قادة دول مجلس التعاون الخليجي يبدؤون قمة الرياض الـ(36) ">
الرياض - وكالات:
بدأ قادة دول مجلس التعاون الخليجي القمة الـ36 في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في مرحلة من الأكثر دقة بالنسبة للدول المنشغلة بالنزاعات في اليمن وسوريا وانخفاض أسعار النفط. ومن المتوقع أن تعلن القمة تأييدها لجهود توحيد مختلف أطياف المعارضة السورية المدعومة من معظم دول الخليج والتي بدأت أمس في الرياض أيضاً اجتماعاً للاتفاق على رؤية مشتركة من الحل في سوريا تمهيداً لمفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
كما تأتي القمة الخليجية قبل أيام من مباحثات في سويسرا بين طرفي النزاع اليمني الذي حصد آلاف الضحايا خلال أشهر، وحيث تنخرط دول خليجية عدة في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين دعماً للرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويقول الباحث اليمني الزائر في مركز كارنيغي الشرق الأوسط فارع المسلمي لوكالة فرانس برس: تأتي هذه القمة بينما يشهد الخليج واحدة من سنواته الأكثر دقة.. ويرى وجود «تباين داخلي» بين دول مجلس التعاون، السعودية والإمارات والبحرين والكويت وقطر وعمان، في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها.
ومن أبرز هذه التحديات الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران التي تجمعها علاقة خصومة وتباين مع عدد من الدول الخليجية.
وسيرفع الاتفاق عن كاهل نظام ملالي إيران وطأة عقوبات اقتصادية دولية مفروضة عليها منذ أعوام، في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وتنظر دول خليجية أبرزها المملكة العربية السعودية، بعين الريبة إلى تنامي نفوذ إيران في الشرق الأوسط والخليج، لا سيما في اليمن، حيث تدعم الرياض الرئيس هادي مقابل تأييد إيران للحوثيين، وفي سوريا حيث تدعم الرياض المعارضة مقابل دعم طهران للنظام.
ويرى نيل بارتريك، مؤلف كتاب عن السياسة الخارجية السعودية يصدر الشهر المقبل، أن «التحدي الأساس الذي يواجه قمة دول مجلس التعاون، كالعادة، هو ضمان جبهة موحدة حيال التحديات الإستراتيجية الأساسية في المنطقة».
«دعم عام» للمعارضة السورية
وتتزامن القمة مع انطلاق أعمال مؤتمر يجمع قرابة مئة شخصية من مختلف الأطياف السياسية والعسكرية للمعارضة السورية، وتريده المملكة لتوحيد المعارضة حول رؤية مشتركة حيال الحل السياسي قبل مفاوضات محتملة مع نظام الرئيس بشار الأسد.
وكانت دول كبرى بينها الولايات المتحدة والسعودية وروسيا وإيران اتفقت في فيينا الشهر الماضي على خطوات لإنهاء النزاع الذي أودى بحياة أكثر من 250 ألف شخص، تشمل تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات يشارك فيها سوريو الداخل والخارج.
كما تأمل هذه الدول في عقد مباحثات بين النظام والمعارضة بحلول الأول من كانون الثاني - يناير.
وشهدت الأعوام السابقة تجاذبات وصراعات على النفوذ بين دول خليجية داعمة للمعارضة، لا سيما قطر والسعودية، للاستئثار بولاء هذه المعارضة.
ويرى بارتريك أن ما يمكن أن يخرج به مؤتمر القمة الخليجية في موضوع النزاع السوري هو الإعراب عن «دعم عام» للمعارضة.
وتُعد المملكة العربية السعودية من أبرز الدول المطالبة برحيل بشار الأسد.
وأعلن وزير الخارجية عادل الجبير نهاية تشرين الثاني - نوفمبر أن الخيار العسكري لا يزال مطروحاً لتحقيق ذلك. وفي اليمن، تقود المملكة العربية السعودية منذ آذار - مارس الماضي تحالفاً عربياً بدأ بتوجيه ضربات جوية ضد المتمردين الحوثيين وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس المعزول علي عبد الله صالح، قبل أن يقدم بدءاً من الصيف دعماً ميدانياً مباشراً لقوات عبد ربه منصور هادي.
وتشارك الدول الخليجية في هذا التحالف، باستثناء عمان التي شاركت في التوسط لإنهاء النزاع الذي أودى بقرابة 5700 شخص منذ آذار - مارس ووفرت مكاناً للقاء المتنازعين.
ويقول بارتريك إنه يفترض «توقع القليل جداً في ما خص اليمن»، مرجحاً أن تعيد الدول الخليجية تأكيد دعمها للقوى «الشرعية».
وترعى الأمم المتحدة جولة جديدة من المفاوضات بين طرفي النزاع اليمني في سويسرا في 15 كانون الأول - ديسمبر الجاري، يمكن أن تترافق مع وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
وترى الباحثة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «تشاتم هاوس» جاين كينينمونت أن صراع النفوذ بين دول الخليج أضعف قدرتها على العمل الجماعي لمواجهة الأزمات الإقليمية.. وتضيف: هم في حاجة إلى خطاب مشترك أكثر وضوحاً تجاه تهديدات إقليمية محورية، مشيرة إلى أن التعاون بين الدول الست تركز خلال الأعوام الماضية على الشؤون الاستخبارية والأمنية، بدلاً من تحقيق اندماج أكبر في ما بينها الذي كان أحد الأهداف الأساسية لتشكيل المجلس.
على المستوى الاقتصادي، تواجه الدول الخليجية التي تعتمد بشكل أساس على مداخيل تصدير النفط، الانخفاض الكبير الذي يطاول أسعاره منذ العام الماضي.
وتعتبر كينينموت أن هذا الانخفاض يجب أن يجعل قادة دول مجلس التعاون يركزون على الاندماج الاقتصادي وتطوير البنى التحتية المشتركة.
وخسر برميل النفط أكثر من خمسين بالمئة من سعره منذ حزيران - يونيو 2014.
وسجلت أسعاره الثلاثاء أكبر انخفاض لها منذ سبع سنوات بسبب تخمة العرض وضعف الطلب.
وبدأت دول خليجية باعتماد إجراءات تقشف محدودة في ظل انخفاض أسعار النفط، مع توقع صندوق النقد الدولي انخفاض عائدات هذه الدول بنحو 275 مليار دولار هذه السنة.