الشيخ السديس: عندما أخطأ الشباب منهج الإسلام المعتدل حمل السلاح على أمته وخرج على جماعاتها وقياداتها ">
الجزيرة - وهيب الوهيبي:
استقبل معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الدكتور الشيخ عبدالرحمن السديس، أمس، الوفود الشبابية للدول العربية، المشاركة في برنامج رحلة المشاعر المقدسة، وذلك في مكتبه بمقر الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مكة المكرمة، ضمن فعاليات رحلة الأماكن المقدسة لشباب الدول العربية التي تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
بدئ اللقاء بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى بعد ذلك الشيخ السديس كلمة لشباب الأمتين الإسلامية والعربية قدّم خلالها شكره للرئاسة العامة لرعاية الشباب بقيادة الأمير عبدالله بن مساعد الرئيس العام لرعاية الشباب على تقديم مثل هذه البرامج الخاصة بالشباب بدعم بالغ ورعاية كبيرة في شتى المجالات من خادم الحرمين الشريفين -أيده الله-، وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهما الله-، ومنها هذا المجال الأرحب في جمع شباب الأمة الإسلامية والعربية بمثل هذه اللقاءات.
وأشار معاليه إلى أن رئاسة الحرمين الشريفين تُعنى بشؤون بقعتين عظيمتين هما المسجد الحرام والمسجد النبوي مما يعكس ما تقدمه الدولة من عناية لقاصديهما, وأن الرئاستين تتعانقان، في هذا اليوم المبارك، بتوأمة علمية وثقافية وفكرية وتربوية، تعنى بشباب هذه الأمة الذين كتب الله لهم هذه الرسالة لحمل الأمانة على عواتقهم للنهوض بمجتمعاتهم وأُممهم، مؤكدا معاليه، وجوب العناية بفئة الشباب بجميع النواحي لا سيما ما يحصّن أفكارهم وما يوجّه قيمهم وسلوكهم إلى المنهج السليم عن طريق تعزيز الأمن الفكري وتحقيق منهج الوسطية والاعتدال, انطلاقا من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، وأيضاً من رعاية قيادتنا الرشيدة لهذه الفئة الغالية في هذا العصر الذي كَثُرت به التحديات والمؤامرات على أبنائنا ومجتمعنا ولاسيما فيما يتعلق بأفكارهم من أعمال الإرهاب والتكفير والغلو, وأيضاً في المقابل ضياع هويتهم وعدم التمسك بثوابتهم وعقيدتهم ورسالتهم الصحيحة، ليعزز الجميع منهج الوسط والاعتدال الذي أمر به ديننا الإسلامي الحنيف.
وشدد معاليه على أهمية التزام الشباب المسلم برسالة العبودية لله بكل ما تحمله رسالة العبودية من معنى وبما يشمل أمور الدين والدنيا والآخرة، فليس من المنهج الصحيح أن تترك الدنيا بل يجب أن تعمر بما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، وما يعزز مكانة هذه الأمة وكذلك أمور العقيدة والعبادة والأخلاق والقيم بما جاء به الدين الإسلامي الحنيف, وكذلك أمور الآخرة لحسن القصد، والرغبة بما عند الله تبارك وتعالى، بحيث يلتزم المسلم منهج الله سبحانه، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بمنهج معتدل يوازي بين متطلبات الروح ومعطيات الجسد, كما يواكب بين أصالة هذا الدين ومواكبة العصر الذي يعيش فيه.
وقال معاليه: حينما تخطئ هذه المفاهيم عند بعض أبنائنا تجد أنهم ينقسمون إلى فريقين؛ فريق يقع في الغلو والتطرف لضيق نظرته ويحمل السلاح على الأمة ويخرج على جماعاتها وقياداتها ويهوي بالأمة إلى ويلات لا يعرف عواقبها إلا الله، وبين من ضيعوا هويتهم عرفوا أن عقولهم ليست إلا عند أقدامهم وضيعوا رسالة الإيمان والفكر السليم والمنهج القويم والشمول والكمال الذي جاء به هذا الدين إلى أنواع من التعصب, ولهذا فإن تعزيز هذا المنهج التكاملي في نظرة المسلم لاسيما الشاب اليافع المتطلع لاستشراف المستقبل المشرق يجب أن يوازن بين هذه المتطلبات كلها، وهي رسالة عظيمة ومهمة كبيرة عني بها هذا الدين القويم وعنيت بها هذه الدولة المباركة كما عنيت بها الدول الإسلامية الأخرى.
وذكر معاليه أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب تأتي لتؤصل هذه المفاهيم عند أبنائنا وشبابنا، وتحية مباركة للرئيس العام لرعاية الشباب صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز وللفريق العاملين معه، لاسيما في الأنشطة الشبابية والسادة الكرام وفود الدول الإسلامية ومندوب الجامعة العربية، لا شك أن مثل هذه اللقاءات أنها لقاءات مباركة تصب في المصلحة العامة لدولنا وبلداننا وأوطاننا ولشبابنا خاصة لاسيما في مثل هذه الظروف التي تمر بها أمتنا الإسلامية وتتطلب منا جميعا أن نكون جماعة واحدة وقيادة واحدة، ولقد فرح الجميع واستبشروا بالتحالف الإسلامي العسكري الذي يكون -بإذن الله- انطلاقة لتعزيز جوانب الأمن في هذه الدول والبلاد الإسلامية من خلال مواجهة هذه التحديات بتعاون وتحالف تاريخي لا شك أنه يصب في مصلحة الأمة العربية والإسلامية ويجسد عناية هذه الدول، لاسيما المملكة العربية السعودية، في العناية بأمن هذه الأمة وردع كل المعتدين الذين يريدون أن يفرقوا الأمة، ولن يستطيعوا بإذن الله ثم بعزائم قادتنا وولاتنا الميامين الذين يحرصون كل الحرص على استتباب الأمن والاستقرار والوحدة والسلام والرحمة والوئام بين أبناء عالمنا الإسلامي لنعكس صورة مشرقة للعالم كله عن مبادئ ديننا وأنه دين الرحمة والخير والرفق والاعتصام والاجتماع والسلام والبعد عن كل المنغصات والمخالفات لهذا المنهج الصحيح.
وأشار معاليه إلى أن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، تَشرُف بالتعاون مع جميع أجهزة الدولة -رعاها الله- وجميع المسلمين لمد جسور التعاون معهم، فيما يعزز وحدتنا وقيمنا وأخلاقنا الكريمة والبعد عن الطائفية والتعصب والحزبية ومن أهم المعالم التي ينبغي أن يهتم بها شبابنا الانتماء الديني والانتماء الوطني ومعرفة الولاء التام للبلاد والأوطان بما لا يخالف بما جاءت به الشريعة والأمة بحاجة إلى وحدة دينية وإلى وحدة وطنية، وإن هذه الأمة قد كتب لها البقاء وكتب لها ولله الحمد النصر والعزة والتمكين فما عليها إلا أن تحسن الظن بربها وتعزز ثقتها بنفسها ثم تتمسك بأصولها وثوابتها وتواكب العصر الذي تعيشه لأننا في حاجة اليوم في عصر التقانات وعصر الإعلام الجديد ووسائل التواصل أن نسخرها ونستثمرها فيما يجمع الكلمة ويوحد الصف ويقوي العقيدة وبما يعنى بالشباب حتى لا يتخطفهم الأعداء الذين يشنون الحرب الخفية على هذه الأمة وشبابها.
وشدَّد معاليه على أن الثقة بشبابنا كبيرة جداً، فهم بما منحهم الله من عقيدة راسخة وإيمان قوي ومن تعزيزهم لمنهج الوسطية والاعتدال، والنصر على كل من أراد بهم سوءا ومكروها لتسير دولنا العربية والإسلامية بقيادة هذه البلاد بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد والحكومة الرشيدة وإخوانهم أيضا قادة التحالف الإسلامي، الذين سرّ كل مسلم وغيور، اجتماعهم على الحق والخير وردع الظالم ونصرة المظلوم وإلى إعادة الحقوق لأصحابها.. عبّر من خلالها عن شكره للقيادة الرشيدة لما توليه من اهتمام للحرمين الشريفين وقاصديهما وكذلك الشكر موصول للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على حسن الضيافة والاستقبال وترحيب بالوفود الشبابية الذين يعدّون عماد الأمة.
وفي ختام اللقاء تم تبادل الهدايا والصور التذكارية مع معالي الرئيس العام.
من جهته، ثمّن مدير عام الأنشطة الشبابية عبدالعزيز البتَّال مدير إدارة الأنشطة الشبابية بالرئاسة نيابة عن الوفود العربية بهذه المناسبة استقبال معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف للوفود العربية، منوها بما تضمنته كلمة معاليه من توجيه وإرشاد للوفود الشبابية، مؤكداً حرص سمو الرئيس العام لرعاية الشباب على جمع الشباب العربي في أطهر بقاع الأرض لمشاهدة الأماكن المقدسة والأحداث التاريخية الإسلامية التي تجد كل عناية من القيادة الرشيدة.
وكان اليوم الثالث من فعاليات برنامج رحلة شباب الدول العربية للأماكن المقدسة، التي تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ممثلة في الإدارة العامة للنشاطات الشبابية قد شهد عددا من الزيارة شملت جبل النور اطلعوا على غار حراء وبعض الآثار الإسلامية بجوار الحرم المكي الشريف، وقطار المشاعر المقدسة، ثم استكملت الجولة بزيارة جبل الرحمة ومشروع الملك عبدالله -رحمه الله- لتعبئة مياه زمزم، حيث شاهدت الوفود عرضا لفيلم وثائقي عن المشروع وفكرته وبداياته بعدها توجهت الوفود إلى المصنع والاطلاع على عملية تعبئة مياه زمزم.