العقيد م. محمد بن فراج الشهري ">
استيقظت أوروبا بعد سبات عميق وتجاهل مستمر لما يحدث للعالم العربي من كوارث إرهابية, أساسها صناعة غربية أمريكية.. فقام نفيرها وأعلنت حالة الطوارئ.. وأغلق مواطنوهم شبابيكهم, واختفوا من الشوارع, واضطرب العالم بأسره, لوجود حادث في فرنسا, أو بلجيكا, أو أمريكا, ولم يضطرب العالم لأحداث فلسطين أو العراق أو سوريا المكلومة أو لبنان أو ليبيا, أو تونس, أو مصر, أو السعودية, لماذا؟ لأنها الفوضى الخلاقة التي صنعوها ليهدوها لنا، وبقدرة قادر انقلب السحر على الساحر, داعش لم تكن صناعة عربية ولا إسلامية فليست من الإسلام في شيء، بل أتت عبر مخطط جهنمي القصد منه تقسيم العالم العربي وشرذمته لأهداف لم تعد خافية ولا غير مفهومة بل هي واضحة وضوح الشمس, وتم السكوت على أعمال داعش ومنحه إشارة التوسع بل ومساندته بطرق وأساليب تكشف أكثرها للعيان حتى أصبح داعش خطرًا يجتاح الجميع.. نتيجة للغباء الأوروبي والرعونة الأمريكية والتعنت الذي تم التعامل به مع داعش.. بل وتسهيل مهمة داعش في كثير من الأمور اللوجستية والعسكرية, والدور التركي المساند للتوجه الغربي, والأحداث الأخيرة فضحت كل شيء..
الطيارون العراقيون يقولون إن الطائرات الأمريكية لا تستهدف داعش بل ترمي حمولتها في أماكن أخرى؟! حمولات النفط تعبر قوافل مسرودة يشاهدها الأحول, والأعور, والأعمى, ولا تشاهدها الطائرات الأمريكية ولا طيران التحالف.. هذه أجزاء من المؤامرة الكبرى التي تتبناها واشنطن ودول غربية أصبحت تنال بعضًا مما خبزته وصدرته للعالم العربي, وما يحصل في سوريا الآن والتداخل الروسي وحديث عن ضرورة تواجد قوات على الأرض لمحاربة داعش ماهو إلا ذر في العيون وتهيئة لتقسيم المنطقة, وشرذمتها كما هو مخطط له سابقًا, وموسكو تريد أن تلحق ببعض من نصيبها في سوريا قبل فوات الأوان.. ولنعد إلى ما قالته الصحافية الأمريكية (هيلين توماس) والتي كانت عميدة مراسلي البيت الأبيض, وأول امرأه تتولى منصب رئيس نادي الصحافة الأمريكي, والتي أيضا عاصرت العديد من رؤساء أمريكا, ورافقتهم, وغطت أنشطتهم, وكانت أجرأ صحافية في تاريخ أمريكا.. توماس قبل رحيلها كتبت مقالة خطيرة.. تم رفضها لأول مرة في تاريخها مما جعلها تصرخ في محاضرة بنادي الصحافة قائلة: «اليهود يسيطرون على إعلامنا وصحافتنا, ويسيطرون على البيت الأبيض (وهذه حقيقة لا جدال فيها ولا مراء), وأضافت «أنا لن أغير ما أؤمن به ما حييت.. الإسرائيليون يحتلون فلسطين, هذه ليست بلادهم, قولوا لهم ارجعوا لبلادكم واتركوا فلسطين لأهلها»، ثم تضيف وتقول «أني أرى بوادر حرب عالمية ثالثة, طبخت في مطبخ تل أبيب, ووكالة الاستخبارات الأمريكية, وشواهد عديدة, ما سموا ثورات الربيع العربي لهدم دول المنطقة, أول خطوة, واحتضان البيت الأبيض للإخوان, ثم ظهور تنظيم جبهة النصرة 2011م, بدعم أمريكي» وتضيف هيلين قائلة: «لا تصدقوا أن واشنطن تحارب الإرهابيين وما يسمون أنفسهم بالجهاديين, لأنهم دمية في أيدي السي أي إيه. ثم تضيف وتقول: «أنني أرى أن بريطانيا سوف تستحضر روح البريطاني ‹مارك سايس› وفرنسا سوف تستحضر روح الفرنسي ‹فرانسو ابيكو› وواشنطن تمهد بأفكارهما لتقسيم الدول العربية بين الثلاثة, وتأتي روسيا لتحصل على ما تبقى منه الثلاثة, صدقوني إنهم يكذبون عليكم ويقولون إنهم يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم وهم في الحقيقة صناع هذا الإرهاب والإعلام يسوق أكاذيبهم, لأن من يمتلكه هم يهود..»
هذه كلمات هيلين توماس منذ عامين، لقد شهد شاهد من أهلها وما قالته هيلين يتحقق عيانًا بيانًا فيما نراه اليوم وهي بكل صراحة اختصرت جميع التحليلات والفلسفات غربية أو شرقية وليتها باقية لترى صدق توقعها, ومانراه اليوم من انقلاب في توجه الإرهاب لبعض الأيدي التي أنشأته, ما هي إلا بقايا الخلايا النائمة التي انعدم التواصل بينها وبين داعش بشكل جزئي فبدأت تخبط خبط عشواء دون تركيز في كل مكان وعلى أي اتجاه؛ لأنها أحست أن الداعم بدأ يتخلى عنها في بعض الأمكنة, وشككت في نواياه, مع أنه صادق وكاذب معها في نفس الوقت, لكنها اكتوت بالنار التي أرادت أن تلعب بها.. رغم أن الاستخبارات الغربية ليست بعيدة عن صنع العديد من هذه الأحداث التي نراها في كل ساعة في الوقت الراهن، وما ذلك إلا نتاج أصابع قذرة تلعب بالسلم العالمي والأمن وتسعى للتخريب والفوضى والدمار.. وعلى العرب أن يستيقظوا قبل فوات الأوان إذ لن ينفع في خضم هذه الأحداث المتسارعة سوى التضامن العربي والتوحد في الصفوف العربية ونبذ الخلافات على الأقل مؤقتًا حتى لا تتحقق للأعداء مآربهم في تقسيم العالم العربي وشرذمته وإجهاض هذا المخطط الذي قاب قوسين أو أدنى من التحقيق..
نحن بحاجة إلى الحكمة والروية والتبصر والسياسة المتعقلة التي تسبق الحدث قبل وقوعه فهل نتعشم أن يتحقق الأمل العربي أو نعود للسبات العميق؟ الخطر قادم ولابد من عمل عربي موحد مشترك وإلا لن نكون...