د.خالد منزلاوي ">
لا يزال تسييس قضايا حقوق الإنسان والمعايير المزدوجة في المواقف والانتقائية في تطبيق المعايير الدولية بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان حيث يجري تضخيم بعض الانتهاكات، وغض الطرف والتجاوز عن انتهاكات أخرى، ما جعل هناك مسعى يستغل من خلاله ملف حقوق الإنسان للضغط على الدول بدعوى وجود انتهاكات لحقوق الإنسان، لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو تجارية معينة. وهو الأمر الذي يشكل عائقا حقيقيا أمام إحراز أي تقدم ملموس في أعمال مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. لأنها تؤدي بالتأكيد إلى المواجهة والفشل وإلى عدم تعزيز ودعم وحماية حقوق الإنسان والتي كانت هدف إنشاء مجلس حقوق الإنسان كأحد دعائم ثلاث للأمم المتحدة مع كل من الأمن والسلام، والتنمية مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم دول العالم لم تصل للنسبة النهائية لحقوق الإنسان مما يحتم مضاعفة الجهد والسعي.
وأصبحت هذه العقبات تعيق فرص التوصل لتوافقات عديدة حول قضايا حقوق إنسان لا يصح أن يكون فيها اختلاف لأنها تهم الجميع وتؤثر على مصداقية عمل الأمم المتحدة في هذا المجال الحيوي وأصبح عنصرا محوريا في النقاش العالمي لحقوق الإنسان وعلاقته بالأمن والسلام ومن جهة أخرى بالتنمية فأصبح ذلك سببا رئيسيا بين اتجاهين الأول يرى أنه من غير المقبول استخدام دعاوي الخصوصية الثقافية والعقائدية في تحجيم بعض الحقوق التي يتعين أن يتمتع بها كل بني البشر بغض النظر عن قومياتهم أو أديانهم أو اتجاهاتهم الاجتماعية وأفكارهم. فالارتكان إلى الخصوصية يودي إلى نقض الالتزامات الدولية وما هو إلا محاولة للتنكر لهذه الحقوق، وذريعة للتنصل من الوفاء بمتطلباتها فهي حقوق عالمية، وهو الأمر الذي يوضح مفهوم الأحادية بجلاء. والاتجاه الثاني والذي يرى أن عالمية مبادئ حقوق الإنسان يجب أن تقوم على أساس احترام التنوع الثقافي واللغوي والديني والعرق لأن رفض ذلك يعني فرض الهيمنة وبالتالي هناك تحفظات تندرج في إطار حق الدولة السيادي وخصوصيتها في صيانة لحمتها الوطنية واحترام ثوابتها الدينية، وإقرار الحق في الاختلاف بين الثقافات والإيمان بضرورة التعايش فيما بينها واحترام بعضها للبعض الآخر وبالتالي يصعب عليها الالتزام بعالمية بعض الحقوق. وهنا تكمن أسباب المواجهة بين أصحاب الاتجاهين. وللابتعاد عن التسيس حقوق الإنسان وللوصول إلى توافق حول مفاهيم هامة فهنالك حاجة للتأكيد على أربعة أمور للتعاون الدولي في حقوق الإنسان وهي: التأكيد على الالتزام الرسمي بميثاق الأمم المتحدة واحترام استقلال وسيادة الدول، واحترام التنوع بما في ذلك التنوع الثقافي في حقوق الإنسان وعدم فرض مفاهيم أحادية غير متفق عليها لاعتبارات عقائدية وفكرية ودينية، واحترام نمط حماية حقوق الإنسان الذي تختاره الدول، والتعامل مع جميع حقوق الإنسان على قدم المساواة.
- خبير في حقوق الإنسان