د. عبدالعزيز بن إبراهيم الحرقان ">
من خلال زياراتي للجامعات في مناطق الابتكار العالمية لاحظت أن دورها مختلف عن الدور التي تلعبه الجامعات السعودية في تنمية واستثمار الابتكار، وبالتالي فإن دورها في تكوين أودية تقنية مختلف أيضاً. الجامعات الدولية التي نجحت في الإسهام بدور كبير في بناء بيئة ابتكار في المنطقة المحيطة بها قامت بذلك من خلال تطوير القدرات البشرية ودعم البحث العلمي واستثمار نتائجه.
تطوير قدرات الموارد البشرية يتم من خلال المعرفة العلمية وتطوير قدرات الطلاب الريادية بحيث يصبحون قادرين على بناء أو إنشاء مؤسسات تجارية تنقل المعرفة إلى ابتكار، ومن ثم تقدم منتجات وخدمات نافعة وذات مردود تجاري مجد.
دعم البحث العلمي للطلاب عبر فتح أبواب المختبرات لطلاب الجامعات ولأفراد المجتمع. المختبرات تحتوي على وسائل تجربة المنتجات التقنية بوجود فنيين وعلماء يمدون يد العون عند الحاجة. بعض هذه الجامعات تقدم هذه الخدمات ضمن برنامج مدعوم من الحكومة أو ضمن برامج التواصل مع المجتمع.
تهدف وسائل المتاجرة التقنية لاستثمار نتائج أبحاث الجامعة سواء الطلاب أو الباحثون. بحيث تفتح الجامعة أبوابها لمن يريد استغلال نتائج أبحاث الجامعة وتكوين مؤسسات ناشئة تستثمر في نتائج هذه الأبحاث، وبحيث يدفع المستثمرون للجامعة مقابلا ماديا لحقوق الملكية الفكرية للجامعة. وكذلك الاستثمار بالمشاركة في مشاريع ومؤسسات الشباب الناشئة، وبالتالي تظهر مؤسسات متعددة متنوعة ومتفاوتة في فرص النجاح والفشل، وقد تنمو هذه المؤسسات وتصبح شركات بحجم صن وقوقل اللتين انبثقتا من رحم جامعة ستانفورد.
الملاحظ أن الجامعات السعودية تقدم خدمات مشابهة لكن بأسلوب مختلف. فالمتاجرة التقنية تقوم بها الجامعة بنفسها من خلال شركة ضخمة متخصصة وليس من خلال مؤسسات ناشئة. أما المختبرات فهي أيضاً متاحة ولكن بشكل محدود لأفراد القسم التابعة له.
ريادة الأعمال في الجامعات السعودية تدرس كتخصص جامعي، وليس لتكوين رواد أعمال، وتطوير قدراتهم الريادية. بينما الجامعات الدولية تهدف لبناء المعرفة عن الريادية بين طلابها كافة، لذا تجد رواد الأعمال يظهرون من مختلف كليات وأقسام الجامعة، ويكون دور «كلية ريادة الأعمال» هو في تقديم المعلومات والمهارات اللازمة لبدء الأعمال التجارية وتحفيز هؤلاء الطلاب وتقديم يد المعونة عند الحاجة.
الجامعة لها دور هام في بناء ونمو بيئة الابتكار ولكن يجب أن تتجه نحو قصر دورها على التحفيز والقيادة وبناء المعرفة أكثر من الممارسة في الاستثمار التقني، والابتعاد عن دور المنافس والمستحوذ الأكبر للتقنية.
- عضو مجلس الشورى السعودي