الحياة تعود لمسجد قراشة التاريخي بحريملاء بعد إعادة بنائه ">
حريملاء - متابعة - أحمد المزيعل:
يعد مسجد قراشة التاريخي في محافظة حريملاء من أهم المساجد التاريخية بالمنطقة، كما أنه أحدث المساجد التي تم افتتاحها بعد إعادة بنائه ضمن برنامج العناية بالمساجد التاريخية الذي تنفذه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالتعاون مع وزارة الشؤون الإسلامية ومؤسسة التراث الخيرية.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني قد افتتح (يوم الخميس 28 صفر 1437هـ) المسجد بعد إعادة بنائه، حيث تسببت الأمطار التي هطلت العام الماضي على حريملاء في انهيار المسجد، فوجه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان لمركز التراث العمراني الوطني في الهيئة بإعادة بناء المسجد ضمن برنامج العناية بالمساجد التاريخية، وتمت إعادة بنائه بالتعاون مع بلدية حريملاء، كما وجه سموه بسرعة تنفيذ أعمال الترميم والتأهيل وفق الوسائل والإمكانات التي تضمن إعادة المسجد لما كان عليه قبل الهدم.
وقد وجه سموه رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في حفل افتتاح المسجد بالبحث مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإعادة توظيف المبنى الملاصق للمسجد والتابع للوزارة لتكون استخداماته متكاملة ومتناسبة مع طبيعة المسجد.
وأكد سموه في كلمته في حفل جائزة حريملاء للتفوق على أهمية مسجد قراشة وقيمته التاريخية، منوهاً باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله بالمسجد ومتابعته الشخصية لمشروع إعادة بنائه.
وقال: «أتذكر أن خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله عندما سقط مسجد قراشة التاريخي قبل عام تقريبا اهتم شخصياً بالموضوع وبعث لي برقية يسأل عن المسجد مؤكداً حفظه الله اهتمامه به، وأبلغته حفظه الله بـ»فزعة» أهل حريملاء والبلدية والمحافظة والجميع لإعادة بنائه بالتعاون مع الهيئة ووزارة الشؤون الإسلامية».
وقد ثمن سعادة الأستاذ عبد العزيز بن فهد بن معمر محافظ حريملاء اهتمام سمو الأمير سلطان بن سلمان بإعادة بناء المسجد انطلاقاً من اهتمامه بالمساجد التاريخية، وأشار إلى أن إعلان سموه افتتاح مكتب للسياحة والتراث الوطني في حريملاء سيكون له بالغ الأثر في توفير مقومات السياحة في المحافظة ما سينعكس على توفير فرص عمل للمواطنين.
من جهته أفاد المهندس خالد الزيد رئيس بلدية محافظة حريملاء بدوره، أن مسجد قراشة التاريخي أقدم مسجد أثري في حريملاء والمعروف بجامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي كان يقيم فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب -يرحمه الله- الكثير الدروس العلمية وتخرج منه نخبة من طلبة العلم والعلماء، مبيناً أنه أطلق عليه (مسجد قرّاشة) نسبة إلى اسم الحي القديم الذي يقع فيه ذلك المسجد الطيني حيث يعد المعلم الأثري القديم المتبقي في حريملاء.
وبين أنه بعد سقوط مسجد قراشة التاريخي نتيجة هطول الأمطار بشكل مستمر قبل نحو سنة، بادرت البلدية بإعادة بنائه بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وذلك بناء على توجيهات من سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، حيث وجه سموه مركز التراث العمراني الوطني بالهيئة بالتنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإعداد خطة عاجلة لإعادة إعمار المسجد وفق النسيج المعماري الأصيل للموقع وتطوير المنطقة المحيطة به، مشيراً إلى أن مركز التراث العمراني الوطني قام بإعداد الدراسات الفنية للمسجد والمنطقة المحيطة به والإشراف عليه وقامت البلدية بإعادة بناء المسجد وتأهيله تحت إشراف الهيئة.
وأوضح الأديب والمربي الأستاذ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف أن مسجد قرّاشة التاريخي يعد رائد الحركة العلمية في حريملاء حيث كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب يلقي فيه دروسه، وكان يفد إليه طلاب من مختلف مناطق ومدن المملكة أصبحوا يُدرِسون العلم الشرعي خارج المملكة، فضلاً عن طلاب من خارج المملكة كانوا يقصدون المسجد طلباً للعلم، مشيراً إلى أن البرنامج الوطني للعناية بالمساجد التاريخية الذي يعنى بترميم المساجد وإعادة بنائها خطوة مباركة الأجر فيها مضاعف حيث إن المساجد بيوت الله تقام فيها الصلاة فيها ومصدر لنشر العلم.
وثمن توجيه الأمير سلطان بن سلمان لافتتاح مكتبة في محافظة حريملاء تحمل اسمه، مبيناً أن لديه الآلاف من الكتب والمؤلفات في مختلف العلوم ستوضع في المكتبة لتكون متاحة لطلاب العلم للاستفادة منها، داعياً الكتّاب والمؤلفين لوضع كتبهم في المكتبة، مقدماً شكره لسمو الأمير سلطان بن سلمان على هذه الخطوة التي فيها التي حفظ للعلم والعلماء.
من جهته بين عبدالرحمن بن علي بن محمد العسكر المستشار في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، أن مسجد قراشة التاريخي بمحافظة حريملاء يعد أحد نماذج اهتمام الوزارة بالمساجد التاريخية عن طريق قيام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وبلدية حريملاء بترميم هذا المسجد التاريخي الذي كان منطلقاً للعلم ويعود تاريخ بنائه إلى أكثر من 300 عام وهو امتداد لعدد من المساجد التاريخية التي تم إعادة ترميمها وتأهيلها مع المحافظة على أصل بنائها قدر المستطاع، وذلك يعود بعد توفيق الله لما تجده بيوت الله من اهتمام ورعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- واهتمام ومتابعة سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وتوجيهات معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، مشيراً إلى أنه يوجد مساجد أخرى جاري العمل على ترميمها.
وأفاد أن الوزارة تولي عنايتها بالمساجد التاريخية تأسيساً على الأصل الشرعي بالعناية بالمسجد الذي بني أولاً ولأن المكان كلما كان أقدم في تخصيصه للعبادة كلما كان أولى بالاهتمام حيث تكلم الفقهاء عن المسجد العتيق وتفضيل الصلاة فيه على الصلاة فيما بني حديثاً، ولذلك اهتمت الوزارة بالمساجد التاريخية فشاركت في برنامج العناية بالمساجد التاريخية وأكدت على جميع قطاعاتها بأن لا يتخذ أي إجراء حيال أي مسجد أو وقف تاريخي قديم إلا من خلال هذا البرنامج، وذلك لتمنع الاجتهادات التي قد يجتهد بها بعض الناس حيال تلك المساجد ولأن الأصل في الوقف المحافظة على عينه قدر المستطاع.
وأبان العسكر أن اهتمام الوزارة بهذا النوع من المساجد تكلل بتوقيع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وقبل ذلك التوقيع على السياسات العامة للتعامل مع التراث الوطني، التي تتولى فيه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وفق ما لديها من اختصاص العناية بهذه الأوقاف والمساجد والمحافظة على بنيتها الأصلية.
وقد تميز المسجد ببنائه الجديد بتصميمه الذي حافظ على بنائه القديم، كما تميز باللوحة التذكارية للمشروع المنفذة من قبل حرفيين والفرش التراثي.
ويعتبر مسجد قراشة التاريخي أقدم مسجد تاريخي في محافظة حريملاء، ومكاناً لطلب العلم من مختلف قرى نجد، وكان في وقته أشبه بالجامعة خاصة وأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله كان يلقي فيه دروسه اليومية، وتخرج فيه نخبة من العلماء وطلبة العلم، ثم تتابعت حلقات العلم في هذا المسجد بعد ذلك.
ويعود تاريخ بناء المسجد لفترة الدولة السعودية الأولى خلال القرن الثاني عشر الهجري، ويعد المعلم الأثري القديم المتبقي في حريملاء.