د. صالح عبدالله الحمد ">
لا شك أن العلاقة القائمة بين المعلم والطالب هي جزء لا يتجزأ من العلاقة القائمة في المجتمع ككل وإذا ما رأينا العلاقات القائمة قديماً في المجتمع نجدها علاقات ترابط وتراحم وتواد وتعاطف خاصة بين الأقرباء ربما يكون تقارب السكن والحاجات القائمة آنذاك سبباً وجيهاً لتلك العلاقات، بيد أن في الوقت الحاضر نجد تلك العلاقات قد تدهورت وأصبحت قرابة النسيان لا سيما بين الأقرباء للأسف فالمعلم حينما ينظر إلى علاقته بابن أخيه أو ابن أخته مثلاً في الوقت الحاضر نجد تلك العلاقة دون المستوى المطلوب طبقاً لما ذكرته سابقاً وعليه فإنه سينقل ذلك وهو ما تربى عليه فعلاً إلى أبنائه الطلاب وستكون العلاقة معم علاقة سلبية وكذا الطالب الذي تربى في أسرته على جفوة العلاقة وبرودتها مع والديه وإخوانه الصغار والكبار ومع كافة أقربائه فإن ذلك سينعكس على علاقته بالآخرين وفي مقدمتهم معلمه طبعاً وسيكون هناك جفوة واضحة بالعلاقة بين الطرفين أما كيف يمكننا تطوير العلاقة بين المعلم والطالب لتواكب المستجدات التي طرأت على عناصر العملية التعليمية فإن ذلك يكون بعدة أشياء يأتي في مقدمتها اختيار المعلم ذلك أنه بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية وأكاديمية وغيرها امتهنت هذه المهنة الشريفة بل اشرف المهن على الإطلاق بحيث أصبح يقوم بها أي إنسان دون إعداد وأصبح أي فرد يستطيع الإدعاء بأنه يمكن أن يكون معلماً ناجحاً دون الحاجة لبذل أي شيء من الجهد ودون الحاجة إلى إعداد وتدريب ثم الأدهى من ذلك كله هو نسيان تعليم المعلم حال إعداده مبادئ العلاقات العامة وتدريبه أثناء الخدمة على ذلك فلا شك أن العلاقات العامة علم قائم بذاته ولذا فإن غالبية معلمينا وللأسف يجهلون هذا العلم بل والبعض الآخر لم يستفد مما تعلمه من اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم معلم هذه الأمة ومربيها ولم يطبقو منهجه صلى الله عليه وسلم في التعامل والسلوك والتربية مع أصحابه ومع أطفال المجتمع الصغار ولذا فإن المعلم بحكم تأهيله التربوي وخبرته يجب أن يكون في مقام الوالد أو الأخ الكبير لطلابه وهذه المهمة ليست سهلة وخاصة إذا أخذنا بالحسبان أن هؤلاء الطلاب يأتون من بيئات مختلفة تتراوح بين البيئة المتدينة المحافظة وغير ذلك من البيئات الأخرى فهناك بيئة فقيرة وأخرى غنية وأخرى متعلمة وأخرى أمية ولذا فإن مهمة المعلم هنا أن يكون والداً وأخاً وصديقاً للجميع لا يحابي طالباً على آخر وأنيكون قاضياً عادلاً ناصحاً وموجهاً ومرشداً ومساعداً لطلابه على ما يعترضهم من مشكلات ويساعدهم على حلها وحتى يكون المعلم كذلك فعلينا إعداده واختياره وتدريبه حتى نوجد معلماً مطبوعاً لا معلماً مصنوعاً أي أن يكون المعلم محباً وهاوياً لمهنته حتى يتمكن من المادة الدراسية التي يقوم بتدريسها ويكون لديه أساليب مختلفة في التدريس والتشويق إضافة لفهم طبيعة نمو أطفال المرحلة التي يدرس فيها وأن يمتلك في شخصيته الاستعداد الذاتي للقيام بمهنة التدريس. إن متى ما حاولنا إعداد المعلم بهذا الأسلوب فإننا سنحصل بمشيئة الله تعالى على معلم جاد يستطيع الوصول إلى علاقة قوية بينه وبين طلابه كما أنه بالمناسبة على وسائل الإعلام المختلفة ترسيخ هذا المفهوم وإقامة الندوات والمحاضرات والمقابلات وترسيخ أهمية المعلم بالحياة وأنه مربي بالدرجة الأولى يجب احترامه لأنه يخدم البشرية جمعاء ويترك بصماته واضحة على حياة المجتمعات التي يعمل بها ثم على الجهات المختصة غرس هذه القيم واقصد بها حسن العلاقة بين المعلم وطلابه بطرق علمية واضحة لا بتعاميم واضحة تثير النفوس وتترك أثراً كبيراً في غرس سوء العلاقة بين المعلم وطلابه.
ومختصر ما ذكرت أن فاقد الشيء لا يعطيه فإذا كان المعلم لم يعد إعداداً جيداً من كافة الوجوه فهو لن يستطيع القيام بعمله وفي مقدمة ذلك تكوين علاقة قوية بينه وبين طلابه التي تعتبر اللبنة الأولى في التربية والتعليم ثم إن على المعلم أن ينتبه أنه حان التعامل مع المتغيرات التربوية والاجتماعية والثقافية وغيرها ذلك أن طالب اليوم ليس طالب الأمس وأن المجتمع الذي يعيش فيه طالب اليوم غير المجتمع الذي يعيش فيه طالب الأمس وعليه فإنه يجب على المعلم ملاحظة ذلك والتعامل مع طلابه من خلال الزمن والوقت الذي يعيشون فيه وأن العلاقة يجب أن تكون موازية لتلك المتغيرات وعليه أن يحاول جاهداً بمختلف الطرق أن يبني علاقة جيدة مع طلابه تتماشى مع تلك المتغيرات التي يعيشون فيها.
وأما سمات العلاقات الناجحة والصحية بين المعلم والطالب فيجب أن تكون مبنية على الثقة والتعامل الواضح وإدراك دور كل منهما في هذه العلاقة بحيث إن يفهم المعلم أن دوره في العلاقة لطلابه هي دور المربي والمعلم والمرشد والناصح والمرغب لطلابه بالعلم وأن يرسخ لدى طلابه مفهوم الشورى وتداول الرأي وأن يكون المعلم متجدداً يتناسب مع حماس الطلاب الذين يحيطون معلمهم بكثير من الأسئلة والاستفسارات وأهم من هذا أن يكون المعلم فاهماً للدور الذي يقوم به وأن تكون العلاقة بينه وبين طلابه مبنية على الاحترام والتعامل الجيد والاهم من هذا كله هو المحاولة على بناء علاقة وثيقة بين المعلم وأولياء أمور طلابه حتى يكتمل العقد وحتى يكون المعلم يؤدي دوراً تربوياً وهاماً لنخرج إلى هذه الأمة جيلاً تربوياً متمسكاً بدينه خادماً لوطنه وبانياً له سدد الله خطى العاملين.