المحامي/ كاتب فهد الشمري ">
لعل الكثير يفكر أن العدالة التي يمثلها القضاة والمحامون ورجالها بشكل عام في السلطة التنفيذية لا تعرف سوى لغة الأحكام، والمرافعة والمدافعة والمستندات والأدلة والمحاكم والحجاب، ولا يدرون أن للعدالة وجهاً آخر، وأن للعدالة مجالات شتى تستطيع من خلاله أن تعبر إلى قلوب الناس وعقولهم، ولعل ما نشهده اليوم مبادرة طيبة وعملاً إيجابياً ربما لم يحدث في أي دولة عربية، وهذا الحدث يتمثل في مسابقة كأس وزارة العدل وكأس المحامين في نادي الفروسية، مما يعني لنا نحن كرجال نمثل العدالة حدثاً عظيماً لكوننا لا نعمل فقط في برجٍ عاجيٍ بعيد عما يثير حماس الناس واهتمامهم.
إن الفروسية ظلت ولا تزال محل اهتمام الإنسان العربي في كل زمان ومكان، وحب الخيل عشقه الإنسان العربي في كل حياته، والقصص المأثورة توحي لنا بالكثير من المعاني التي ربطت هذا الإنسان بالخيل طيلة حياته ودهره.
لعلنا لا نجد في الكثير من الأديان ديناً اهتم بالخيل أيما اهتمام مثلما اهتمت به شريعتنا الإسلامية، فقد وصفها الله تعالى بالزينة، بل إن الله تعالى لم يلم نبيه سليمان حينما انشغل فيها عن صلاته ذات مرة فقد قال سبحانه (إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد)، وهذا ما يؤكده الحديث الشريف (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، ولعل من أعجب الأمور أن رجلاً من طيء كان يسمى (بزيد الخيل)، وحينما أسلم أسماه الرسول- صلى الله عليه وسلم- (بزيد الخير) وهذا لا يدل إلا على الاهتمام البالغ بهذا المخلوق المحبب على النفوس والعقول.
إن العدالة ليست دائمة التكشير، بل إن لها اهتمامات كثيرة في مجال الحياة، وإن الفروسية من أهم المجالات التي تهتم بها العدالة وتشارك فيها بكل ما أوتيت من جهد وقوة، وليس أدل على ذلك من أن يحضر هذه المناسبة شخص من أبرز قياداتها، ويقوم بنفسه بتوزيع الكأسين على الفائزين.
إنها حقاً مناسبة طيبة وفعالية يجب الاحتفاء بها، لأنها مناسبة تربط بين مجالين مهمين في الحياة، الأول يحتاجه الناس لإزاحة الظلم عن كواهلهم، والثاني يحتاجه الناس للترفيه عن أنفسهم، فالدلالة بين الأمرين موجودة، والعلاقة وطيدة، والصفات النبيلة تكون خسارة إن لم يحملها فارس.
إن وضع كأسين للعدالة أحدهما يمثل وزارة العدل كسلطة تنفيذية تقوم على تنفيذ المشاريع القضائية، والثاني يحمل اسم المحامين الذين يمثلون الوجه الآخر للقضاء الواقف، لأنهم في نهاية المطاف معاونون للقضاة، قد يكشفون في أوراقهم وما يقدمونه ما يخفى عن غيرهم، لهذا فإن اجتماعهم مع الوزارة التي يعملون تحت لوائها ولو كان عملهم بصفة غير مباشرة لأمر لا بد أن يحسب لوزارة العدل التي بادرت مشكورة إلى اعتماد كأس المحامين في هذا المضمار الرياضي والتاريخي والتراثي المهم والقريب إلى قلوبنا جميعاً.
إنني لا أنسى في هذه المقالة أن أتقدم إلى كل القائمين على نادي الفروسية وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير/ متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود الذي أولى هذه الرياضة كل اهتمامه، ولا عجب في ذلك فهو الفارس ابن الفارس مؤسس الفروسية المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله-، وإنه لمن دواعي شرفنا كمحامين أن نفخر بأن يخصص لنا كأس من هيئة رياضية بحجم هذا النادي الذي يأتي على رأس داعميه خادم الحرمين الشريفين الملك/ سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله ورعاه- الرئيس الفخري لهذه المنشأة الرياضية الأصيلة الذي أكمل مسيرة الفروسية وقدم ويقدم الكثير لهذه الرياضة العملاقة.
تعدو كما الريح إذا دقت حوافرها
كأنها الحسن في الإصباح والغسق
فعشقها المحمود في القرآن قد ذكرت
بالعاديات وما أحلى وصفها الأنق
- المستشار القانوني لنادي الفروسية