الجزيرة - القسم السياسي:
لم تواجه دول مجلس التعاون بشكل عام أو بشكل خاص مخاطر دولة منذ عام 1979 وحتى الآن، مثلما تواجهه من مخاطر مشروع إيراني متكامل له أدواته وآلياته وثوابته وغرضه مد النفوذ وبسط الهيمنة الإقليمية على كل دول المنطقة.
خطورة المشروع الإيراني، الذي يقنن ويؤطر للتدخلات في الشأن الوطني للدول تنبع من عدة أمور، أبرزها أنه قديم من الناحية التاريخية وبعمر انطلاق الثورة الإيرانية ذاتها التي انطلقت في أواخر سبعينيات القرن الماضي، كما أنه يستند إلى أسس دستورية وقانونية تضفي عليه شيئًا من القدسية والالتزام الواجب على مؤسسات الدولة كافة هناك القيام به، خاصة أن هذا المشروع يرتكز على مبدأ «تصدير الثورة» وعلى حماية ما تزعم طهران بتسميته «المستضعفين في الأرض».أما فيما يتعلق بآليات وركائز تنفيذ المشروع الإيراني تستند إلى عدة عوامل منها: العوامل الجيوإستراتيجية، بالنظر إلى أن إيران دولة بحرية تحاول الاستفادة من موقعها ومساحتها الجغرافية التي تتحكم بدورها في أحد أهم الممرات البحرية الحيوية في العالم، وليس في الإقليم فحسب.
إيران تنفق 34 في المائة من إجمالي الميزانية العسكرية الحقيقية على الدفاع بينما توجه 65 في المائة من ميزانيتها على الحرس الثوري، وهو القوة شبه العسكرية التي تقوم بدعم كافة «الجماعات دون الدول» في منطقة الشرق الأوسط، لافتًا إلى أن الصفقة النووية الأخيرة مع الدول الغربية سوف تزيد من ميزانية الدفاع العسكري الإيراني بحوالي 5% وميزانية الحرس الثوري بحوالي 50% .
التدخلات الإيرانية في البحرين
تشهد البحرين تدخلاً علنيًا في شؤونها الداخلية من خلال الدفع المادي للفئات المعارضة في البحرين وتحريضهم على الأعمال الإرهابية التخريبية ضد الأبرياء لزعزعة الأمن أو من خلال الدعم المعنوي الذي تقدمه من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين وتدخلهم في سبل تعامل الحكومة البحرينية مع شعبها.
فالأعمال الإرهابية التي نفذها المخربون في البحرين التي كشفت الحكومة البحرينية عن دلائل ملموسة تثبت التدخل الإيراني فيها قد أزهقت مئات الأرواح البريئة (وقد تم الكشف عن تدخلال إيران لتلك الجماعات من خلال التدريب على تنفيذ تلك العمليات أود من خلال الدعم المادي أو الدعم بالسلاح إضافة إلى إرسال مستشارين لتنفيذ تلك العمليات). وقد كانت قد ذكرت تقارير دولية أن التدخلات الإيرانية في البحرين وصلت حدًا خطيرًا وتهدد بتفجير عنف طائفي وإن هناك أدلة كثيرة على أن إيران قد زادت من دعمها للعناصر المتطرفة في البحرين، وقد ربطت تلك التقارير بين العمليات الإرهابية الأخيرة باستخدام مواد شديدة الانفجار وبين عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات من إيران إلى البحرين.. وقد استدل التقرير على أن جميع العمليات الإرهابية تنطلق من الأحياء المدعومه من إيران كقتل شرطيين وأصيب ستة آخرون في هجوم في منطقة سترة، وقبل هذا الهجوم، تم اكتشاف كميات كبيرة من المتفجرات والأسلحة الشبيهة، وكانت تلك التقارير قد استعرضت عددًا من عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات من إيران إلى البحرين.
التدخلات الإيرانية في الكويت
وجدت التدخلات الإيرانية في دولة الكويت صداً كبيرًا من الشعب الكويتي الرافض لمثل تلك التفرقة بين أبنائه وأثارت النعرات الطائفية بشكل خاص، ورفض دولي بشكل عام.
فأخر تلك التدخلات التي اكتشفها الأمن الكويتي هي «خلية العبدلي» واعترافات أعضائها بتلقي دعم مادي ومعنوي وتمويلهم بالأسلحة من خلال تهريبها سواءً عن طريق البحر أو عن طريق العراق الخاضع للهيمنة الإيرانية، وكشفت المعلومات أن كمية الأسلحة المكتشفة تضم 19 ألف كيلوجرام من ذخيرة متنوعة، و144 كيلوجرامًا متفجرات من مادتي «بي أي 4» و»تي أن تي» شديدتي الانفجار ومواد أخرى، و65 قطعة سلاح، و204 قنابل يدوية، إضافة إلى صواعق كهربائية.
وطالب الشعب الكويتي الحكومة العمل على حماية الكويت وأهلها من التدخلات الخارجية خاصة التدخلات الإيرانية في الكويت والإقليم العربي الذي بات يعاني من هذه التدخلات التي أسهمت بكثير من الحروب والقتل في البلدان العربية مثل العراق واليمن وسورية، مناشدين الحكومة بأجهزتها المختلفة اتخاذ الإجراءات اللازمة والخطوات الضرورية لحماية أمن الكويت وحفظ استقرارها.
كما كشفت مصادر كويتية أن عناصر الخلية التي تعرف باسم «خلية حزب الله» بالكويت تم ضبطها مؤخرًا مع كمية كبيرة من الأسلحة كانت قد تلقت تدريبات عسكرية على يد عناصر من الحرس الثوري الإيراني في إحدى الجزر الواقعة في البحر الأحمر قبالة ميناء ميدي اليمني الذي يسيطر عليه الحوثيون، وكان المتهمون الذين تم ضبطهم ضمن الخلية اعترفوا بأنهم تلقوا تدريبات على كيفية استخدام القذائف الصاروخية «آر بي جي»، والمواد المتفجرة في مواقع عسكرية تابعة للحرس الثوري في إيران قبل عام.
إيران لم تكتف بتلك التدخلات بل رغبت بأن تعيد التاريخ باحتلالها الجزر الإماراتية حيث أشعلت نار أزمة جديدة بينها وبين دول الخليج بسبب حقل الدرة النفطي، الواقع في المنطقة البحرية المتداخلة التي لم يتم ترسيمها بين الكويت وإيران.
وقد بدأت الأزمة بعد طرح وزارة النفط الإيرانية مسودة مشروعين أمام الشركات الأجنبية لاستخراج النفط والغاز من حقل الدرة.
ويقع حقل الدرة، أو كما يسميه الإيرانيون حقل «أراش»، شمال الخليج، على شكل مثلث مائي، الجزء الأكبر منه يقع على الحدود المشتركة بين الكويت والسعودية، كما يقع جزء مشترك من الحقل مع الجانب الإيراني، وقد توصلت الرياض والكويت لاتفاق بشأن الحدود البحرية بينهما العام 2000 فيما أنه لم يتم البت في حدود هذا الحقل بين الكويت وايران.
التدخلات الإيرانية في السعودية
تصدت المملكة لكافة التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية بحزم وقوة، وذلك من خلال وأد كافة محاولات الأعمال الإرهابية قبل تنفيذها، وإن دل ذلك فيدل على قوة الأمن السعودي في كافة فروعه وعمله الدؤوب في حماية المملكة من تلك الأفعال.
اكتشاف القوات السعودية مؤخرًا لأسلحه وأموال إيرانية ما هو إلا دليل واضح لمساهمة إيران إلى زعزعة الأمن في المملكة وترويع أبناء الشعب السعودي والمقيمين، وجهود المملكة لقطع كافة السبل التي تسعى إيران إلى اتخاذها من أجل زرع الفتنة ودعم الفئات الضالة الإرهابية وإحياء النعرات الطائفية، هي دليل على متانة وترابط قوات الأمن السعودي مع أبناء الشعب.
طهران كانت قد احتوت جميع الطوائف من أجل دعمها لتنفيذ سياستها التخريبية في المنطقة فقد أوجدت مواقع لتدريب أعضاء القاعدة وإيوائهم وتقديم الدعم المادي والمعنوي لهم، وتوفير غطاء أمني لهم، وفي المقابل أيضًا كانت تدعم عددًا من الإرهابيين الشيعة وتمدهم بالأسلحة والاستشارات والأموال من أجل تنفيذ عملياتهم التخريبية في مناطق المملكة وبالأخص في المنطقة الشرقية.
القاعدة وداعش ما هي إلا أداة لتنفيذ جزء من أهداف إيران والكل رأى ما قامت به داعش من تفجيرات بالمنطقة الشرقية كان هدفها إثارت النعرات الطائفية وزعزعة استقرار المجتمع.
وإذا عدنا للتاريخ نكتشف العمليات الإرهابية التي تم تنفيذها في المنطقة الشرقية كانت بدعم مادي ومعنوي إيراني ونستدل بذلك على حادثتي تفجير أبراج الخبر في الظهران عام 1996 وتفجير منشآت شركة صدف البتروكيماوية في مدينة الجبيل، إضافة إلى زراعة عدد من المتفجرات في معامل التكرير في رأس تنورة ورأس الجعيمة وشركات البترول والبتروكيماويات في شرق المملكة، حيث تمكنت الحكومة من تفتيت خلايا الحزب واعتقلت كثيرًا من أفراده.
ومن الجهود التي قامت بها طهران من أجل زعزعة الأمن السعودي إنشاؤها لخلية «حزب الله الحجاز» أو «حزب الله السعودي» هو الذراع العسكري لإيران في شبه الجزيرة العربية، وهي منظمة سياسية أسسها عدد من الشيعة المغرر بهم بدعم من إيران وسوريا وحزب الله اللبناني.
استعراضات عسكرية للقدرات الإيرانية
دائمًا ما تسعى طهران إلى الاستعراض بما تمتلكه من قدرات عسكرية وعرضها بشكل مبهر من أجل إثارة الرعب بقوتها، متناسية القدرات التي تمتلكها القوات الخليجية التي تجعلها من القوى العسكرية الكبيرة على مستوى العالم أجمع، إيران غالبًا ما يكون استعراضها العسكري من خلال احتفالات تقيمها في مناسبات معينة مثل يوم الجيش، إضافة إلى استعراضات إيران البحرية، الذي أقيم في وزارة الدفاع الجوي للجيش الإيراني الذي تضمن استعراض قدرات إيران العسكرية ومنها (منظومة «فتح2» الرادارية - أنظمة «بسيو 10 شهريور» الرادارية- أنظمة «خيبر» المعلوماتية- أنظمة «دي. زد» (DZ)- منظومة «باصر2» المعلوماتية - منظومة «توبو استر» - منظومات «رسول» و»فكور» و»شهاب» الاتصالاتية وصواريخ «اس 200» - منظومة «تلاش» الصاروخية وأنواع الرادارات منها «كاوش» و«هادي» و«هاغ»).
احتلال الجزر الإماراتية
مع إعلان بريطانيا عن انسحابها من الخليج العربي، ومع اقتراب نهاية عام 1971م وقبل 48 ساعة من إعلان الاتحاد؛ يوم الثلاثاء 30 نوفمبر 1971م، هاجمت القوات الإيرانية جزيرة طنب الكبرى بحرًا وجوًّا، بعد محاصرتها من كل الجهات وإحاطتها بسياج من الدبّابات، وتم إنزال آلاف الجنود المدجّجين بالسلاح، وسيطروا عليها سيطرة تامّة بقوّة السلاح، كما احتلت جزيرة طنب الصغرى، حيث سيطرت إيران على جزيرة طنب الصغرى بسهولة، أما احتلال جزيرة أبو موسى فقد اختلف الوضع بالنسبة لجزيرة أبو موسى، حيث جرت مفاوضات بين المقيم البريطاني (وليم لوس) وحاكم الشارقة سمو الشيخ خالد بن محمد القاسمي، واقترح لوس على حاكم الشارقة: إن تقسم الجزيرة بين إيران والشارقة، ورفض سمو الشيخ خالد بن محمد الاقتراح المجحف بحق الشارقة في جزيرتها. إلا أن إيران لم تتوان عن إنزال قواتها في الجزء المخصص لها في جزيرة أبو موسى من قبل البريطانيين.