صيغة الشمري
هناك قرارات واضحة وضوح الشمس؛ من المفترض تطبيقها قبل عشرات السنين، تستغرب تأخيرها إلى هذا الوقت، بل إن بعضها لم يُتخذ فيه قرارٌ حتى يومنا هذا، مع أننا نكاد الدولة الوحيدة التي تعمل بنظام رغم ثبوت فشله، وعدم جدواه، مثل نظام سجن الكفيل، وترك صاحب الدَّين الأصلي حرًّا طليقًا.
استمرت أنظمة قديمة خاطئة ولم يقم أحد بتعديلها لسبب بسيط، هو وجود مجموعة من المتنفعين من هذا النظام الخاطئ لجمع مئات الملايين من الريالات دون حسيب أو رقيب أو حتى خوف من الله، مثل السماح للمواطن بأن يقيم مساهمة عقارية باسمه الشخصي، ويسمح للناس بتحويل أموالها له، وبعد أن يصبح رصيده قد تجاوز نصف مليار يقرر التنصل من المساهمة، لتغض الطرف عنه جميع الجهات المعنية، بما فيها البنك؛ كونه أصبح مليونيراً يهاب جانبه، مع تنازل بعضهم عن «كم مليون» لمنح أرباح مضاعفة لأسماء يُخشى جانبها. وحل هذه المشكلة بسيط وغير معقد، ويُعمل به في جميع دول العالم، وهو اشتراط أن يقوم بنك برعاية المساهمة وليس مواطناً.
أذهب إلى مثال آخر، لا يوجد إلا عندنا، وهو رفض المستأجر الخروج من المنزل الذي استأجره مع امتناعه عن دفع الإيجار. ستضع نفسك في قضية تهددك بالسجن لو حاولت إزعاجه! مع أن حل هذه المشكلة واضح وضوح الشمس، وانتهت فور أن منح القانون صاحب البيت الأصلي طلب قطع كهرباء بيته عن المستأجر؛ فيضطر للخروج، مع أنه من المفروض أن يتم إخراجه بقوة القانون.
ولو عددت الأمثلة لمثل هذه القوانين لما اكتفيت بمقالين أو ثلاثة. تستغرب كيف مثل هذه القوانين مستمرة رغم أن الجميع متفق على فشلها وضررها الكبير. كم تمنيت أن تتبنى جهة حكومية ذات صلاحية التحقيق فيما يحدث في كواليس مكاتب الاستقدام. منذ سنوات حتى هذا اليوم وهناك تلاعب وفوضى لصالح أناس معينين، يستفيدون من جمع الملايين من المواطنين المساكين الذين لا حول لهم ولا قوة غير دفع المزيد من الأموال فيما يشبه المافيا والعصابات الخفية، التي لا تعرف كيف لا يراها القانون، ولا تقواها سلطة. يهرب سائقك أو عاملتك المنزلية بعد يومين من وصولهما في عمل إجرامي مخطط له؛ إذ كيف يجرؤ عامل أجنبي بسيط على كسر قوانين البلد، ويعيش سنوات وهو مطارد قانونياً، لولا أنه تم تلقينه و(تطمينه) وإفهامه مدى هشاشة القانون الذي سيكسره. بالأمس قرأت أن وزارة العمل ألزمت مكاتب بتعويض عملائها عن كل يوم تأخير مائة ريال. إنها خطوة تبشر بالخير مع قناعتنا بأنه ما تم اتخاذها إلا بعد تغيير بعض المتنفذين نوع النشاط!
إنها (قرقرات) للاستهلاك الإعلامي، ولن تصبح (قرارات) إلا بعد أن يصبح السوق غير مربح مادياً، ولا يمنح إلا الفتات من الأرباح!