نذر المائة ركعة
* نذرت أن أصلي مائة ركعة، هل يجوز لي أن أجعلها متقطعة كأن أصلي كل فترة منها عشرين؟
- إذا نذر المائة الركعة متتابعة فلا بد أن يسردها متتابعة ولا يقطع هذا التتابع إلا إذا وُجد ما يبرر هذا القطع بدخول صلاة أخرى أو بالانشغال بواجب آخر أقوى من واجب الوفاء بالنذر، أما إذا نذر مائة ركعة وأطلق، وليس في نيته التتابع حينما نذر، فله أن يصليها متقطعة حسب التيسير ولا يشق على نفسه في ذلك، المقصود أن يبلغ المجموع مائة ركعة.
***
النكوص إلى الوراء
* رجل كان يعمل الطاعات وكان من السباقين إلى الخيرات، والآن قد أصابه الفتور حيث إنه الآن يقتصر على أركان الإسلام، والسؤال: هل يؤجر على الطاعات التي كان يعملها أم أنها تبطل؟
- مثل هذا لا شك أنه مذموم شرعًا، والحور بعد الكور جاءت الاستعاذة منه، والنكوص إلى الوراء بعد أن كان من السباقين المسارعين إلى الخيرات هذا لا شك أنه جاءت النصوص بذمه، وعلى كل حال من فَتَر إلى سُنَّة فقد أحسن، أما هذا فاقتصاره على أركان الإسلام لا يعني أنه أتى بجميع ما أوجب الله عليه؛ لأن هناك من الواجبات غير أركان الإسلام، فعليه أن يأتي بجميع ما أوجب الله عليه، وفي الحديث: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» [البخاري: 6502] لكن إذا ترك النوافل ليس عليه شيء، وطاعاته التي فعلها قبل هذا الفتور يؤجر عليها، وهي مرصودة له في ميزان حسناته -إن شاء الله-، ولا يُبطل هذه الأعمال الصالحة إلا الردة -نعوذ بالله منها-.
ومثل هذا الذي كان سباقًا إلى الخيرات ومسارعًا إليها ثم حصل له من الفتور ما حصل، على إخوته وأقرانه وزملائه والقريبين منه أن يذكروه بما يقربه إلى الله -جل وعلا-، وأن يعينوه على ما كان عليه قبل ذلك، وعليه هو أيضًا أن يبحث عمَّن يعينه على ذلك كما في قوله -جل وعلا-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: 28]، وأن يترك أهل الغفلة الذين إذا غفل لم يذكروه بل يعينونه على غفلته.
***
هجر القرآن
* تمر عليَّ أيام فأنشغل عن القراءة في المصحف ولكني أستمع، فهل هذا يبعدني عمَّن ينطبق عليه هجر القرآن؟
الجواب: جاء الحث على قراءة القرآن، وأن للقارئ بكل حرف عشر حسنات، يقول النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-: «لا أقول: {الم} حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» [الترمذي: 2910]، فهذه ثلاثون حسنة في قوله: {الم} [البقرة:1] فماذا عما لو قرأ آية أو جزءًا أو القرآن كاملاً؟ في قراءة القرآن في الختمة الواحدة ما يزيد على ثلاثة ملايين حسنة، ولا يفرط في هذا الأجر العظيم إلا محروم، لكن إذا انشغل الإنسان أو ضاق عليه وقت أو لم يتيسر له طهارة بحيث لا يقرأ إلا من المصحف وشق عليه الوضوء في وقت من الأوقات واستمع إلى قراءة قارئ، لا أقول: يسمع له، بل: يستمع؛ لأنه مأمور بالاستماع والإنصات كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [الأعراف:204].
والفرق بينهما أن السماع هو مرور الصوت على الأذن من غير انتباه، والاستماع يكون مع إحضار القلب والاستماع له والتأثر به، وإذا كان هذا القارئ من القراء المؤثرين الذين في صوتهم شيء من التأثير كان أولى، وقد يكون أولى من قراءة الإنسان بنفسه إذا كان ذهنه يشرد إذا قرأ بنفسه، ويحضر قلبه إذا استمع لغيره، ولا شك أن لتزيين الصوت وتجميل الصوت والتغني بالقرآن أثرًا على القارئ وأثرًا على السامع، وحينئذٍ يكون أجرهما واحد، فالمستمع له مثل أجر القارئ، كما أن المؤمِّن على الدعاء داعٍ مثل الداعي.
***
غسل اليدين
* في غسل اليدين هل يبدأ بالغسل من أطراف الأصابع أم من مفصل الكف؟
- لا شك أن غسل اليد الذي يبدأ به قبل الوضوء هو غسل الكفين، ويشمل ما بين أطراف الأصابع إلى المفصل، والغسل الذي هو فرض من فرائض الوضوء لليدين بعد غسل الوجه كذلك يبدأ من أطراف الأصابع إلى المرفقين، ومراد السائل هنا: هل يكتفي بغسل الكفين الذي قبل غسل الوجه بحيث لا يغسل يده في الفرض إلا من المفصل، أو يبدأ من أطراف الأصابع إلى المرفق؟
غسل اليدين قبل الوجه -وإن كان مسنونًا- لا يجزئ عن غسلهما بعد غسل الوجه من أطراف الأصابع إلى المرفقين؛ لأن هذا هو الفرض، وأما الأول فمستحب إلا إذا قام من نومه فإنه لا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا كما جاء الأمر بذلك في الحديث الصحيح [البخاري:162]، والأصل في الأمر الوجوب، وبعضهم يخصه بنوم الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده».
يجيب عنها/ معالي الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء