مقبول فرج فرج ">
لا شك أن لتاريخ العظماء وعرض وتوثيق إرثهم التاريخي وتراجم حياتهم؛ اعترافا بفضلهم ورصد تاريخ حياتهم، ميراثا أصيلا تتوارثه الأجيال، قدوة صالحة يقتدى بما فيها من عبر وتضحيات من أجل البناء والتنمية وخدمة الوطن والمواطن، ويستعيد الوطن والمواطنون سيرة القائد الرائد الملك فهد خلال معرض «فهد روح القيادة» في الرابع من شهر صفر الحالي بعد افتتاحه برعاية شخصية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات، وقد عبّر خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- عن اعتزازه وفخره بكونه أخاً للملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بقوله: يشرفني في هذه الليلة أن أكون بينكم نحتفي بوالدي الثاني فهد بن عبدالعزيز، لقد تربيت من صغري تحت ظله ورعايته، وأشكر أبناء الملك فهد الذين عملوا هذا، وأقول إنني أعتز وأفتخر أن أكون أخاً للفهد وأن أحضر بينكم هذه الليلة، وأشكر أبناء الملك فهد على هذه الجهود.
الفهد روح القيادة
وللأمير تركي الفيصل وقفة شكر واعتزاز في مبادرة أبناء وأحفاد الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- في استعادة ذكراه من خلال معرض وندوات وتاريخ الملك فهد «الفهد روح القيادة» لكون هذا الإرث التاريخي الموثوق عن الفهد، دليلا حتميا على الدور التاريخي الرائد في تطور المملكة في مجالاتها المختلفة رفعة ورقيا وحضارة، إضافة إلى نصرة ومساندة القضايا العادلة لكل شعوب العالم.
ويضيف الأمير تركي الفيصل أن الملك فهد -رحمه الله- ترك بصمة على الجميع، ونحن كأبناء له تأثرنا ليس بعطفه وحنانه فقط وإنما بريادته في كل أعماله بدءا من وزارة المعارف حتى وفاته -رحمه الله-، الملك فهد كان دقيقاً جداً في تتبع الأمور، ويشحذ الهمم، حيث يستنهض في الإنسان الرغبة في أن يعطي ويقدم ولا يتردد في إبداء أي ملاحظة، بل يقدمها فوراً وفي حينها، وهذه الأمور كانت تريح الإنسان في التعامل معه -رحمه الله-.
الملك فهد يجعل المرء يحرج من عطفه وتواضعه، يشعر محدثه بأنه متساو معه، توجيهاته السديدة، بأن يكون الجميع في خدمة الله سبحانه وتعالى، ثم في خدمة الوطن، كان يقول: إذا خدمنا الوطن والمواطن، فبذلك نتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وعطاء لبناء إنسان هذا الوطن الغالي، وأثناء إعدادي لهذه الكلمة عن معرض «فهد روح القيادة» الذي استضافته جامعة الملك عبدالعزيز بجدة للمرة الأولى في هذا الشهر، تلقيت رسالة من صديقي وزميلي الحميم الأستاذ محمد أحمد الحساني، مثنياً على الندوة التي رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- عن تاريخ وإنجازات الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله-، والأحاديث التي دارت عن مآثره ومواقفه وسياساته الحكيمة في الشأنين الداخلي والخارجي، منذ أن كان -رحمه الله- وزيراً للداخلية، ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء في عهد الملك فيصل -رحمه الله-، ثم ولياً للعهد في عهد الملك خالد -رحمه الله-، حتى توليه مقاليد الحكم لنحو ربع قرن، عاصر خلالها مواقف عصيبة، منها انخفاض سعر النفط إلى نحو ثمانية دولارات للبرميل الواحد أثناء حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية، وغيرها من الحوادث الإقليمية والعالمية، مقدراً للقائمين على شئون الندوة من أبناء الفهد -رحمه الله- وأحفاده الكرام وفاءهم للقائد المفدى رعايته الكريمة للندوة.
يضيف الزميل الحساني أنه وجد نفسه أمام ذكريات سبق له أن عاشها مع كاتب هذه السطور منذ كانا يعملان معاً في جريدة الندوة في التسعينيات الهجرية خلال عهد رئيس تحريرها الأستاذ الكبير حامد مطاوع -رحمه الله-، وكان من تلك الذكريات أن قمنا بتغطية افتتاح سد وادي أبها عام 1394هـ، الذي رعاه وافتتحه الفهد نيابة عن الملك فيصل، وكان كل من الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- والأمير سلمان بن عبدالعزيز -الملك حالياً-، وكان أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل الذي لم يمضِ على تسلمه الإمارة سوى عامين، ولكنه بهمته العالية بدأ بوضع خطط التنمية لمدينة أبها مدنها وقراها فلم يدعها بعد ثلاثة عقود عند تعيينه لمنطقة مكة المكرمة إلا وقد أصبحت عسير عروس الجنوب بلا منازع، مضيفاً: ولما جلسنا في صالة الاستقبال علمنا أن الأمير فهد سيقوم بجولة على إحدى المناطق العسكرية، وأعددنا أنفسنا للجولة فلما جاء قدّمت له القهوة والتمر، وفهمنا أن الجولة ستبدأ بعد عشرين دقيقة، فاستأذنا الأمير خالد الفيصل في إجراء حوار مع الفهد المفدى فأعطانا الإذن مشكوراً واشترط الأمير ألا تزيد مدة الحوار على ربع ساعة فقبلنا وجلسنا بجوار سمو الأمير فهد وطرحنا عليه أسئلة مختلفة في جميع الشئون المحلية والدولية، فأجاب عنها بشفافية وصدق وأريحية فلما انتهى الوقت المحدد، قمنا فرحين بما سمعناه وما حققناه من سبق صحفي وأكملنا الجولة وعدنا إلى الفندق المخصص للصحفيين وعند انتهاء المهمة عدنا إلى مكة المكرمة، ومعنا الصيد الصحفي الثمين وأفردت له الجريدة عناوين عريضة على الصفحة الأولى، لما اشتملت عليه من معلومات قيمة وقد نقلت للعديد من الوكالات العالمية وأطلقت على الأمير فهد رجل السعودية القوي وكان من طبائعه الجيدة -رحمه الله- أنه ودود عند استقباله للمواطنين إذا ما جاءوا للسلام عليه حتى بعد أن أصبح ملكاً للبلاد ذاكراً الزميل الحساني في نهاية رسالته بأن ذهب للسلام على خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- في أحد الأعوام خلال إقامته في قصره بمكة المكرمة في العشر الأواخر من شهر رمضان بصحبة الزملاء الأعزاء إبراهيم الدعيج وخالد الحسيني وعبدالله حريري وتناول الجميع طعام الإفطار مع جلالته -رحمه الله- بحضور الأمراء سلطان -رحمه الله- وأحمد -حفظه الله- وعبدالعزيز بن فهد مع جمع من أعيان المواطنين وموظفي الديوان الملكي، فلما سلمنا عليه وعرفناه بأنفسنرد علينا واحد تلو الآخر قائلاً أهلاً وسهلاً ثم أخذ يداعب بعض الحاضرين ويسأل عن أحوال مكة ويتحدث ممن يعلم تكوينها السكاني باعتبارها قبلة ومهوى أفئدة لكل المسلمين، رحمك الله يا فهد بن عبدالعزيز وأسبغ عليك الرحمة وجزاك عن الأمة خير الجزاء أنه سميع مجيب.
وبهذه المناسبة أحيي وأقدر وأجلّ صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز -حفظه الله- رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض وندوات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الفهد روح القيادة، وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد رئيس اللجنة التنفيذية لمعرض تاريخ الملك فهد روح القيادة، وما يتمناه الجميع هو أن يجوب هذا الإرث التاريخي عن عظماء التاريخ جميع مناطق المملكة وأن تختار الأوقات المناسبة وأن يعمم معرض الملك فهد روح القيادة لجميع سفاراتنا في الدول العربية والغربية، فحكام المملكة العربية السعودية عظام منذ المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- ومروراً بملوكنا سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله جميعاً- واليوم ملكنا المثقف الراعي الواعي قائد عاصفة الحزم سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأمد في حياته الغالية، وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي عهده -حفظه الله- كما نأمل من رئيس اللجنة التنفيذية لتاريخ الملك «فهد روح القيادة» أن تكون التغطية الإعلامية أعم وأشمل في الصحف المحلية والعالمية، فدور الملك فهد -رحمه الله- عظيم وتاريخي فقد وثق عنه من ضمن وثق الدكتور عويد المشعان من الكويت عن جهوده الدبلوماسية الحثيثة لتحرير الكويت وموقف الشعب السعودي المشرف إبان الغزو العراقي ودور الجمعيات والهيئات الخيرية في المملكة وموقف الإعلام السعودي الفاعل في التحرير وكثيرون غيره تحدثوا عن مواقف المملكة المشرفة مع العالم.