يوسف بن عبدالله الدخيل ">
أتذكر ذاك الصديق العربي الخمسيني والمولود بالمملكة الذي لم يغادرها منذ ولادته الذي ذكر لي أن رغبة قريبة الجراح الكبير الذي يعمل في لندن منذ سنوات في الانتقال إلى المملكة من أجل أن تواصل ابنتيه دراستهما الجامعية في المملكة.
نظراً لرغبته أن تحافظ ابنتيه علي التقاليد العربية والبيئة الإسلامية الصحيحة.
هذا جعلني أتساءل عن إهمالنا في استقطاب الأدمغة والعقول العربية المهاجرة ولاسيما وأننا نمتلك مميزات جاذبة لهم بإضافة إلى مستوى الدخل المرتفع ورخص المعيشة.. ووجود الحرمين الشريفين. هناك البيئة الاجتماعية المناسبة لتربية وتنشئة الأبناء تنشئة إسلامية صالحة بحول الله، وعدة مميزات اجتماعية أخرى غير موجودة في المجتمعات الغربية، والمملكة العربية السعودية وهي تشق طريقها نحو العالم الأول وهي تمتلك اقتصاد عملاق لماذا لا نسعى نحو استقطاب الكفاءات العربية عالية المستوى؟ السعودية ومنشآتها الاقتصادية والتنموية تحتاج إلى هذه الأدمغة وبالتأكيد هم يحتاجون أيضاً وجودهم في المملكة.
يمكن سن نظام وتشريع خاص، للتعامل مع مثل هؤلاء بشكل مناسب، كما تم تشريع خاص للتعامل مع الجالية البرماوية فيما سبق..
لقد أهملنا الكفاءات والعلماء الذين كانوا في الأرطاوية ورفحاء بعد نهاية حرب تحرير الكويت، وتسابقت سفارات الدول الغربية إلى زيارتهم في رفحاء والأرطاوية وتم نقلهم وتوقيع العقود معهم قبل خروجهم من المملكة، واستفادوا منهم بشكل كبير ووظفوا قدراتهم لصالحهم خلال السنوات العشرالأخيرة عاشت المملكة نهضة تنموية كبرى وشاملة في جميع المجالات والمستويات..
أوجدت عشرات الجامعات والمراكز البحثية.. وعشرات المدن والمستشفيات والمراكز الطبية ذات المستويات العالية وعشرات المصانع.. وعدداً من المدن الاقتصادية وفي الوقت ذاته تعيش المنطقة العربية في السنوات الخمس اضطرابات سياسية صعبة مما أدى إلى هجرات وعمليات نزوح كبيرة.
المرحلة الحالية تستوجب من صانع القرار السعودي أن يضع استراتيجية خاصة ويشكل فريق عمل لاستقطاب الأدمغة العربية وتوزيعها على المنشآت والمرافق السعودية والاستفادة منهم كل في تخصصه.
طوال السنوات الماضية وتحديداً منذ بدء الطفرة الاقتصادية الأولى عام 1975م دخل إلى المملكة عشرات الملايين من الوافدين من عدة جنسيات.
وحالياً تضم السعودية ما يزيد على العشرة ملايين وافد غير سعودي، إذاً ووسط هذه الملايين من الجاليات العالمية التي تعيش بيننا لماذا لا يتم استقطاب ألف أو ألفين أو أكثر من ذلك أو أقل من الكفاءات ذات المستوى العالي والعالي جداً؟ لتسهم معنا في نهضة بلدنا ورفعة مستوى معيشة شعبنا. الوطن يحتاج إلى الخبراء والباحثين في الشأن الزراعي والاقتصادي والحيواني والمائي وغير ذلك من المجالات.
قد لا يكون مثل هؤلاء موجودين لدينا حالياً، والغرب لا يمكن أن يعطيك أفضل ما لديه. والحل هو استقطاب الأدمغة العربية في المرحلة الحالية.
استقطاب مثل هؤلاء لن يقلل من شأننا أو مكانتنا به هو مصدر لقوتنا ونهضتنا، فنحن نحتاج للكفاءات العالية لنأخذ خبراتها وندرب أبناءنا، وفي الوقت نفسه نوفر لهؤلاء الخبراء مصدر دخل مميز وبيئة عمل مناسبة وبيئة اجتماعية مناسبة له ولأسرته.
إنني أشعر بالأسى، وأنا أشاهد الدول الغربية وهي ترفض كل اللاجئين السوريين ولا تستثني إلا أصحاب القدرات العالية من علماء وحرفيين وأصحاب مهارات، ومع هذا يتغنون بأنهم يستضيفون اللاجئين السوريين. والمملكة العربية السعودية تستضيف أكثر من مليون سوري دون النظر إلى إمكاناتهم وقدراتهم كواجب أخوي وديني وفتحت لهم المستشفيات والمدارس وكل المرافق بالمجان.. وهذا شيمة المملكة قيادة وشعباً. ومع وجود هذا العدد من الإخوة السوريين وغيرهم من باقي الجنسيات العربية أليس هذا دافعا لاستقطاب أقاربهم وجيرانهم من أصحاب القدرات العالية؟