترامي لهم، فإن من يتكفل بهذه المهنة تجده من قدامى المعلمين، وتُسند له هذه الوظيفة. وكل ما هنالك أنه يأخذ التعهد على الطالب الذي تسبب في هذه المشكلة أو الاعتداء، أو قد يستدعي ولي أمر الطالب، لكن المشكلة لم تحل من جذورها، وتبقى خلفيتها من الطرفين والمتسبب فيها؛ لذا لم تحل من جذورها، وتبقى مخلفة عداء بين الطرفين (المتسبب في المشكلة والذي وقعت عليه المشكلة). فالشخص المؤهل لبحث المشكلة والسبر في أغوارها هو الأخصائي الاجتماعي أو الباحث الاجتماعي؛ إذ يبحث هذالحالة من جميع جوانبها (الشخصية والأسرية والاقتصادية والبيئية وثلة الرفاق) حتى يصل إلى السبب، ويضع التشخيص المناسب الذي يعتمد على حيثيات معينة. يلي ذلك وضع خطة العلاج التي قد تطول أو تقصر حسب الموقف الذي حصل، ومن ثم متابعة العلاج الذي قد يمتد إلى الأسرة للمشاركة في هذا العلاج.
وأنا أكتب من واقع ميداني باعتباري متخصصاً في هذا المجال لأكثر من (30 سنة) مع الأحداث صغار السن المنحرفين والمعرّضين للانحراف في المؤسسات الإصلاحية، وقد توصلت إلى أن أكثر هؤلاء الصغار تعرضوا لمشاكل داخل الوسط المدرسي، سواء مع زملائهم أو عبر تسلط بعض العاملين في هذا الوسط؛ فأصبحت المدرسة عامل طرد للطلاب؛ وبالتالي هروبهم من المدارس والتعرف على رفاق السوء الذين يزينون لهم بعض المواقف الانحرافية من سلوك عدواني أو تطرف وإرهاب؛ لأن المدرسة لم تعالج مشاكلهم منذ حصول ووقوع المشكلة؛ لأنه ليس هناك طبيب اجتماعي متمثلاً في الأخصائي الاجتماعي أو الباحث الاجتماعي لعلاج مشاكل الطلاب وتعرضهم للانحراف؛ لذا آمل من معالي وزير التعليم الدكتور (أحمد العيسى) النظر في تفعيل الخدمة الاجتماعية المدرسية في جميع المدارس (بنين وبنات)، خاصة المرحلة المتوسطة، ولاسيما أن هناك الآلاف من الخريجين من أقسام الخدمة الاجتماعية في الجامعات بحاجة للتوظيف لخدمة وطنهم ومجتمعهم. والله من وراء القصد.
(خاتمة شعرية):
يقول أحد الشعراء:
ليس السعيد الذي دنياه سعيدة
إن السعيد الذي ينجو من النار