هداج تيماء.. وإن زما الضد لطّام.. ولا جاء اللزوم الصعب يقضيه زيزوم ">
المدح غرض من أغراض الشعر على مدى تاريخ الشعر، وقد خلّد هذا الغرض الشاعر الكبير المتنبي الذي اتصف بالأنفة والإباء وأمضى سنوات عمره في تحقيق طموح نفسه الذي ليس له حد، استناداً إلى محتوى نصوص شعره، وبالتالي فإن شعر المدح له كبرياء شعرائه وأنفتهم وشموخ نفوسهم الأبية في قصائدهم كتلك القصائد في ولاة الأمر والوطن التي خلّدت شعر الشاعر خلف بن هذال.
ومن قصائد المدح الصادقة التي امتزجت بقصائد الرثاء وهو غرض آخر من أغراض الشعر، إلاَّ أن الصدق في المدح ونقائه وتساميه وشفافيته كلٌّ منها أبى إلاَّ أن يكون له حضوره المؤثر الذي يجعل شعر المدح في مثل هذه الحالة يسمو على ما سواه من أغراض الشعر.
يقول الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن وهو يرثي والده الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز -رحمه الله-:
ودرب الفخر يحتاج قلطات وزحام
وإلى ظهر فعلٍ ترى النصر مقسوم
إن ساعفت ما ثمّنت عندك حطام
وإن عاضبت ما شلت من همّها هموم
مرحوم يا ريف الأرامل والأيتام
ياللِّي رفيقك دوم مكرَّم ومحشوم
هداج تيماء.. وإن زما الضد لطّام
ولا جاء اللزوم الصعب يقضيه زيزوم
ويقول الأمير الشاعر خالد الفيصل في مدح الأمير عبدالعزيز بن مساعد وهو يرثيه -رحمه الله:-
عد النصف ياللِّي تعرف النّصافه
ابن مساعد وش فعل في مباديه
دايم وخشم الرمح يرعف رعافه
الرمح يطعن به وسيفه يروّيه
وانشد ميادين الوغى كيف شافه
ضدّه من الفرسان يومه يدنّيه
الفارس اللِّي ما يعرف المخافه
الاّ مخافة والي العرش تثنيه
فيه الشَّهامة والورع والنَّظافه
نظيف عرضٍ ما يدنّس مواطيه.
وقال الشاعر مرشد البذال في رثائه لابنه عبدالله رحمه الله، متحدثاً عن فكره وبعد نظره وعقله الراجح:
إن كان يا قلبي خذ الموت غاليك
ياما فجع من واحدٍ قبل يفجاك
يا عبيد يا ليت الدهر لي مخليك
حيث إن ما به شك ودِّي بلاماك
ليتك ورا لندن وباريس وارجيك
ارجيك تلفيني إن كان الله أحياك
وإن ما حصل لك جيتي جيت ناصيك
واقول لك يا عبيد وش فيك ما ابطاك
إلى أن قال:
(يا عبيد فيك أطباع ميزٍ تحلِّيك
عقلٍ وفهمٍ ما حدٍ فيه قرَّاك
ياما على صعبات الاريا نشاكيك
ونحوّل اريانا على طيّب ارياك).
- محمد بن علي الطريف