المسؤولية الاجتماعية الرياضية بين المحلية والعالمية ">
تبدل الحال في العقدين الماضيين في ثقافتنا الرياضية التي نمارسها داخل أسوار الأندية وتم إقصاء الأهداف الاجتماعية والثقافية من هويتها التي كانت رياضية وثقافية واجتماعية وفي ذلك الوقت كانت العطاءات كثيرة والتَّميز متحقق على المستوى المحلي والقاري والإقليمي والتنافس على أشده في الكثير من المجالات، وبقدرة قادر ولعدم وجود خطة إستراتيجية لرياضتنا مع عدم وجود الإشراف الدقيق على نشاطاتها تم إقصاء، كل ذلك وأبقينا من الهوية على الرياضي فقط والمؤسف مع ذلك أننا لم نحقق جزءًا من طموح القيادة ولا الرياضيين خاصة ولا المواطنين عامة فالتَّميز يسجل للوطن ويفرح به أهله، وبهذا الإقصاء أصبحت بيئة الأندية التي لا تولى النشاط الاجتماعي والثقافي اهتمامًا خاصة بيئة طاردة لأن الأسر لا تريد لأبنائها أن ينخرطوا في الرياضية فقط ولكن يتطلعون أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع عن طريق ثقافة الخدمة الاجتماعية ومهنية التطوع والمشاركة في حمل معاناة المحتاجين ليكونوا كالجسد الواحد بهذا العطاء.
هذا المدخل يقودنا إلى الوقوف على واقع أنديتنا الرياضية وإيمانها بثقافة المسؤولية الاجتماعية وماذا حققت على أرض الواقع من برامج مجتمعية وفعاليات واهتمامات ومشاركات تنم عن ترجمة حقيقية لهذا الدور وسنترك للقارئ الكريم أن يترجم اهتمام ناديه في هذا الشأن حتى لا نقسو على نادي بعينه إلا إذا كانت النظرة للمسؤولية الاجتماعية الرياضية لم تتبلور بعد في المشهد الرياضي والجماهيري وهذا أمر نستبعده لأننا أمام ثورة وطنية في دعم برامجها والتشجيع عليها بل والحب الصادق في التطوع لها، ثم نقول: أين دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب في التأكيد على جميع الأندية بالعودة للهوية السابقة واندماج الأهداف الاجتماعية والثقافية بالرياضية لكي تكون الأندية مصدر إشعاع متنوع ومحضن أمان وثقة للشباب ومعين تربوي للأسرة وعامل لتنمية الوطنية للنشء وطريق إلى السلوك القويم لأبنائنا الذين تتجاذبهم المغريات والملهيات والأفكار الغريبة التي في نهايتها ما لا تحمد عقباه لهم ولنا وهذا ما لم تتكاتف تفاصيل المجتمع لإنقاذهم منها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تميز الهلال في ثقافة المسؤولية الاجتماعية، وقبلها لماذا تميز في الشأن الثقافي، لماذا هو النادي الأبرز الذي بقي على هويته الثقافية والاجتماعية والرياضية وفي كلها يحقق المركز الأول، لماذا أصبح النادي الوحيد الذي يفتخر به حتى من لا ميول له لتشجيعه ولكن لأنه شرف الوطن في كل مناسباته التي يشارك فيها رياضيًا واجتماعيًا، هو ذلك النادي الذي أطلق عشرات البرامج للمسؤولية الاجتماعية سواء لجماهيره أو للمجتمع الخارجي الفردي أو المؤسسي، وهو كذلك النادي الذي أطلق ضمن لجنته الثقافية مسابقات تحفيظ القرآن واستضافة العلماء وطلبة العلم لإلقاء محاضرات توعوية وتثقيفية في النادي، وهو النادي الذي مد يده للجمعيات الخيرية للمساهمة في تحقيق أهدافها عبر قاعدته الجماهيرية العريضة ولاعبيه وأعضاء مجالس الإدارة وأعضاء الشرف من أصحاب السمو ورجال الأعمال والوجهاء، ولا ننسى سعي النادي الأهلي ونادي الشباب في تحقيق رسالتهم الاجتماعية وإن كان المأمول أكبر.
ما تقدم كله ضمن التطلع في تحقيق ثقافة المسؤولية الاجتماعية الرياضية في الداخل التي نال نادي الهلال جائزة المركز الأول محليًا في عام 2014 م، وفوق ذلك حقق الهلال العالمية وفاز بالمركز الأول على أندية العالم واختيرت خمسة من برامج المسؤولية الاجتماعية في النادي كبرامج إبداعية وأخلاقية على مستوى العالم، وذلك في مؤتمر الإبداع الاجتماعي والأخلاقيات العالمي بجنيف، وهو إنجاز للوطن ويستحق معه عن جدارة لقب العالمي الحقيقي، والمحزن أن هذه الجائزة التي شرفت الوطن والرياضيين لم تأخذ البعد الذي تستحقه ولم يُحتفي بالنادي كما يجب ولم يُعط الإعلام بكافة أنواعه لهذه الجائزة الضوء المواكب لأهميتها، ولم تُبرز كما يجب كي نخلق بها القدوة الحسنة لأنديتنا لعلنا في العام القادم نحتفل بنادٍ آخر، ولم تستفد الأندية من تلك المسيرة والبرامج الإبداعية التي تستطيع أن تستنسخها وتطبقها مباشرة وتجني مع المجتمع ثمارها، ولم نر لرئاسة الشباب ولجنة المسؤولية الاجتماعية ردة فعل إيجابية تجاه الجائزة.
ختامًا، ما لم تتغير إستراتيجية الرئاسة العامة لرعاية الشباب في دفع الأندية لبرامج المسؤولية الاجتماعية والثقافية فإننا لا نستطيع أن نقول إن ثقافة مجالس الإدارة في أنديتنا الرياضية ستكون كثقافة مجالس الإدارة في نادي الهلال ولأكثر من ثلاثة عقود وسبب هذا النجاح أنها وضعت ذلك ضمن إستراتيجيتها التي لا تتراجع عنها وأفردت لها فريق عمل وجهازًا إداريًا يتابع فاعليتها ويطرح الجديد من البرامج حتى قادها هذا التَّميز للعالمية الحقيقية، كذلك تستطيع الأندية لتنفيذ هذه البرامج بأن تشارك القطاع الخاص وتفتح له المجال في تقديم الرعاية والدعم مقابل منافع متبادلة يتم الاتفاق عليه وقطاعات الأعمال أصبحت تؤمن كثيرًا بمسؤوليتها الاجتماعية وتدعم كل ما من شأن خدمة الموطن والمواطن ولكن وفق سياسة واضحة ورسالة دقيقة ورؤية حقيقية وأهداف يمكن تطبيقها وقياسها وفئة مستهدفة يمكن معرفة أثر البرامج الاجتماعية عليها كذلك يؤمن القطاع الخاص بمشروعات الاستدامة في خدمة المجتمع وعلى الأندية العمل على ذلك بجدية.
- فهد بن أحمد الصالح